قصة يونس - الجزء الثاني والعشرون


قصة يونس – الجزء الثاني والعشرون

خلص النقاش في الجزء السابق من هذه المقالة إلى افتراء الظن بأن الاصطفاء (والاجتباء) الإلهي لرسله جميعا قد حصل في تلك الليلة المباركة التي هي خير من ألف شهر. فالله (نحن نكاد نجزم الظن) قد أصفى نوحا وإبراهيم وموسى ومحمدا كرسل له إلى العالمين في تلك الليلة نفسها. كما نكاد نجزم الظن بأنه في تلك الليلة المباركة ولد المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته. انتهى.

السؤال: أين تم ذلك؟ كيف يتم ذلك؟

جواب مفترى خطير جدا جدا: نحن نفتري الظن بأن هذا قد حدث في مكان محدد بعينه. فلو أمعنا التدبر في الكرة الأرضية لما وجدنا الليل يغطيها جميعا في آن واحد، ولا نجد أن النهار يكون مبصرا فيها جميعا في آن واحد. فعندما يكون الليل في منطقة الشرق الأوسط يكون الظلام قد حلّ قبل ذلك في أدنى الأرض (أي الشرق) ولكن النور لازال قائما في الغرب. ليكون السؤال الآن هو: أين هي تلك الليلة مادام أن الليل لا يحل إلا على بقعة محددة من الأرض في الوقت الواحد. فهل تبقى تلك الليلة المباركة تتنقل ما انتقل الليل إلى مكان ما؟ أي هل تكون في الشرق الأوسط في هذه الساعة حيث يكون الليل واقعا فيها ثم تنتقل مع الليل حتى تطوف أركان المعمورة جميعا؟ أم هل هي في مكان محدد على الأرض لا تنتقل إلى غيره حتى وإن انتقل إليه الليل؟

جواب مفترى: نحن نظن أن تلك الليلة تحصل في بقعة جغرافية محددة على الأرض ولا تنتقل إلى غيرها

السؤال: لماذا؟

رأينا المفترى: بداية لابد لنا من فهم معنى مفردة "ليلة" الواردة في الآيات الخاصة بتلك الليلة على وجه التحديد، قال تعالى:

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)
السؤال: ما الذي يمكن أن نفهمه من ذلك؟

رأينا المفترى: نحن نظن بأن مفردة لَيْلَةِ الواردة في هذه الآيات الكريمة تدل على المفرد، فهي إذن ليلة واحدة، أليس كذلك؟

السؤال: ما الذي نستفيده من القول بأن مفردة لَيْلَةِ الواردة في هذه الآيات الكريمة تدل على المفرد؟ وهل يخفى ذلك على أحد؟

رأينا: لو تدبرنا آيات الكتاب المبين الأخرى، لوجدنا بكل يسر وسهولة أن مفردة "ليلة" تجمع (نحن نظن) على "ليال":

قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)

مفرد (ليلة) جمع (ليال)

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3)

قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)



ثانيا، لو تدبرنا السياقات القرآنية التي وردت بها مفردة ليلة (وليال) لوجدنا أنها تترافق في كثير من السياقات القرآنية مع مفردة اليوم (وأيام):

وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18)

سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)

نتيجة مفتراة 1: هناك ليلة واحدة (مفرد):

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3)

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)

نتيجة مفتراة 2: هناك ليال (جمع):

وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)

وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ (51)

وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)

وبالمقابل هناك يوم:

وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (281)
وهناك أيام:

وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18)

سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)

السؤال: ما معنى ذلك؟

جواب مفترى من عند أنفسنا: نحن نظن أن اليوم والليلة يكملان بعضهما البعض لينتج عنهما الشهر الشمسي (أي فترة إشهار الشمس نفسها دورة كاملة – 24 ساعة)

ليلة
ليال
يوم
أيام
يوم + ليلة = شهر (24 ساعة)


السؤال المربك: إذا كانت الليلة هي التي تكمل اليوم، فما هو الليل إذن؟ وكيف تختلف ليلة (وليال) عن الليل؟

رأينا المفترى: دعنا ندقق التفكر في الآيات الكريمة التالية أولا:

وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33)

وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17)

وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)

وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)

وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)

وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)

وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)


السؤال: ما الفرق بين "ليلة" (التي تجمع على ليال) والليل؟ وما جمع مفردة الليل؟

مفرد
جمع
ليلة: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3)
ليال
ليل: وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)
؟


جواب مفترى من عند أنفسنا: نحن نظن أن مفردة "الليل" تختلف بشكل كبير عن مفردة الليلة، وأول هذه الاختلافات هي أن مفردة "الليل" تدل على المفرد والجمع معا، فالمفردة تستخدم بنفسها في حالة الحديث عن المفرد (أي ليل واحد) وعن الجمع (أي أكثر من ليل واحد)، قال تعالى:

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)

الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (274)

تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)

لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190)

وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13)

وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (60)

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76)

فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)

إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)

إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)

وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67)

قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81)

وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)

وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)

سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)

وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)

فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65)

وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)

وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12)

أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)

وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79)

فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ (130)

يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)

قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَٰنِ ۗ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ (42)

ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61)

وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)

يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ (44)

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62)

أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86)

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71)

وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73)

وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23)

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29)

وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا ۚ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (13)

وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37)

لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)

وَبِاللَّيْلِ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5)

أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)

اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61)

وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)

فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ۩ (38)

وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)

وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)

كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)

وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۚ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6)

قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)

إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)

إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ ۙ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (20)

ثانيا، لو تدبرنا الآيات الكريمة السابقة جميعها لوجدنا أن مفردة الليل تأتي مصاحبة لمفردة النهار فقط:

مفرد
جمع
الليل: وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)
؟
النهار: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)
؟

ثالثا، كما أن مفردة الليل تستخدم للمفرد والجمع معا، فإن مفردة النهار (المصاحبة لها) تستخدم للمفرد والجمع أيضا:

مفرد
جمع
الليل: وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)
الليل
النهار: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)
النهار

لتكون النتيجة التي نريد أن نفتريها الآن هي أن الليل يكمله النهار، وأن النهار يكمله الليل، فيكملان بعضهما البعض ليكونا شهرا شمسيا (24 ساعة)

مفرد
جمع
ليل
ليل
نهار
نهار
ليل + نهار = شهر (24 ساعة)


وبمقارنة ذلك ع ما افتريناه سابقا بخصوص الليلة واليوم كما في الجدول السابق الذي نعيده هنا لتوضيح الفكرة:

مفرد
جمع
ليلة
ليال
يوم
أيام
يوم + ليلة = شهر (24 ساعة)


فإننا نظن (بناء على فهمنا لما جاء في هذه الآيات الكريمة) أن باستطاعتنا تقديم الافتراءات التالية التي هي لا شك من عن أنفسنا:

- الليل هو ما يقابل النهار، فالليل يكمل النهار والنهار يكمل الليل، فتكون الدورة كاملة هي شهر شمسي (أي أربع وعشرين ساعة):

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۚ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6)
- تستخدم مفردة الليل كما تستخدم مفردة النهار" لتدل على المفرد والجمع، فالليل الواحد هو ليل وأكثر من ليل واحد هو ليل، وكذلك هو النهار، فالنهار الواحد هو نهار، وأكثر من نهار واحد هو أيضا نهار

- أما الليلة فهي ما يقابلها اليوم ، فالليلة يكملها اليوم واليوم تكمله الليلة، فتكون الدورة معا هي شهر شمسي (أي أربع وعشرين ساعة):

سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)
- الليلة واحدة تجمع على ليالي

- اليوم واحد يجمع على أيام

ليل (مفرد)
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65)
ليل (جمع)
فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ۩ (38)
نهار (مفرد)

نهار (جمع)
ليلة (مفرد)
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3)
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)
ليال (جمع)
وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)
يوم (مفرد)


أيام (جمع)


باب الليلة واليوم مقابل باب الليل والنهار

الجزء الأول: الليلة واليوم

لما كنا نعتقد جازمين أن اليوم لا يبدأ ولا ينتهي مع الشمس، وذلك لأن اليوم هو الوقت الذي نصوم فيه:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184)
ومن فاته يوم من رمضان فعليه أن يقضيه في يوم آخر:

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)
فإن الليلة لا تحدد بالشمس أيضا.

نتيجة مفتراة مهمة جدا: لا يتحدد اليوم والليلة بطلوع وغياب الشمس وإنما يحددان بطلوع الفجر، فما أن يطلع الفجر حتى تنقضي الليلة ويبدأ اليوم (وقت الصيام)

نتيجة مهمة جدا: يبدأ اليوم مع طلوع الفجر وليس مع طلوع الشمس، وهنا تكون ليلة الصيام قد انقضت، فلا يصح بعدها الأكل والشرب والرفث إلى النساء حتى إتمام الصيام إلى الليل:

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)
نتيجة مهمة: لا ينتهي اليوم مع غياب الشمس وإنما بعد ذلك بوقت قصير، وهو حتى يتم الصيام إلى الليل.

نتيجة خطيرة جدا جدا: نحن نظن أنه لا يجوز للصائم أن يفطر مع غياب الشمس مباشرة، ولكن عليه أن يتم الصيام إلى الليل، أي يجب أن ينتظر وقتا قليلا حتى يبدأ الليل يمد غشاوته:

وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)
ولا يجب الانتظار كثيرا بعد ذلك لأن الليل يكون حينها قد سجى:

وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)
نتيجة مهمة: وقت إفطار الصائم هو الوقت الذي يقع بعد مد الليل غشاوته ولكن قبل أن ينشر سجاه

الجزء الثاني: الليل والنهار

في حين أن الليلة واليوم لا يحددان بطلوع وغياب الشمس، فإننا نفتري الظن من عند أنفسنا بأن الشمس هي التي تحدد لنا الليل والنهار، فما أن تطلع الشمس حتى يكون النهار مبصرا، وما أن تغيب حتى يبدأ الليل، فتكون الشمس بذلك هي الدليل على تعاقب الليل والنهار، فالنهار يبدأ مع طلوع الشمس وينتهي مع غيابها. عندما تطلع الشمس يكون الصبح قد تنفس:

وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)
وعندما تغيب يحل الليل وقد عسعس:

وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17)
خروج عن النص في استراحة قصيرة: باب المجاز والحقيقة

غالبا ما اقتبس أهل العلم هذا المثال للتدليل على ضرورة تفسير بعض الآيات القرآنية تفسيرا مجازيا، ومراد قولهم هو كيف يمكن أن نفهم على الحقيقة أن الصبح فعلا يتنفس، أليس ذلك قولا مجازيا؟

رأينا: لما كنا نرد التفسيرات المجازية كلية، ولا نقبل بها في النص القرآني لظننا أن كلام الله حقيقي لا يمكن أن يكون فيه شيء من الباطل (الكذب)، فإننا ندين للطرف المقابل بتفسير كيفية تنفس الصبح أو عسعسة الليل مثلا.

السؤال: كيف يمكن تفسير ذلك على الحقيقة؟

رأينا: بداية نحن نظن أن التقابل واضح في الآيتين الكريمتين:

وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)
فالليل هو ما يقابله الصبح وكلاهما يحددان بظهور الشمس وغيابها، فمتى ظهرت الشمس حلّ الصباح ومتى غابت بدأ الليل، أليس كذلك؟

ثانيا، نحن نظن أن العسعسة (وهو ما يقوم به الليل) يقابلها التنفس (وهو ما يقوم به الصبح)، لذا فإن العسعسة هي – برأينا- العملية العكسية للتنفس. فإذا ما استطعنا أن نفهم واحدة استطعنا أن نفهم الأخرى لأنها الصورة المقابلة لها (أي mirror image باللسان الأعجمي).

السؤال: ما هي العسعسة؟ أو ما هو التنفس؟

رأينا: غالبا ما ظن الناس أن التنفس هو عملية الشهيق والزفير التي يقوم به الإنسان لاستنشاق الهواء وإخراجه من جسمه بعد ذلك. فالإنسان يأخذ الهواء من الجو ويحجزه في رئتيه بعضا من الوقت ثم يقوم بنفثه في الهواء من جديد وهكذا. لكن هل فعلا هذه هي عملية التنفس؟ هل هي عملية ميكانيكية بحت؟

جواب مفترى: كلا وألف كلا، فالعملية ليست فقط عملية ميكانيكية ولكنها أيضا عملية كيميائية، فعندما يقوم الإنسان باستنشاق الهواء فهو يبحث فيه عن غاز الأكسجين على وجه التحديد وعندما يحجزه في رئتيه بعضا من الوقت فإنه يقوم بتحويل جزء كبير منه إلى غاز ثاني أكسيد الكربون، لذا فعملية التنفس هي عملية تحويل الهواء من حالة غازية (أكسجين) إلى حالة غازية أخرى (ثاني أكسيد الكربون)، أليس كذلك؟

والآن تصور معي عزيزي القارئ لو أنك وجدت في جو يخلو من غاز الأكسجين وحاولت أن تتنفس، فما الذي سيحصل لك؟ ألن تشعر بالاختناق؟ هل تستطيع أن تصبر على ذلك وقتا طويلا؟

جواب مفترى: كلا وألف كلا. وذلك لأن نقص غاز الأكسجين سيجعلك تشعر بالضيق ووجوده بعد ذلك سيجعلك تشعر بالانفراج، أليس كذلك؟

نتيجة مهمة جدا جدا: نقص غاز الأكسجين في الجو يجعل البيئة المحيطة بيئة مشجعة على التثبيط والضيق كما في التصوير القرآني التالي:

فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (125)
ولكن ازدياد غاز الأكسجين يجعل البيئة المحيطة مشجعة على الراحة والانفراج، أليس كذلك؟

والآن ما الذي يحدث في الجو في فترة ظهور الشمس (الصبح) وغيابها (الليل)؟

جواب مفترى: ألم نتعلم في الصف الخامس ابتدائي (ب) بأن عملية التمثيل الضوئي تحدث مرتين في اليوم: مرة في الضوء عندما تشرق الشمس ثم تنقلب في الليل عندما تغيب الشمس. فما الذي يحصل في كل مرة؟

جواب مفترى: ألا تصبح النباتات تأخذ ثاني أكسيد الكربون عندما تشرق الشمس وتبعث بدلا منه غاز الأكسجين، فتزداد كمية الأكسجين في الجو، فيشعر الإنسان بالارتياح، أليست تلك إذن عملية تحول كيميائي للغاز الموجود في الجو، فيتحول من ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين مما يؤدي إلى الشعور بالارتياح؟ ألم تخرج عزيزي القارئ مرة من بيتك إلى شرفة المنزل في الصباح البكر لتستنشق الهواء فتشعر بالراحة والنظافة في الجو قبل أن يلحق به التلوث فيما بعد. أليس ذلك هو تنفس الصبح:

وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)
والآن ما الذي يحصل عند مغيب الشمس، ألا تبدأ النباتات بعملية معاكسة تماما: تبدأ تأخذ الأكسجين وتنفث بدلا منه ثاني أكسيد الكربون في الجو: ألا يبدأ الأكسجين بالتناقص من الجو الخارجي حتى يشعر الإنسان بالكتمان وضيق الصدر: ماذا لوجدت نفسك في مكان معتم تماما؟ ألا تشعر بالضيق والحرج؟ وماذا لو كنت محاطا في ذلك المكان المعتم بالنباتات؟ ألن تنافسك على كمية الأكسجين المتوافرة من حولكم؟ ألم تكن النصيحة العلمية أن لا تنام في مكان معتم محكم الإغلاق مع النباتات؟ ألن يؤدي بك ذلك إلى الاختناق أو على الأقل صعوبة التنفس؟ أليست تلك إذن هي عسعسة الليل؟

وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17)
من يدري؟!!!

عودة على بدء: الليل والنهار: وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) ) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)

لما كانت الشمس هي المحددة لليل والنهار، كان الاختلاف في الليل والنهار حاصلا:

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190)

إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)

وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)

وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)

فطول فترة النهار وطول فترة الليل ليست واحدة على مدار السنة كلها، فالنهار والليل لا يتقاسمان الشهر الشمسي مناصفة ثابتة (12 ساعة مقابل 12 ساعة لكل منهما على الدوام). فالنهار في أيام الصيف – لا جدال- أطول من الليل، ولكن الصورة تنعكس تماما في أيام الشتاء، وهي (لا شك) تتدرج بين ذلك، فيتناقص النهار كلما اقتربنا من الشتاء ويزداد كلما اقتربنا من الصيف، والعكس صحيح بالنسبة لليل، فهو يزداد كلما اقتربنا من ذروة فصل الشتاء (21 كانون أول) ويتناقص كلما اقتربا من ذروة فصل الصيف (21 حزيران)، ولا شك أن هذه واحدة من آيات الله الكونية.

السؤال: لماذا كان في اختلاف الليل والنهار آية؟

جواب مفترى: نحن نظن أن لذلك علاقة مباشرة بالرزق الذي ينزل من السماء. فالرزق الذي ينزل من السماء مرتبط بهذا الاختلاف ارتباطا مباشرا. فلولا هذا الاختلاف لما وجدنا (نحن نفتري الظن) تنوعا في الطعام، ففاكهة الصيف تختلف عن فاكهة الشتاء، وما يُنزل لنا ربنا من رزق من السماء قد لا ينضج إلا في الخريف أو الربيع وهكذا، فحياة الأرض الدائمة في جميع الفصول مرتبطة بهذا الاختلاف بين الليل والنهار:

وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)
وهذا الاختلاف هو واحدة من آيات الله لمن يسمع:

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67)
ولمن يبصر:

أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86)
ولمن يشكر:

اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61)
(دعاء: اللهم أدعوك بأن أكون من الذين يسمعون ويؤمنون فيشكرون – آمين)

باب: قيام الليل

يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)
لو دققت - عزيزي القارئ- في هذه الآيات الكريمة جيدا لوجدت العجب، فالله يأمرنا أن نقوم الليل إلا قليلا، أليس كذلك؟

قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)
ألا يدل ذلك أنه مطلوب منا إذن أن نقضي معظم الليل في قيام؟

وإذا كان هذا الظن صحيحا، فكيف يأتي قول الحق بعد ذلك يأمرنا بأن أن نقوم نصفه أو ننقص منه قليلا؟

نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3)
أو نزيد عليه ونرتل القرآن ترتيلا؟

أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)
التساؤلات

- كم مطلوب منا أن نقوم الليل؟

- هل مطلوب منا أن نقوم الليل كله إلا قليلا؟

- هل مطلوب منا أن نقوم نصفه؟

- هل مطلوب منا أن ننقص من نصفه قليلا؟

- هل مطلوب منا أن نزيد على نصفه؟

- كم مطلوب منا أن نزيد على نصفه؟

- الخ

ألا ترى - عزيزي القارئ- كم الأمر مربك بالنسبة لمن يريد أن يمتثل لأمر الله هذا؟ فكيف يمكن لمن أراد أن يقوم الليل أن يفهم هذه الآيات الكريمة معا؟

جوب: دعنا نرى أولا ما جاء في بطون أمهات كتب التفسير (كتفسير القرطبي مثلا) حول هذه الجزئية في كتاب الله:

قم الليل
قراءة العامة بكسر الميم لالتقاء الساكنين . وقرأ أبو السمال بضم الميم إتباعا لضمة القاف . وحكى الفتح لخفته . قال عثمان بن جني : الغرض بهذه الحركة التبليغ بها هربا من التقاء الساكنين , فبأي حركة تحركت فقد وقع الغرض . وهو من الأفعال القاصرة غير المتعدية إلى مفعول , فأما ظرف الزمان والمكان فسائغ فيه , إلا أن ظرف المكان لا يتعدى إليه إلا بواسطة ; لا تقول : قمت الدار حتى تقول قمت وسط الدار وخارج الدار . وقد قيل : إن " قم " هنا معناه صل ; عبر به عنه واستعير له حتى صار عرفا بكثرة الاستعمال .
" الليل " حد الليل : من غروب الشمس إلى طلوع الفجر . وقد تقدم بيانه في سورة " البقرة "
واختلف : هل كان قيامه فرضا وحتما , أو كان ندبا وحضا ؟ والدلائل تقوي أن قيامه كان حتما وفرضا ; وذلك أن الندب والحض لا يقع على بعض الليل دون بعض ; لأن قيامه ليس مخصوصا به وقتا دون وقت . وأيضا فقد جاء التوقيت بذلك عن عائشة وغيرها على ما يأتي . واختلف أيضا : هل كان فرضا على النبي صلى الله عليه وسلم وحده , أو عليه وعلى من كان قبله من الأنبياء , أو عليه وعلى أمته ؟ ثلاثة أقوال :
الأول : قول سعيد بن جبير لتوجه الخطاب إليه خاصة .
الثاني : قول ابن عباس , قال : كان قيام الليل فريضة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الأنبياء قبله .
الثالث : قول عائشة وابن عباس أيضا وهو الصحيح ; كما في صحيح مسلم عن زرارة بن أوفى أن سعد بن هشام بن عامر أراد أن يغزو في سبيل الله . .. الحديث , وفيه : فقلت لعائشة : أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : ألست تقرأ : " يا أيها المزمل " قلت : بلى ! قالت فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة , فقام صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا , وأمسك الله عز وجل خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء , حتى أنزل الله عز وجل في آخر هذه السورة التخفيف , فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة . وذكر الحديث .
وذكر وكيع ويعلى قالا : حدثنا مسعر عن سماك الحنفي قال : سمعت ابن عباس يقول لما أنزل أول " يا أيها المزمل " [ المزمل : 1 ] كانوا يقومون نحوا من قيامهم في شهر رمضان حتى نزل آخرها , وكان بين أولها وآخرها نحو من سنة .
وقال سعيد بن جبير : مكث النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عشر سنين يقومون الليل , فنزل بعد عشر سنين : " إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل " [ المزمل : 20 ] فخفف الله عنهم .
إلا قليلا
استثناء من الليل , أي صل الليل كله إلا يسيرا منه ; لأن قيام جميعه على الدوام غير ممكن , فاستثنى منه القليل لراحة الجسد . والقليل من الشيء ما دون النصف ; فحكي عن وهب بن منبه أنه قال : القليل ما دون المعشار والسدس . وقال الكلبي ومقاتل : الثلث
فكان ذلك تخفيفا إذ لم يكن زمان القيام محدودا , فقام الناس حتى ورمت أقدامهم , ثم نسخ ذلك بقوله تعالى : " علم أن لن تحصوه " [ المزمل : 20 ] .
وقال الأخفش : " نصفه " أي أو نصفه ; يقال : أعطه درهما درهمين ثلاثة : يريد : أو درهمين أو ثلاثة .
وقال الزجاج : " نصفه " بدل من الليل و " إلا قليلا " استثناء من النصف . والضمير في " منه " و " عليه " للنصف . المعنى : قم نصف الليل أو انقص من النصف قليلا إلى الثلث أو زد عليه قليلا إلى الثلثين ; فكأنه قال : قم ثلثي الليل أو نصفه أو ثلثه .
وقيل : إن " نصفه " بدل من قوله : " قليلا " وكان مخيرا بين ثلاث : بين قيام النصف بتمامه , وبين الناقص منه , وبين قيام الزائد عليه ; كأن تقدير الكلام : قم الليل إلا نصفه , أو أقل من نصفه , أو أكثر من نصفه .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ينزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول , فيقول أنا الملك أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يستغفرني فأغفر له , فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر ) . ونحوه عن أبي هريرة وأبي سعيد جميعا وهو يدل على ترغيب قيام ثلثي الليل .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا مضى شطر الليل - أو ثلثاه - ينزل الله . .. ) الحديث . رواه من طريقين عن أبي هريرة هكذا على الشك .
وقد جاء في كتاب النسائي عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول , ثم يأمر مناديا يقول : هل من داع يستجاب له ؟ هل من مستغفر يغفر له ؟ هل من سائل يعطى ؟ ) صححه أبو محمد عبد الحق ; فبين هذا الحديث مع صحته معنى النزول , وأن ذلك يكون عند نصف الليل . وخرج ابن ماجه من حديث ابن شهاب , عن أبي سلمة وأبي عبد الله الأغر , عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ينزل ربنا تبارك وتعالى حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة فيقول من يسألني فأعطيه ؟ من يدعوني فأستجيب له ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ حتى يطلع الفجر ) . فكانوا يستحبون صلاة آخر الليل على أوله .
قال علماؤنا : وبهذا الترتيب انتظم الحديث والقرآن , فإنهما يبصران من مشكاة واحدة . وفي الموطأ وغيره من حديث ابن عباس : بت عند خالتي ميمونة حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل , استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقام إلى شن معلق فتوضأ وضوءا خفيفا . وذكر الحديث .
اختلف العلماء في الناسخ للأمر بقيام الليل ; فعن ابن عباس وعائشة أن الناسخ للأمر بقيام الليل قوله تعالى : " إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل " [ المزمل : 20 ] إلى آخر السورة . وقيل قوله تعالى : " علم أن لن تحصوه " [ المزمل : 20 ] .
وعن ابن عباس أيضا : هو منسوخ بقوله تعالى : " علم أن سيكون منكم مرضى " [ المزمل : 20 ] .
وعن عائشة أيضا والشافعي ومقاتل وابن كيسان : هو منسوخ بالصلوات الخمس .
وقيل الناسخ لذلك قوله تعالى : " فاقرءوا ما تيسر منه " [ المزمل : 20 ] . قال أبو عبد الرحمن السلمي : لما نزلت : " يا أيها المزمل " قاموا حتى ورمت أقدامهم وسوقهم , ثم نزل قوله تعالى : " فاقرءوا ما تيسر منه " [ المزمل : 20 ] .
قال بعض العلماء : وهو فرض نسخ به فرض , كان على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة لفضله ; كما قال تعالى : " ومن الليل فتهجد به نافلة لك " [ الإسراء : 79 ] .
قلت : القول الأول يعم جميع هذه الأقوال , وقد قال تعالى : " وأقيموا الصلاة " [ المزمل : 20 ] فدخل فيها قول من قال إن الناسخ الصلوات الخمس .
وقد ذهب الحسن وابن سيرين إلى أن صلاة الليل فريضة على كل مسلم ولو على قدر حلب شاة . وعن الحسن أيضا أنه قال في هذه الآية : الحمد لله تطوع بعد الفريضة . وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ; لما جاء في قيامه من الترغيب والفضل في القرآن والسنة .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أجعل للنبي صلى الله عليه وسلم حصيرا يصلي عليه من الليل , فتسامع الناس به , فلما رأى جماعتهم كره ذلك , وخشي أن يكتب عليهم قيام الليل , فدخل البيت كالمغضب , فجعلوا يتنحنحون ويتفلون فخرج إليهم فقال : ( أيها الناس اكلفوا من الأعمال ما تطيقون , فإن الله لا يمل من الثواب , حتى تملوا من العمل , وإن خير العمل أدومه وإن قل ) . فنزلت : " يا أيها المزمل " فكتب عليهم , فأنزل بمنزلة الفريضة , حتى إن كان أحدهم ليربط الحبل فيتعلق به , فمكثوا ثمانية أشهر , فرحمهم الله وأنزل : " إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل " [ المزمل : 20 ] فردهم الله إلى الفريضة , ووضع عنهم قيام الليل إلا ما تطوعوا به . قلت : حديث عائشة هذا ذكره الثعلبي , ومعناه ثابت في الصحيح إلى قوله : ( وإن قل ) وباقيه يدل على أن قوله تعالى : " يا أيها المزمل " نزل بالمدينة وأنهم مكثوا ثمانية أشهر يقومون . وقد تقدم عنها في صحيح مسلم : حولا . وحكى الماوردي عنها قولا ثالثا وهو ستة عشر شهرا , لم يذكر غيره عنها .
وذكر عن ابن عباس أنه كان بين أول المزمل وآخرها سنة ; قال : فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان فرضا عليه .
وفي نسخة عنه قولان : أحدهما أنه كان فرضه عليه إلى أن قبضه الله تعالى . الثاني أنه نسخ عنه كما نسخ عن أمته . وفي مدة فرضه إلى أن نسخ قولان : أحدهما : المدة المفروضة على أمته في القولين الماضيين , يريد قول ابن عباس حولا , وقول عائشة ستة عشر شهرا . الثاني : أنها عشر سنين إلى أن خفف عنه بالنسخ زيادة في التكليف , ليميزه بفعل الرسالة ; قاله ابن جبير . قلت : هذا خلاف ما ذكره الثعلبي عن سعيد بن جبير حسب ما تقدم فتأمله .
وسيأتي لهذه المسألة زيادة بيان في آخر السورة إن شاء الله تعالى .
أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا
أي لا تعجل بقراءة القرآن بل اقرأه في مهل وبيان مع تدبر المعاني . وقال الضحاك : اقرأه حرفا حرفا .
وقال مجاهد : أحب الناس في القراءة إلى الله أعقلهم عنه .
والترتيل التنضيد والتنسيق وحسن النظام ; ومنه ثغر رتل ورتل , بكسر العين وفتحها : إذا كان حسن التنضيد . وتقدم بيانه في مقدمة الكتاب .
وروى الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم , مر برجل يقرأ آية ويبكي , فقال : ( ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل : " ورتل القرآن ترتيلا " هذا الترتيل ) . وسمع علقمة رجلا يقرأ قراءة حسنة فقال : لقد رتل القرآن , فداه أبي وأمي , وقال أبو بكر بن طاهر : تدبر في لطائف خطابه , وطالب نفسك بالقيام بأحكامه , وقلبك بفهم معانيه , وسرك بالإقبال عليه .
وروى عبد الله بن عمرو قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يؤتى بقارئ القرآن يوم القيامة , فيوقف في أول درج الجنة ويقال له اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا , فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها ) خرجه أبو داود وقد تقدم في أول الكتاب .
وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمد صوته بالقراءة مدا

رأينا المفترى: بعد استعراض آراء العلماء كما وصلتنا في هذا التفسير العظيم، فإننا لا نتردد أن نرفضها كلها جملة لأنها – برأينا- لا تعدو أكثر من أقوال بشرية متناقضة لا تستند إلى دليل ولا تفضي إلى الحقيقة بشيء، فهناك الرأي وضده في آن واحد، وهناك الناسخ والمنسوخ الذي لا نؤمن به إطلاقا، وهناك أقوال البشر التي لا دليل عليها من كتاب الله. وهناك، وهناك.

السؤال: ما المخرج؟ كيف يمكن أن نفهم قوله تعالى

يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)
رأينا المفترى من عند أنفسنا: نحن نظن أن فهم هذا النص القرآني ميسرا لمن أراد أن يدّكر، فالله وحده نسأل أن نكون من المدّكرين اللذين يسر الله لهم هذا القرآن للذكر.

أما بعد،
جواب مفترى: بداية نحن نطلب من القارئ الكريم أن يتبنى وجهة نظرنا السابقة بخصوص مفردة "الليل" والتي مفادها أن مفردة "الليل" تدل على المفرد والجمع معا ثم ليرى بأم عينه ما يمكن أن تؤول إليه الأمور بعد ذلك.

مفرد
جمع
الليل:
نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)
الليل: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)


السؤال: كيف يمكن أن يساهم ذلك في فهم هذا النص القرآني؟

جواب: دعنا نظن بداية أن مفردة الليل تدل على الجمع (أي كل ليل وليس فقط ليل واحد)، ثم لنقرأ الآية الكريمة التالية:

يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)
نتيجة مفتراة 1: فالله إذن يطلب من نبيه الكريم (ومنا من بعده) أن نقوم كل الليل إلا قليلا، فلو افترضنا أن الشهر القمري يتأرجح حول الثلاثين يوما وليلة، فإنه مطلوب منا (نحن نفتري الظن) أن نقوم معظمه (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا)، كأن نقوم ما يقرب من الثلثين (أي حوالي عشرين يوما وليلة)، فنكون بذلك قد قمنا الليل كله إلا قليلا منه، ولنبدأ بقراءة الآيات الكريمة بهذا الفهم المفترى:

يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)
نتيجة مفتراة 2: دعنا الآن نتدبر مفردة الليل في صيغة المفرد (أي ليل واحد)، فما الذي نفعله عندما نقوم الليل الواحد؟

جواب: نحن نظن أن علينا أن نفعل ما أمرنا الله به في الآيات الكريمة التالية:

نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)
فقيام الليل في ليل واحد يكون (نحن لازلنا نفتري الظن) عند منتصف الليل بالضبط. ويجوز لنا أن ننقص من ذلك فقط قليلا، ولكن يحق لنا أن نزيد على ذلك ما نريد، فالنقصان مشروط بالقليل (نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا) ولكن الزيادة غير مشروطة (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ). فلو افترضنا مثلا بأن نصف الليل هو في أغلب الأحيان الساعة الثانية عشر ليلا، فإن صلاة قيام الليل لا تكون قبل ذلك إلا بالقليل أي حوالي الحادية عشر ليلا مثلا ولكن يجوز أن تمتد بعد نصف الليل إلى ما تشاء شريطة عدم انقضاء الليل، أي بداية الفجر.

تلخيص ما سبق: نحن نظن أن الصورة (كما نفهمها) هي الآن على النحو التالي: يأمرنا الله أن نقوم الليل (كل الليل) إلا قليلا (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا)، فيصبح المسلم مطالبا بقيام معظم الليل، كأن يقوم مثلا خمسة ليال من سبعة في الأسبوع الواحد أو أن يقوم عشرين ليلة من الثلاثين ليلة في الشهر الواحد، وهكذا. وربما بهذا الفهم المفترى يبين لنا معنى (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)). ثم يجب على من أراد أن يقوم الليل الواحد أن يتبين وقت القيام فيه، أي في أي ساعة من الليل تقع الصلاة ضمن تصنيف قيام الليل، ونحن نظن أن الصلاة في الليل لا تقع في قائمة قيام الليل إلا إذا ما كانت مقاربة لنصف الليل، ولا يجوز تقديم ذلك عن نصف الليل إلا قليلا، فإذا كان نصف الليل هو الساعة الثانية عشر ليلا فإن وقت القيام يكون حول ذلك ولا يقل مثلا عن الحادية عشر، وبهذا يبين لنا كيف أن النقصان منه مشروط بالقليل (نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3))، ولكن يحق لنا – بالمقابل- أن نؤخر القيام عن نصف الليل ما نشاء شريطة عدم ظهور الفجر، وبهذا يبين لنا كيف أن الزيادة غير مشروطة بالقليل (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)).

نتيجة مفتراة: ونحن إذ لا نتجرأ على القول بأن هذه هي الحقيقة المطلقة، لكننا نقدم هنا فهمنا المفترى من عند أنفسنا لهذه للآيات الكريمة التي تتحدث عن قيام الليل، فإننا في الوقت ذاته نترك للقارئ الكريم مهمة المفاضلة (ومن ثم التطبيق العملي) بين تخريصاتنا هذه وما جاء من علم نفيس في بطون أمهات كتب التفاسير كالتفسير السابق الذي اقتبسنا منه أقوال سادتنا العلماء أهل الدراية كما نقله لنا أهل الرواية منهم:

قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26)
(دعاء: اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت الفتاح العليم – آمين)

إن خلاصة القول هنا هو أن هذا الفهم المفترى من عند أنفسنا مبني في الأساس على تدبرنا للفرق بين مفردة الليلة التي تجمع على ليال (والتي يصاحبها مفردة اليوم في النص القرآني) مقابل مفردة الليل التي تجمع على نفسها (ويصاحبها مفردة النهار في معظم سياقاتها القرآنية):

المفردة
المفردة المصاحبة
مفرد
جمع
مفرد
جمع
الليلة: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3)
ليال
اليوم
أيام

الليل: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)

الليل:

النهار
النهار


عودة على بدء

نحن نظن أن الليلة التي هي خير من ألف شهر هي ليلة وليس الليل. لذا فهي محددة بذاتها، تحصل في وقت محدد معروف وفي مكان محدد بذاته، وليست مرتبطة بظهور وغياب الشمس لذا فهي سلام حتى مطلع الفجر:

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
وليس حتى ظهور الشمس عندما يتنفس الصبح:

وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)

ونحن نفتري الظن أيضا بأنها محددة مكانيا، فمن الاستحالة بمكان (نحن نرى) أن تبقى تلك الليلة تتنقل من مكان إلى مكان ما انتقل الليل والنهار. فالذي ينتقل من مكان إلى مكان هو الليل لأنه مرتبط بالشمس التي هي دليل على الظل في نهاره:

أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)
فالارتباط مباشر بين الشمس من جهة والليل والنهار من جهة أخرى، ولكن لا علاقة للشمس بالليلة واليوم.

السؤال: أين تحصل تلك الليلة على وجه هذه المعمورة إن كانت لا تنتقل من مكان إلى مكان كما تزعم؟ يسأل صاحبنا مستعجلا الإجابة

رأينا المفترى: مادام أنه في تلك الليلة يحدث التنزل كما جاء في قوله تعالى:

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
فإن ذلك لا شك يحدث في مكان محدد بعينه، ولا شك أنها سلام حتى مطلع الفجر في ذلك المكان بعينه.

السؤال: أين هو ذلك المكان؟ يكرر صاحبنا السؤال نفسه

جواب مفترى: نحن نفتري القول من عند أنفسنا بأنه المكان نفسه الذي حصل فيه تنزيل الكتاب المبين من ذي قبل:

حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6)
السؤال: وأين هو ذلك المكان؟

جواب مفترى: إنه المكان نفسه الذي وجد فيه موسى ربه، إنه الواد المقدس طوى:

وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12)
السؤال: وأين هو الواد المقدس طوى؟ يريد صاحبنا أن يعرف

رأينا المفترى: إنه الواد الواقع تحت شاطئ الواد الأيمن من البقعة المباركة من الشجرة حيث حصلت المناداة الإلهية لنبيه موسى هناك:

فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30)
السؤال: وأين هو ذلك المكان؟ يكرر صاحبنا السؤال من جديد

جواب مفترى: إنه المكان الذي تقع فوقه الربوة حيث آوى الله المسيح وأمه بعد أن وضعته عن الشجرة:

وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)
السؤال: وأين هو ذلك المكان؟ لم أصل إلى الإجابة بعد (يقول صاحبنا)

جواب مفترى: إنه المكان الذي يقع تحت تلك الربوة حيث كان متواجدا من تولى حراسة مريم (السري) في تلك الليلة:

فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)
السؤال: وأين هو ذلك المكان؟

جواب: إنه الوادي الذي يطل عليه المسجد الأقصى حيث المكان الذي أسري بمحمد إليه:

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (1)
السؤال: لماذا ذلك المكان بالذات؟

جواب: لأن ذلك المكان هو المكان الوحيد الذي يتواجد به إله إبراهيم:

قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99)
وهو المكان نفسه الذي واعد الله فيه موسى، فجاءه موسى متعجلا:

وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)
وهو المكان الذي اتخذته مريم لتضع كلمة الله (المسيح) على مقربة منه:

فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)
وهو المكان الذي أسري بمحمد إلى جواره ليره ربه من آياته:

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (1)
السؤال: لماذا؟

رأينا المفترى: لأنه المكان الذي يتدلى فيه الإله نفسه في تلك الليلة المباركة:

وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)
فلذلك المكان قدسيته الخاصة:

فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)
كما لتلك الليلة قدسيتها الخاصة:

حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ (7) لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (8) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9)
(دعاء: اللهم أسألك أن أكون من الموقنين، وأعوذ بك أن أكون من اللذين هم في شك يلعبون- آمين)

نتيجة مفتراة خطيرة جدا جدا لا تصدقوها: ذلك هو المكان الذي يمكن أن نطلع إلى الإله فيه:

وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)
نعم، من هناك من أرض مصر، طلب ربها (فرعون) من هامان أن يبني له صرحا، ليبلغ أسباب السموات والأرض فيطلع إلى إله موسى المتواجد في الأرض المقدسة

السؤال: هل تمكن فرعون من ذلك؟ أي هل فعلا استطاع أن يطلع إلى إله موسى؟

رأينا: هذا ما سنعاود البحث فيه في الجزء القادم من هذه المقالة بحول الله وتوفيق منه. سائلين الله أن ينفذ مشيئته وإرادته لنا الإحاطة بشي من علمه لا ينبغي لغيرنا، إنه هو العليم الحكيم، وأدعوه وحده أن يؤتيني رشدي، وأن يجعل لي من لدنه سلطانا نصيرا، وأعوذ به أن يكون أمري كأمر فرعون. وأعوذ بك ربي أن افتري عليك الكذب أو أن أقول عليك ما ليس لي بحق، إنك أنت الواسع العليم – آمين.

المدّكرون: رشيد سليم الجراح & علي محمود سالم الشرمان

بقلم د. رشيد الجراح

23 تموز 2015