📢 تابعوا بثوث الدكتور على TikTok، أو اشتركوا في قنوات Telegram وWhatsApp لتصلكم إشعارات البث مباشرة.
Telegram WhatsApp YouTube TikTok اسأل الدكتور

قصة داوود 3

 


ملخص المقالة:

يغوص هذا الجزء في افتراضات جريئة لتحديد هوية النبي الذي جاء بعد موسى، مقترحًا أنه "لقمان الحكيم". يربط الكاتب بين فترة تيه بني إسرائيل (40 سنة) وسنّ النبوة (40 سنة)، ويقترح أن لقمان هو الابن "البديل" الذي وُهبَ للأبوين المؤمنين (الذين يسميهما "عمران وزوجته") بعد أن قُتل ابنهما العاق على يد العبد الصالح. يفترض الكاتب أن هذا البيت هو "آل عمران" المصطفى، وأنهم من سبأ، وأن داوود هو ابن لقمان، مما يؤسس لخط نبوة جديد انتقل إليه إرث النبوة المتمثل في "التابوت".


من هو داوود؟ الجزء الثالث

قصة النبوة في بيت آل داوود

في المرة السابقة، حاولنا ربط الايتين التاليتين معا:

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٥﴾
سورة الأحقاف
قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴿٢٦﴾
سورة المائدة

وكان الهدف هو أن نثبت افتراء من عند أنفسنا بأن الفكرة التالية: أن فترة تحريم الأرض على بني إسرائيل مدة أربعين سنة على وجه التحديد مرتبطة ارتباطا مباشرا بتأهيل رسول جديد يستطيع أن يعيد بني إسرائيل إلى الأرض المقدسة بعد انتهاء فترة حضر الأرض المقدسة عليهم، وتكون تلك العودة قد تمت بشرعية من خلال حيازة تابوت العهد القديم الذي هو مفتاح الأرض المقدسة. (للتفصيل انظر الجزئين السابقين)

أما اليوم، لنبدأ النقاش بالافتراء الذي ربما يصعب المجادلة فيه، ألا وهو إيماننا القاطع بأن كتاب الله قد جاء مفصلا على علم:

وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿٥٢﴾
سورة الأعراف

لذا، لما جاءت كل قصصه مفصلة، كانت مهمة كل من يحاول تدبرها منصبة في البحث عن التفصيل الحكيم لهذه القصص. ولما كانت مهمتنا في هذه السلسة منصبة في البحث في تفصيل قصة داوود، أصبح لزاما علينا ايجاد تقاطعات هذه القصة مع كل ما في كتاب الله. فكانت أول المحطات التي وجدنا أنفسنا نبحث فيها هي الربط الواضح بين قصة داوود من جهة وقصة موسى من جهة أخرى. وقد كان حلقة الوصل بينهما هو ذلك النبي الذي توسط خط الرسالة بين موسى من جهة وداوود من جهة أخرى، وهو النبي نفسه الذي يرد ذكره في الآيات الكريمة التي كان جلّ نقاشنا في الأجزاء السابقة منصبا عليها، قال تعالى:

أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴿٢٤٦﴾ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٤٧﴾ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿٢٤٨﴾ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمِ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴿٢٤٩﴾ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿٢٥٠﴾ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٢٥١﴾ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۚ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٥٢﴾
سورة البقرة

فيصبح التسلسل التاريخي لسيرة الأنبياء مع بني إسرائيل على النحو التالي:

موسى (نبي من بني إسرائيل) نبي لبني إسرائيل (موضوع النقاش) داوود سليمان

فحاولنا في الجزئين السابقين الاجابة على على تساؤلين اثنين هما:

  1. من هو ذلك النبي الذي جاء من بعد موسى ومن قبل داوود؟
  2. كيف انتقل خط النبوة من آل موسى إلى آل داوود بعد هذا النبي الذي جاء من بعد موسى؟

وخلصنا إلى تقديم بعض الافتراءات التي ربما هي غير مسبوقة، نذكر منها:

  • أن ذلك النبي الذي جاء من بعد موسى ومن قبل داوود هو لقمان
  • أن لقمان هذا هو من أبدل الله به الأبوين المومنين اللذين قتل صاحب موسى ابنهما
  • أن قتل ذلك الغلام قد كانت نتيجته المباشرة بداية اصطفاء لبيت نبوة جديد في غير بني إسرائيل، وكان ذلك عن طريق الأبوين المؤمنين اللذين قتل صاحب موسى (العبد الصالح) ابنهما خشية أن يرهقهما طغيانا وكفرا.
    وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴿٨٠﴾ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً
    وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴿٨١﴾
    سورة الكهف
  • كان ذلك البيت المؤمن هو حلقة الوصل بين خط النبوة في بني إسرائيل (آل موسى) وفي غير بني إسرائيل (آل داوود).
  • كان الموطن الأصلي لأهل لذلك البيت المؤمن هو سبأ
  • أصبح لقمان هذا رسول سبأ التي وقع عليهم عذاب سيل العرم
  • أنجب لقمان ولده داوود الذي بدوره أنجب سليمان، فأصبح خط الرسالة الجديد على النحو التالي:

الأبوين المؤمنين لقمان داوود سليمان

وهولاء هم من القوم الآخرين الذين تشاركوا وراثة مغارب الأرض مع بني إسرائيل بعد هلاك فرعون ملئه:

وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴿١٣٧﴾
سورة الأعراف
فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ﴿٢٣﴾ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ۖ إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ﴿٢٤﴾ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿٢٥﴾ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴿٢٦﴾ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ﴿٢٧﴾ كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴿٢٨﴾
سورة الدخان

فلقد ذكرنا مرارار بأن وراثة الأرض من بعد فرعون لم تكن حكرا على بني إسرائيل ولكن شاركهم في ذلك قوم آخرون،

فكانت تلك هي أرض طيبة، أي تلك البلدة الطيبة التي كانت مطمئنة ويأتيها رزقها رغدا من كل مكان:

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴿١١٢﴾ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴿١١٣﴾
سورة النحل

نتيجة مفتراة: كانت العائلة المؤمنة التي وعد الله أن يبدلهما خيرا من ابنهما الذي قتله العبد الصالح تقطن في تلك القرية المطمئنة:

وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴿٨٠﴾ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴿٨١﴾
سورة الكهف

ولما كانت إرادة الله (نحن نؤمن يقينا) لا محالة نافذة، وُلِد لاؤلئك الأبوين المؤمنين "ابنا صالحا" هو خير زكاة من الذي قتله العبد الصالح وأقرب رحما لأبويه المؤمنين. فكان هذا الغلام الجديد شاكرا لله ولوالديه، وينشأ هذا الغلام الصالح الشاكر لله ولوالديه في تلك العائلة المؤمنة هناك في تلك البلدة التي كانت مطمئنة، والتي كان يأتيها رزقها من كل مكان. وما أن يبلغ سن الرسالة حتى يكون هو رسول تلك القرية التي كفرت بأنعم الله:

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴿١١٢﴾ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴿١١٣﴾
سورة النحل

ونحن نفتري الظن بأن تلك القرية قد كانت سبأ، وهي ذاتها – نحن نظن- القرية المطمئنة قبل أن يرسل الله عليها العذاب:

لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴿١٥﴾ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴿١٦﴾ ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴿١٧﴾ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴿١٨﴾ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴿١٩﴾ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٢٠﴾ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴿٢١﴾
سورة سبأ

الدليل

إن الترابط الزمني بين آل داوود من جهة وسبأ من جهة أخرى لا يمكن أنكاره، وسنجلب دليلين اثنين فقط لاثبات التزامن التاريخي بين الطرفين.

أولا، لو جلبنا الآيات الكريمة التي تسبق الحديث عن قصة سبأ، سنجد أن قصة داوود وسليمان هي التي كانت محور الحديث من ذي قبل. وانظر عزيزي القارئ – إن شئت- في السياق الأوسع لهذه الآيات الكريمة، قال تعالى:

وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ﴿١٠﴾ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿١١﴾ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ﴿١٢﴾ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴿١٣﴾ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴿١٤﴾
سورة سبأ
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴿١٥﴾ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴿١٦﴾ ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴿١٧﴾ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴿١٨﴾ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴿١٩﴾ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٢٠﴾ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴿٢١﴾
سورة سبأ

ثانيا، ربما لا يغيب عن الأذهان ذكر سبأ في قصة سليمان (ابن داوود) التي جاءه الهدهد منها بخبر يقين بعد أن تفقد سليمان الطير وتوعد الهدهد الذي كان من الغائبين في واد النمل:

وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ ﴿٢٠﴾ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴿٢١﴾ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴿٢٢﴾
سورة النمل

لذا، نحن نؤكد مرة أخرى بإن التزامن التاريخي بين داوود وسليمان (أي آل داوود) من جهة وحضارة سبأ من جهة أخرى يصعب انكاره. فداوود وسليمان كانا متواجدين في الفترة الزمنية التي كانت فيها حضارة سبأ قائمة. ليكون السؤال الآن هو: كيف كانت علاقة آل داوود بسبأ؟

رأينا المفترى: كانت سبأ قرية آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، فكانت قرية طيبة، يشطرها نهر عظيم، فأصبحت عباره عن جنتين عن يمين وشمال، فكانوا مطالبين أن يأكلوا من رزق ربهم ويشكروا له. لكن – كعادة الأمم السابقة- ما كان من أهل تلك القرية إلا الاعراض. وكحال كل تلك القرى التي كفرت بأنعم ربها من ذي قبل، كان لزاما أن يبعث الله فيهم رسولا منهم ليكون بشيرا ونذيرا، حتى يحق على قريتهم العذاب إن هم كذبوه:

وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴿١٦﴾
سورة الإسراء

نتيجة مفتراة: لا عذاب قبل ارسال رسولا بشيرا ونذيرا

المعضلة: ما دام أن سبأ قد كفرت بأنعم الله، وما دام أنه قد حق عليها العذاب، وما دام أن العذاب قد وقع فعلا عليها، فالسؤال هو: من هو الرسول الذي بعثه الله لسبأ؟

لو دققنا في الآية الكريمة التالية سنجد خبر قرية كانت مطمئنة، لكنها كفرت بأنعم الله، بعد أن كذبوا رسولهم:

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴿١١٢﴾ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴿١١٣﴾
سورة النحل

ولو دققنا في الآية الكريمة جيدا، لوجدنا أن أول نتائج ذلك العذاب هو أن الله قد أذاقها لباس الجوع والخوف؟

السؤال مرى أخرى: من هو رسول تلك القرية التي كانت مطمئنة قبل نزول العذاب بها؟

رأينا المفترى: إن صح افتراؤنا بأن تلك القرية هي سبأ، فلم يكن هناك (نحن نرى) من هو مؤهل فيها إلا شخص من بيت الأبوين المؤمنين الذين يرد ذكرهما في قصة موسى مع صاحبه العبد الصالح الذي اتبعه موسى ليتعلم من. ولكن كان لهذين الأبوين المؤمنين غلاما شقيا. حاول الأبوان المؤمنان جهدهما أن يصداه عن كفره، إلا أن الولد رفض أن يطعهما، وما كان منه إلا أن يقل لهما أف (أي القطيعة التامة بين الطرفين)، منكرا البعث، واصفا كل ما يقوله الأبوان له على أنه من أساطير الأولين، فيكون من الذين حق عليهم القول في واحدة من الأمم التي خلت:

وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴿١٧﴾ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ ﴿١٨﴾
سورة الأحقاف

لا بل، ويكاد ذلك الوالد العاق أن يرهق أبويه المؤمنين طغيانا وكفرا. ويتزامن ذلك مع واحدة من رحلات موسى مع العبد الصالح الذي طلب صحبته ليتعلم مما علم هذا الرجل رشدا:

قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴿٦٦﴾
سورة الكهف

ولا نشك قيد أنملة بأن العبد الصالح قد أخذ موسى في هذه الرحلة لغاية عظيمة، ستبان نتائجها لاحقا على مجريات أحداث التاريخ كلها. لذا، ما كان من العبد الصالح إلا أن يقدم على قتل الغلام العاق لوالديه:

فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴿٧٤﴾
سورة الكهف

ويعلل العبد الصالح قتله للغلام على نحو أن الإدراة الإلهية قد قضت بأن يبدل الله الأبوين المؤمنين خيرا من هذا الذي قتله غلاما آخر هو خيرا زكاة وأقرب رحما.

وبالفعل، يبدل الله هذين الأبوين غلاما خيرا من أخيه المقتول، ويكون هو رسول سبأ في قادم الأيام، ويكون عذاب قومه على نحو أن أرسل الله عليهم سيل العرم، فأفسد عليهم الجنتين، فما ترك فيهما إلا جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل. واقرأ – إن شئت- الآيات الخاصة بسبب مرة أخرى:

لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴿١٥﴾ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴿١٦﴾ ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴿١٧﴾ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴿١٨﴾ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴿١٩﴾ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٢٠﴾ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴿٢١﴾
سورة سبأ

واربط هذه الآية على الفور – إن شئت- مع الآية التي تتحدث عن القرية المطمئنة التي اذاقها الله لباس الجوع والخوف بعد أن كذبوا رسولهم:

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴿١١٢﴾ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴿١١٣﴾
سورة النحل

نتيجة مفتراة من عند أنفسنا (لا تصدقوها إن شئتم): نحن نفتري الظن بأن رسول سبأ هو لقمان، الذي هو ابن الأبوين المؤمنين اللذين قتل صاحب موسى ولدهما، تحقيقا للإرادة الإلهية بأن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما.

وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴿٨٠﴾ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴿٨١﴾
سورة الكهف

فكان قتل الغلام – نحن نرى- التمهيد الإلهي لأن يبعث الله رسولا في سبأ ليحق عليهم العذاب إن هم كذبوه، فكان ذلك الرسول من بيت الأبوين المؤمنين اللذين قتل صاحب موسى ابنهما، ففي ذلك الوقت على وجه التحديد وفي ذلك المكان على وجه الدقة، نشأت ذرية طيبة جديدة، وأصبحت الرسالة والنبوة فيهم، فكان ولدهما الجديد رسولًا في قومه:

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاس_ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴿١١٢﴾ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴿١١٣﴾
سورة النحل

السؤال: كيف حصل كل هذا على أرض الواقع؟

رأينا المفترى: للإجابة على هذا التساؤل، يلزمنا العودة مرة أخرى للنبش أكثر في قصة الأبوين المؤمنين اللذين قتل صاحب موسى ابنهما، لتحقيق الإرادة الإلهية بأن يبدلهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما:

وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴿٨٠﴾ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴿٨١﴾
سورة الكهف

إن صح افتراؤنا بأن الغلام الجديد المولود في بيت هذين الأبوين المؤمنين هو لقمان، وهو رسول الله إلى سبا (الذي كان بعد ذلك نبيًا لبني إسرائيل من بعد موسى)، فحق لمحاورنا أن يطرح هذه المرة التساؤلات التالية:

  • * من هما الأبوان المؤمنان اللذان قتل صاحب موسى ولدهما؟ هل نستطيع أن نعرف اسمهما؟
  • * من هو الولد المقتول؟ هل نستطيع أن نعرف اسمه؟
  • * هل ذلك ممكنا؟
  • * هل من المفيد أن نتعرف على هذه الشخصيات التي يرد ذكرها مفصلا ولا يرد اسمها صراحة؟
  • * الخ

رأينا المفترى: إن صح منطقنا هذا، وإن كان افتراؤنا بأن الغلام الجديد الذي أصبح رسولا في قومه (سبأ)، ونبيا إلى بني إسرائيل بعد ذلك هو لقمان، وإن صح افتراؤنا بأن لقمان هو والد داوود الذي ورثه سليمان، فإن منطقنا ذاته يدفعنا لأن نفتري القول (من عند أنفسنا أيضا) بأن الولد المقتول على يد صاحب موسى كان اسمه (هارون) وأن الوالدين المؤمنين اللذين قتل صاحب موسى ابنهما سابقا هما (عمران وزوجته)، ليكون الافتراء الأكبر حتى اللحظة هو أن العائلة التي قتل صاحب موسى ولدهما هي عائلة عمران الأول، وأن عمران هذا هو ما جاءت منه سلالة النبوة في لقمان وداوود وسليمان، الذين جاء ذكرهم في قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٣٣﴾
سورة آل عمران

الدليل

غالبا ما ظن العامة من الناس (مدفوعين طبعا بما وصلهم من عند سادتهم وكبرائهم من أهل العلم) بأن آل عمران قد تواجدوا في زمن زكريا الذي كفل مريم ابنت عمران، فظنوا بأن آل عمران محصورين بمريم وأبوها عمران. وهو ما ننفيه جملة وتفصيلا، وذلك لأن عمران (والد مريم) قد جاء ذكره في سياق الحديث عن مريم كشخص مرتين فقط في قوله تعالى:

إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٣٥﴾
سورة آل عمران
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴿١٢﴾
سورة التحريم

لتكون التساؤلات الآن على نحو: هل كان لعمران هذا (والد مريم) آل؟ ومن هم آل عمران هذا إن كان ذلك صحيحا؟ هل كانت مريم هي جلّ آل عمران هذا؟ هل بدأت سلالة عمران (والد مريم) به؟ وإن كانت كذلك، فأين انتهت؟ الخ.

افتراء من عند نفسي: أنا افتري الظن (ربما مخطئنا) بأن عمران هذا (والد مريم)، والذي يأتي ذكره في سياق الحديث عن قصة مريم هو ليس أكثر من اسم على مسمى، وأن هذا الشخص ليس له آل، لأن ذريته انحصرت بمريم (والدة المسيح).

وبناء على ذلك، فإني اتجرأ على البوح بظني بأن عمران هذا (والد مريم) هو شخص تعود جذوره إلى عمران الأول الذي تأسست في بيته ذرية طيبة كانت تضم لقمان وداوود وسليمان في بدايتها، وانتهت عند عمران (والد مريم).

الدليل

لو دققنا النظر في قصة ولادة مريم ابنت عمران، لوجدنا بأن هناك اسمان بارزان، هما زكريا وعمران، أليس كذلك؟

فكان زكريا ينتمي لآل يعقوب بدليل أنه طلب الذرية ليرث فيهم:

يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴿٦﴾
سورة مريم

الذين هم في الأصل من ذرية آل يعقوب الأول:

وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٦﴾
سورة يوسف

وهؤلا- لا شك – هم جميعا من آل إبراهيم الذين اصطفاهم الله.

وكان هناك – في المقابل – عمران (والد مريم) الذي لم يكن له آل بحد ذاته، ولكنه ينتمي عرقيا لآل عمران الذين هم امتداد لبيت النبوة الآخر الذي ضم لقمان وداوود وسليمان. فأصبح الاصطفاء الإلهي لـ (آل) ـين اثنين، هما آل إبراهيم وآل عمران فقط:

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٣٣﴾
سورة آل عمران

السؤال: من هم آل عمران المصطفين الذين يتقابلون مع آل عمران المصطفين بنص الآية السابقة؟

رأينا المفترى: نحن نظن بأن الاصطفاء الإلهي في هذين الـ (آل) ين هو على النحو التالي:



السؤال: كيف تحصل الاصطفاء الإلهي لآل عمران؟

رأينا المفترى: لما كان عمران مقابلا لإبراهيم في قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٣٣﴾
سورة آل عمران

وجب علينا أن نتفكر بشخصية هذا الرجل كما نتفكر بشخصية إبراهيم. فللرجل من الامكانات ما يجعله محل الاصطفاء الإلهي، ويكون الاصطفاء الإلهي في آله كما كان الاصطفاء الإلهي في آل إبراهيم. لذا، نحن نظن جازمين بأن هذا الرجل قد كان باحثا عن ربه بكل الطرق الممكنة (كما فعل إبراهيم)، ونظن أن الخطوط الرئيسية في قصته على النحو التالي:

  • * بعد أن اهتدى هذا الرجل إلى ربه، قد تزوج بامرأة مؤمنة (نعتقد بأنها من ذرية من آل إبراهيم – سنتعرض لها لاحقا بإذن الله). وانجب ولده الأول (وسنتحدث عن تفاصيل ذلك لاحقا بإذن الله).
  • * تزامن ذلك مع قصة موسى مع فرعون وقومه، وهلاك فرعون وقومه بعد ذلك.
  • * كبر هذا الابن حتى أصبح غلاما،
  • * كانت المفاجأة بأن هذا الغلام قد سلك مسلك الهالكين الذين حق عليهم القول (كفرعون)، وانكر البعث، وظن أن كل ذلك من باب أساطير الأولين، فكان هو الذي قال لوالديه أف لكما، كما جاء في الآية الكريمة التالية:
    وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴿١٧﴾ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ ﴿١٨﴾
    سورة الأحقاف
  • * كانت خسارة الأبوين المؤمنين عظيمة، وكادا أن يقنطا من رحمة الله، بعد أن كاد أن يرهقهما ولدهما هذا طغيانا وكفرا.
  • * كانت الرحمة الإلهية حاضرة بأن جاء صاحب موسى، قاصدا هذا المكان ليعلم موسى، وليمد له يد العون في إرجاع بني إسرائيل إلى الأرض المقدسة بعد انتهاء فترة التيه (التي ربما لن يدركها موسا حيا)، فكانت واحدة من الأحداث الرئيسية التي مرا بها معا هي قتل ذلك الغلام الذي كاد أن يرهق أبويه المؤمنين طغيانا وكفرا:
    وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴿٨٠﴾ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴿٨١﴾
    سورة الكهف
  • * كانا الابوان (عمران وزوجته) في تلك اللحظة التي قتل فيها صاحب موسى ولدهما في سن متقدمة، ربما أصبح من المتعذر عليهما الانجاب بالطريقة الطبيعية الاعتيادية، فكيف ستتحصل لهما الذرية في ذلك السن؟

تخيلات مفتراة: لمّا علم موسى بإن الإرادة الإلهية حاضرة بأن يبدل هذين الأبوين المؤمنين خيرا من ولدهما المقتول، كان لزاما عليه أن يفعل شيئا تجاههما يساعدهما على الانجاب. فما الذي سيفعله موسى؟

جواب مفترى خطير جدا: أن يترك عندهما شيئا من إرث النبوة – إنه القميص (الموجود في التابوت). انتهى

عودة على بدء

عندما ترك موسى قومه بعد أن فرق الله بينهما، لم يكن موسى ليدع إرث النبوة (التابوت ومقتنايته) في بني إسرائيل الذي أصبحوا فاسقين، كما لم يكن ليدع ذلك في عهدة هارون الذي عهد إليه بالعصا في قديم الزمان، فما حافظ عليها حتى وقعت بيد السامري وأخرج لهم بقبضة منها ذلك العجل الذي اشربوه بنو إسرائيل في قلوبهم. لذا عمد موسى (نحن نتخيل) إلى أن سيبقي التابوت في حوزته، وأن يأخذ التابوت (بمقتنايته) معه في رحلته مع فتاه إلى مجمع البحرين ليلاقي العبد الصالح.

ما أن تعلم موسى من العبد الصالح عن هذا البيت من المؤمنين حتى أصبح يعلم يقينا بأن هذا البيت من المؤمنين هو المكان الأكثر أمنا للمحافظة على التابوت ومقتنايته. فعلم موسى بأن الغلام الذي سيولد في هذا البيت سيكون رسولا في قومه، وأن القوم ستكون نهايتهم وخيمة بوقوع العذاب عليهم إن هم كذبوا رسولهم، وأن هذا الرسول سيكون بعد ذلك نبيا لبني إسرائيل أيضا سيساعدهم على دخول الأرض المقدسة بعد انقضاء فترة التيه، وبعد أن يرفع عنهم حضر دخولها. فاستودع التابوت بمقتنياته في هذا البيت الطيب.

ما أن انقضت فترة التيه حتى سمع الملأ من بني إسرائيل بخبر هذا الرسول، فأجروا (هم) المراسلات معه، طالبين أن يبعث لهم ملكا يقاتلون في سبيل الله، للعودة إلى ديارهم:

أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴿٢٤٦﴾ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٤٧﴾ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿٢٤٨﴾
سورة البقرة

ولعل هدف بني إسرائيل – كما أسلفنا - هو أن يتأكدوا من أمرين اثنين:

  • * أن هذا النبي هو فعلا نبي حقيقي
  • * أن عنده خبر التابوت (إرث النبوة) - إن كان فعلا نبيا حقيقيا

تخيلات مفتراة من عند أنفسنا: ما أن كبر لقمان حتى أصبح رسولا في قومه الذين كفروا بأنعم الله بعد أن متعهم بالجنات والخير الوفير في بلدتهم المطمئنة:

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴿١١٢﴾ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴿١١٣﴾
سورة النحل

فكانت تلك هي سبأ:

لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴿١٥﴾ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴿١٦﴾ ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴿١٧﴾ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴿١٨﴾ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴿١٩﴾ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٢٠﴾ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴿٢١﴾
سورة سبأ

تلخيص ما سبق: عندما حصل الفراق بين موسى وأخيه هارون من جهة وبني إسرائيل من جهة أخرى، ذهب موسى مع فتاه إلى مجمع البحرين حيث وجد العبد الصالح. فطلب موسى صحبته، فانطلقا معا. وكانت الانطلاقة الثانية (نحن نتخيل) إلى سبأ حيث لقيا ذلك الغلام (وهو من نظن أن اسمه هارون) الذي كاد أن يرهق أبويه المؤمنين (عمران وزوجته) طغيانا وكفرا، سارع العبد الصالح إلى قتله على الفور، لتحقيق الإرادة الإلهية بأن يبدل الله أبويه المؤمنين خيرا منه زكاة وأقرب رحما. فتحققت تلك الإرادة الإلهية فعلا للأبوين المؤمنين بالرغم من تقدهما في السن، فكان لهما لقمان، وحصل ذلك ذلك ببركة إرث النبوة (القميص) الموجود في تابوت العهد القديم الذي استودعه موسى عند أهل هذا البيت المؤمن، لسببين اثنين:

  • * تحقيق الإرادة الإلهية بالذرية الطيبة (زكاة)، فيكون لهما ذرية طيبة خيرا مما فقدا. فكان لهما غلاما شاكرا لله كما كان شاكرا لوالديه.
  • * ليبقى التابوت في هذا البيت الطيب حتى انقضاء فترة التيه، فيكون مفتاح الأرض المقدسة للمؤمنين التائبين العائدين من بني إسرائيل بعد انتهاء فترة التيه ورفع الحضر عنهم لدخول الأرض المقدسة

فكان الغلام الجديد (نحن نفتري الظن من عند أنفسنا) هو لقمان، صاحب الحكمة العظيمة، الذي جاء ذكر اسمه صراحة في الآيات الكريمة التالية:

وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴿١٢﴾
سورة لقمان

ولو دققنا فيما قاله العبد الصالح لموسى مبررا قتله الغلام، لوجدنا بأنه يصف الغلام الذي سيرزقانه هذين الأبوين على نحو أنه خير زكاة وأقرب رحما:

وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴿٨٠﴾ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴿٨١﴾
سورة الكهف

ولو بحثنا عن مفردة الزكاة مع مولود جديد، لوجدناها في موضعين اثنين، أولهما في وصف عيسى بن مريم:

قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ﴿١٨﴾ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ﴿١٩﴾
سورة مريم

وثانيهما، في وصف يحيى بن زكريا:

يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ﴿١٢﴾ وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً ۖ وَكَانَ تَقِيًّا ﴿١٣﴾
سورة مريم

ولو دققنا في اللفظ أكثر، لوجدنا بأن التقاطع اللفظي مع يحيى أقرب من التقاطع اللفظي مع المسيح. ففي حالة يحيى وهذا الغلام (الذي نزعم أنه لقمان)، جاء اللفظ على نحو (زَكَاةً)، بينما جاء في وصف المسيح على أنه (زَكِيًّا). لنخرج – بناء على ذلك - بالافتراء التالي الذي هو لا شك من عند أنفسنا: كانت ولادة هذا الغلام بطريقة عجيبة كما كانت ولادة عيسى ويحيى من بعد ذلك، ولكنها أقرب إلى حالة يحيى منها إلى حالة المسيح. فكما ولد يحيى لأبوين تقدم بهما العمر، فكان (زَكَاةً)، كان هذا الولد الجديد للأبوين المؤمنين (زَكَاةً)، وسنتعرض لتفصيلا هذه الافتراءات لاحقا بإذن الله، بعد تسطير الخطوط العريضة لهذه القصة التاريخية العظيمة. (فالله وحده أسأل أن يعلمني ما لم أكن أعلم، وأن يزدني علما، وأن يهديني لأقرب من هذا رشدا، وأعوذ به وحده أن أكون ممن يفترون عليه الكذب، أو ممن يقول عليه ما ليس لهم بحق، إنه هو البصير الحكيم).

نتيجة مفتراة (1): نحن نظن بأن الله قد أبدل أولئك الأبوين بالغلام الذي هو خير زكاة وأقرب رحما من سابقة عندما كانا في مرحلة عمرية متقدمة. لذا، كان من المفترض أن تحل بهما البركة الإلهية حتى يستطيعا أن ينجبا من جديد. فعلم موسى بأن التابوت الذي يحوي على القميص يجب أن يبقى مدخرا ومحفوظا عند هذه العائلة. فببركة ذلك القميص المتواجد في التابوت حلت البركة في ذلك البيت، وانجبا طفلهما لقمان الذي اصبح مصدرا للحكمة. (للتفصيل حوال فاعلية القميص في الإنجاب انظر سلسلة مالاتنا لقصة يوسف وقصة أصحاب الجنة).

ولو دققنا في عبارة أقرب رحما، لوجدنا أن هذا الغلام سيحسن لوالديه عندما يصبح في سن النبوة:

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٥﴾
سورة الأحقاف

نتيجة مفتراة (2): لقمان ابن عمران هو رسول الله إلى سبأ. انتهى

تخيلات غريبة عجيبة: نشأ لقمان في تلك القرية الطيبة المطمئنة (سبأ)، فتزوج منها بامرأة جميلة جدا، وأنجب منها غلاما، وجاهد في الدعوة إلى الله في قومه، لكن العذاب أخذهم بما ظلموا، فكان سيل العرم هو عذابهم:

لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴿١٥﴾ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴿١٦﴾ ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴿١٧﴾ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴿١٨﴾ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴿١٩﴾ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٢٠﴾ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴿٢١﴾
سورة سبأ

السؤال: ما الذي حل بالقوم بسبب سيل العرم؟

رأينا المفترى: لا شك عندنا بأن الله لا محالة منجي المؤمنين من العذاب، فكانت نجاة لقمان وأهله، بمن فيهم ذلك الغلام الذي رزقه إياه الله من تلك المرأة التي تزوجها في سبأ. لكن كانت المفارقة العجيبة التي لا توجد حتى الساعة إلا في ذهن كاتب هذه السطور تتعلق بما حلّ بذلك الغلام (ولد لقمان) وأمه (امرأة لقمان) بسبب سيل العرم.

السؤال الذي أطرحه على نفسي (ولا أطلب من أحد غيري أن يصدقه) هو: ما الذي حل بذلك الولد وأمه؟

رأينا المفترى الخطير جدا (لا تصدقوه): عندما نحاول تتبع سير الأنبياء والرسل مع أبنائهم ونسائهم، نجد أن المشاكل كانت تحاصرهم من هذا الباب. فلا يفوتنا تذكير الجميع - مثلا - بمشاكل آدم مع ابنيه اللذين قتل أحدهما الآخر، ومشكلة نوح مع ابنه الذي رفض الركوب مع أبيه في السفينة، ومشكلة إبراهيم مع إسماعيل وإسحاق (وامرأتيه)، وكيف فرق بينهما، ومشكلة يعقوب مع أبنائه، ومشكلة لوط مع امرأته، الخ. ليكون السؤال الآن: هل كانت هناك مشاكل عائلية عند لقمان مع أهل بيته؟

رأينا المفترى: نحن نظن بأن لقمان لم يكن استثناء في هذا الباب. لذا سنحاول طرح سيناريو تخيلي ربما يصلح للأفلام السينمائية العالمية، ونطلب من القارئ الكريم أن لا يصدقه إن لم يجد الدليل على ما يثبته.

أما بعد،

مشاهد سينمائية متخيلة: تنشب المشاكل العائلية بين لقمان وامرأته، وتحصل تلك المشاكل عندما كان الولد الذي يجمعهما مايزال وليدا صغيرا، فكان في حضن أمه التي كانت (نحن نتخيل ربما مخطئين) في صف القوم الظالمين. وعندما وقع العذاب على القوم، حلّ بها ما حل بقومها. فكانت (نحن ما زلنا نتخيل) من الهالكين.

السؤال: أين الدليل على ما تفتري؟ وإن كان ما تقول صحيحا، فقل لنا ما حلّ بالطفل الرضيع الذي كان بين يديها. أليس هذا الطفل هو ابن نبي شاكر، أليس وهو لقمان ابن عمران (رسول سبأ الذين حل بهم عذاب سيل العرم) – كما تزعم؟ أليس هو من يساعد في إعادة بني إسرائيل إلى الأرض المقدسة بعد انقضاء فترة التيه؟ يسأل صاحبنا متعجلا.

رأينا المفترى: نحن نؤمن بأن الله – لا محالة- منجي الذين آمنوا وذريتهم الطيبة، فكانت النجاة للوليد حتى بعد هلاك والدته.

السؤال: كيف نجا ذلك الطفل من ذلك الطوفان العظيم الذي كان على شكل سيل العرم؟

رأينا المفترى: نحن نتخيل بأن الماء الذي حمل تابوت موسى في اليم، فأنجاه مع الغرق، قد حمل أيضا ذلك الطفل الرضيع في التابوت ذاته، فكانت نجاته من الغرق.

السؤال: أين تقاذفت الأمواج ذلك الطفل؟

جواب أغرب من الخيال: لقد تقاذفت الأمواج ذلك الطفل حتى حط به المقام في غابة شجرية عظيمة.

السؤال: كيف عاش ذلك الطفل في تلك الغابة؟

الخيال المفترى: لقد عاش ذلك الطفل مع الكائنات الحية في الغابة، فرضع منها، وتربى بينها، فكان داوود. انتهى.

السؤال: من هو داوود؟

الجواب: إنه فتى الغابة (Da wood)


المدكرون: رشيد سليم الجراح

بقلم: د. رشيد الجراح


8 تعليقات

  1. أليس عمران والد لقمان هو من نسل أيوب بن إسماعيل لتكون مريم بنت عمران أم عيسى من الموالي الذين هم نسل أيوب ؟؟🤔

    ردحذف
  2. بهذا الشكل أصبح لدينا عمران والد موسى
    وعمران والد مريم التي هي النسخة الموسوية
    وعمران والد لقمان.... وعلي هذا يكون عمران والد موسى هو أول عمران في الثلاثة وعلى اسمه تسمى عمران الثاني والثالث.... في انتظار توضيح دكتور رشيد

    ردحذف
  3. { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }
    [ سورة الأنعام : 84)
    دكتور رشيد ارجو قراءة الآية - داوود من ذرية إبراهيم أي إما من نسل إسماعيل أو من نسل إسحاق...... منتظر توضيحك

    ردحذف
    الردود
    1. اعتقد المقصود فيها من ذرية نوح

      حذف
    2. مستحيل ان يكون المقصود انه من ذرية نوح اولا لان أصل الكلام كان عن إبراهيم ثانيا معلوم ان كل الناس من ذرية نوح لقوله سبحانه وتعالى ( وجعلنا ذريته هم الباقين). فلا حاجة ان يذكر ان هؤلاء من ذرية نوح... فهكذا يصبح داوود من ذرية إبراهيم فإما من نسل إسحاق أو من نسل إسماعيل

      حذف
  4. كما نلاحظ ان في اسم داوود صوت مثل عواء الذئب، أو صوت من عمق الغابة المظلمة، وربما تكون الذئاب هي من ربته ... التفاتة جميلة منكم لأسم داوود ايها الدكتور المبدع، اتاكم ربي من لدنه علما...

    ردحذف
  5. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  6. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    اين الادلة والالفاظ التي استند اليها يادكتور في استخلاص هذه النتائج في نهاية هذا الجزء عن ما ذكرت حول: لقمان ابن عمران وهو رسول الله إلى سبأ ,,, وأين الدليل على كيفة حدوث سيل العرم وقوم سبا ... وقصة نجاة اسرة لقمان وزوجته وولده ,,, وقصة التابوت في بيت لقمان,,, وقصة الحياة الاولى لطفل لقمان في الغابة وو ,,, وهذه هي المشكلة المتكررة ..احيانا يتم سرد استنتاجات بغير ادلة ؟ نرجوا الرد من الدكتور رشيد.
    واستخفاف بعض الردود في اسم داوود بقولة (كما نلاحظ ان في اسم داوود صوت مثل عواء الذئب، أو صوت من عمق الغابة المظلمة، وربما تكون الذئاب هي من ربته).

    م خالد بن سعيد

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم