نظرية الأمانة - الجزء الخامس





الأمانة: الجزء الخامس

أنهينا الجزء السابق من مقالتنا هذه عند طرح التساؤل الكبير جدا التالي: لماذا يجب علينا جميعا عبادة الإله الواحد الأحد وعدم عبادة من هم دونه؟ فهل تنفع عبادتنا هذه الله في شيء؟



وقد كان دافعنا في طرح هذا التساؤل هو افتراءنا الذي مفاده بأن الإنسان قد تقدم من تلقاء نفسه لحمل الأمانة، فهي لم تعرض عليه أصلا كما حصل عندما عرضت على السموات والأرض والجبال:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)

كما زعمنا الظن بأن الذي دفع بالإنسان لحمل الأمانة هي عوامل ثلاث:

1.      النسيان

2.      الظلم

3.      الجهل

وقد حصل ذلك عندما هبط آدم مع زوجه من الجنة بسبب المعصية التي ارتكبها وهي الاقتراب من الشجرة. فنحن نفهم الآية أن ما دفع بالإنسان أن يتصدى لحمل الأمانة هي حالته تلك من النسيان والظلم والجهل التي وجد نفسه فيها بعد ارتكابه المعصية.

فأصبحت منطلقات التفكير عندنا في هذا الشأن على النحو التالي:

أولا، خلق الله السموات والأرض من أجل حمل الأمانة، وعندما عرضت تلك الأمانة عليهن (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ) رفضن رفضا قاطع لا رجعة فيه (فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا). فاخترن بذلك القرار التسيير على التخيير، وكان ذلك عندما طلب الله منهن أن يأتين طوعا أو كرها:

ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا ...

فكان قرارهن الأوحد هو أن يأتينه طائعين:

            ... قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)

فما أصبحت السموات والأرض والجبال بعد ذلك عرضة للمسائلة، ولا للمعاقبة.

ثانيا، خلق الله ما في الأرض جميعا من أجل الخليفة الذي اتخذ قراره أن يستخلفه في الأرض:

هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)

ثالثا، سخر الله لهذا الخليفة ما في السموات وما في الأرض جميعا:

وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)

رابعا، لم يسخر الله لهذا الخليفة السموات والأرض أنفسهن وإن كان قد سخر له ما فيهن

خامسا: جاء القرار الإلهي باستخلاف بشر في الأرض:

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ...

سادسا، استغرب الملائكة وربما ابدوا شيئا من الاعتراض على هذا القرار الإلهي:

قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30)

سابعا: علم الله آدم الأسماء كلها، فأصبح آدم صاحب علم يمكنه من السيطرة على كل ما هو دونه.

وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31)

نتيجة مهمة جدا: أصبح آدم نتيجة لما علمه ربه مباشرة عليما. فلا يمكن أن يكون آدم في هذه اللحظة جهولا حتى يتصدى لحمل الأمانة مادام أنه كان قادرا أن ينبئ الحاضرين بأسمائهم جميعا:

قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33)

ثامنا: سجد الملائكة كلهم أجمعون لآدم بعد عرض الأسماء عليهم، وتخلف إبليس عن ركب الساجدين:

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)

تاسعا: صرح إبليس علانية بسبب رفضه السجود لآدم بالتكبر:

قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12)

عاشرا: أسكن الله آدم وزوجه الجنة ليأكل منها رغدا حيث شاءا ولا يقربا شجرة محددة بعينها:

وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35)

أحد عشر: أخبر الله آدم بعداوة الشيطان له ولزوجه وحذره من النزول عند رغبته:

فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)

ثاني عشر: حاول إبليس إثارة الشك في نفس آدم عندما وسوس لهما عن سبب منعهما الأكل من الشجرة، وقاسمهما أنه لهما من الناصحين:

فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)

فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى (120)

ثالث عشر: نزل آدم وزوجه عند رغبة الشيطان فذاقا الشجرة وأكلا منها:

فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22)

فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)

رابع عشر: اعترف آدم بالظلم الذي ارتكبه وزوجه نتيجة نزولهما عند رغبة الشيطان، فأصبحا من الظالمين:

قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)

نتيجة مهمة جدا جدا: في هذه اللحظة أصبح آدم ظالما لنفسه. وربما ظالما لغيره كزوجه مثلا، فكان بذلك ظلوما

خامس عشر: استغفر آدم وزوجه ربهما، فحصل الاجتباء الإلهي لآدم والهداية:

ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)

سادس عشر: لكن هذا الاجتباء لم يحول دون معاقبة آدم وزوجه على فعلتهما تلك بالهبوط من الجنة:

قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)

ثامن عشر: تبين للإله بأن آدم ليس له عزم عندما أضاع العهد الأول، ونسيه:

وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)

فأصبح آدم في تلك اللحظة ناسيا، عندها لم يعد آدم بشرا خالصا، ولكن لما عابه النسيان أصبح إنسانا (أي من النسيان)، ظالما لنفسه ولغيره (ظلوما)، خاسرا العلم الذي جاءه بتعليم مباشر من ربه (جهولا). وفي هذه الحالة التي وجد آدم فيها نفسه لم يكن أمامه خيرا سوى أن يتقدم بنفسه لحمل الأمانة التي أبت السموات والأرض أن يحملنها وأشفقن منها. ليكون السؤال التالي محور النقاش هو: لماذا تصدى آدم في تلك اللحظة إلى حمل الأمانة؟

مفارقة: غالبا ما فهم الناس ربما مما وجدوه عند سادتنا العلماء أهل الدراية أن المفردات ظلوما جهولا في الآية الكريمة التي تتحدث عن حمل الإنسان للأمانة قد كانت نتيجة حمله الأمانة، فهم يظنون أن الإنسان قد أصبح ظلوما جهولا عندما اختار أن يحمل الأمانة، وانظر إن شئت في أقوال سادتنا العلماء أهل الدراية كما أوصلها لنا أهل الرواية في التفسير التالي المأخوذ من عند الطبري مثلا:

القول في تأويل قوله تعالى : { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } اختلف أهل التأويل في معنى ذلك , فقال بعضهم : معناه : إن الله عرض طاعته وفرائضه على السموات والأرض والجبال على أنها إن أحسنت أثيبت وجوزيت , وإن ضيعت عوقبت , فأبت حملها شفقا منها أن لا تقوم بالواجب عليها , وحملها آدم { إنه كان ظلوما } لنفسه { جهولا } بالذي فيه الحظ له . ذكر من قال ذلك : 21893 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير , في قوله : { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها } قال : الأمانة : الفرائض التي افترضها الله على العباد . 21894 - قال : ثنا هشيم , عن العوام , عن الضحاك بن مزاحم , عن ابن عباس , في قوله : { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها } قال : الأمانة : الفرائض التي افترضها الله على عباده . 21895 - قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا العوام بن حوشب وجويبر , كلاهما عن الضحاك , عن ابن عباس , في قوله { إنا عرضنا الأمانة } ... إلى قوله { جهولا } قال : الأمانة : الفرائض . قال جويبر في حديثه : فلما عرضت على آدم , قال : أي رب وما الأمانة ؟ قال : قيل : إن أديتها جزيت , وإن ضيعتها عوقبت , قال : أي رب حملتها بما فيها , قال : فما مكث في الجنة إلا قدر ما بين العصر إلى غروب الشمس حتى عمل بالمعصية , فأخرج منها . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد , عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية { إنا عرضنا الأمانة } قال : عرضت على آدم , فقال : خذها بما فيها , فإن أطعت غفرت لك , وإن عصيت عذبتك , قال : قد قبلت , فما كان إلا قدر ما بين العصر إلى الليل من ذلك اليوم حتى أصاب الخطيئة. * حدثني علي , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قوله { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال } إن أدوها أثابهم , وإن ضيعوها عذبهم , فكرهوا ذلك , وأشفقوا من غير معصية , ولكن تعظيما لدين الله أن لا يقوموا بها , ثم عرضها على آدم , فقبلها بما فيها , وهو قوله : { وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } غرا بأمر الله . * حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبى , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قوله : { إنا عرضنا الأمانة } : الطاعة عرضها عليها قبل أن يعرضها على آدم , فلم تطقها , فقال لآدم : يا آدم إني قد عرضت الأمانة على السموات والأرض والجبال , فلم تطقها , فهل أنت آخذها بما فيها ؟ فقال : يا رب : وما فيها ؟ قال : إن أحسنت جزيت , وإن أسأت عوقبت , فأخذها آدم فتحملها , فذلك قوله : { وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } . 21896 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا أبو أحمد الزبيري , قال : ثنا سفيان , عن رجل , عن الضحاك بن مزاحم , في قوله : { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } قال آدم : قيل له : خذها بحقها , قال : وما حقها ؟ قيل : إن أحسنت جزيت , وإن أسأت عوقبت , فما لبث ما بين الظهر والعصر حتى أخرج منها . 21897 - حدثت عن الحسين , قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال } فلم يطقن حملها , فهل أنت يا آدم آخذها بما فيها قال آدم : وما فيها يا رب ؟ قال : إن أحسنت جزيت , وإن أسأت عوقبت , فقال : تحملتها , فقال الله تبارك وتعالى : قد حملتكها ; فما مكث آدم إلا مقدار ما بين الأولى إلى العصر حتى أخرجه إبليس لعنه الله من الجنة ; والأمانة : الطاعة . 21898 - حدثني سعيد بن عمرو السكوني , قال : ثنا بقية , قال : ثني عيسى بن إبراهيم , عن موسى بن أبي حبيب , عن الحكم بن عمرو , وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الأمانة والوفاء نزلا على ابن آدم مع الأنبياء , فأرسلوا به , فمنهم رسول الله , ومنهم نبي , ومنهم نبي رسول . نزل القرآن وهو كلام الله , ونزلت العربية والعجمية , فعلموا أمر القرآن , وعلموا أمر السنن بألسنتهم , ولم يدع الله شيئا من أمره مما يأتون ومما يجتنبون , وهي الحجج عليهم , إلا بينه لهم , فليس أهل لسان إلا وهم يعرفون الحسن من القبيح , ثم الأمانة أول شيء يرفع , ويبقى أثرها في جذور قلوب الناس , ثم يرفع الوفاء والعهد والذمم , وتبقى الكتب , فعالم يعمل , وجاهل يعرفها وينكرها حتى وصل إلي وإلى أمتي , فلا يهلك على الله إلا هالك , ولا يغفله إلا تارك , والحذر أيها الناس , وإياكم والوسواس الخناس , وإنما يبلوكم أيكم أحسن عملا " . 21899 -حدثني محمد بن خلف العسقلاني , قال : ثنا عبد الله بن عبد المجيد الحنفي , قال : ثنا العوام العطار , قال : ثنا قتادة , وأبان بن أبي عياش , عن خليد العصري , عن أبي الدرداء , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خمس من جاء بهن يوم القيامة مع إيمان دخل الجنة : من حافظ على الصلوات الخمس , على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن , وأعطى الزكاة من ماله طيب النفس بها " وكان يقول : " وأيم الله لا يفعل ذلك إلا مؤمن , وصام رمضان , وحج البيت إن استطاع إلى ذلك سبيلا , وأدى الأمانة " قالوا : يا أبا الدرداء : وما الأمانة ؟ قال : الغسل من الجنابة , فإن الله لم يأمن ابن آدم على شيء من دينه غيره . 21900 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن الأعمش , عن أبي الضحى , عن مسروق , عن أبي بن كعب , قال : من الأمانة أن المرأة اؤتمنت على فرجها . 21901 -حدثني يونس , قال : ثنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد , في قول الله : { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها } قال : إن الله عرض عليهن الأمانة أن يفترض عليهن الدين , ويجعل لهن ثوابا وعقابا , ويستأمنهن على الدين , فقلن : لا , نحن مسخرات لأمرك , لا نريد ثوابا ولا عقابا , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وعرضها الله على آدم , فقال : بين أذني وعاتقي " ; قال ابن زيد , فقال الله له : أما إذ تحملت هذا فسأعينك , أجعل لبصرك حجابا , فإذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحل لك , فأرخ عليه حجابه , واجعل للسانك بابا وغلقا , فإذا خشيت فأغلق , واجعل لفرجك لباسا , فلا تكشفه إلا على ما أحللت لك . 21902 -حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال } يعني به : الدين والفرائض والحدود { فأبين أن يحملنها وأشفقن منها } قيل لهن : احملنها تؤدين حقها , فقلن : لا نطيق ذلك { وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } قيل له : أتحملها ؟ قال : نعم , قيل : أتؤدي حقها ؟ قال : نعم , قال الله : إنه كان ظلوما جهولا عن حقها . وقال آخرون : بل عنى بالأمانة في هذا الموضع : أمانات الناس . ذكر من قال ذلك : 21903 -حدثنا تميم بن المنتصر , قال : ثنا إسحاق , عن شريك , عن الأعمش , عن عبد الله بن السائب , عن زاذان , عن عبد الله بن مسعود , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها - أو قال : يكفر كل شيء -إلا الأمانة ; يؤتى بصاحب الأمانة , فيقال له : أد أمانتك , فيقول : أي رب وقد ذهبت الدنيا , ثلاثا ; فيقال : اذهبوا به إلى الهاوية فيذهب به إليها , فيهوي فيها حتى ينتهي إلى قعرها , فيجدها هناك كهيئتها , فيحملها , فيضعها على عاتقه , فيصعد بها إلى شفير جهنم , حتى إذا رأى أنه قد خرج زلت , فهوى في أثرها أبد الآبدين " . قالوا : والأمانة في الصلاة , والأمانة في الصوم , والأمانة في الحديث ; وأشد ذلك الودائع , فلقيت البراء فقلت : ألا تسمع إلى ما يقول أخوك عبد الله ؟ فقال : صدق . * قال : شريك , وثني عياش العامري عن زاذان , عن عبد الله بن مسعود , عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه , لم يذكر الأمانة في الصلاة , وفي كل شيء . 21904 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : أخبرني عمرو بن الحارث , عن ابن أبي هلال , عن أبي حازم , قال : إن الله عرض الأمانة على سماء الدنيا , فأبت ; ثم التي تليها , حتى فرغ منها , ثم الأرضين ثم الجبال , ثم عرضها على آدم , فقال : نعم , بين أذني وعاتقي , فثلاث آمرك بهن , فإنهن لك عون : إني جعلت لك لسانا بين لحيين , فكفه عن كل شيء نهيتك عنه ; وجعلت لك فرجا وواريته , فلا تكشفه إلى ما حرمت عليك . وقال آخرون : بل ذلك إنما عنى به ائتمان آدم ابنه قابيل على أهله وولده , وخيانة قابيل أباه في قتله أخاه . ذكر من قال ذلك : 21905 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن مرة الهمداني , عن ابن مسعود , وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان لا يولد لآدم مولود إلا ولد معه جارية , فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر , ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر , حتى ولد له اثنان , يقال لهما قابيل , وهابيل ; وكان قابيل صاحب زرع , وكان هابيل صاحب ضرع , وكان قابيل أكبرهما , وكان له أخت أحسن من أخت هابيل , وإن هابيل طلب أن ينكح أخت قابيل , فأبى عليه وقال : هي أختي ولدت معي , وهي أحسن من أختك , وأنا أحق أن أتزوجها , فأمره أبوه أن يزوجها هابيل فأبى , وإنهما قربا قربانا إلى الله أيهما أحق بالجارية , وكان آدم يومئذ قد غاب عنهما , أي بمكة ينظر إليها , قال الله لآدم : يا آدم هل تعلم أن لي بيتا في الأرض ؟ قال : اللهم لا , قال : إن لي بيتا بمكة فأته , فقال آدم للسماء : احفظي ولدي بالأمانة , فأبت ; وقال للأرض , فأبت ; فقال للجبال , فأبت ; فقال لقابيل , فقال : نعم , تذهب وترجع وتجد أهلك كما يسرك ; فلما انطلق آدم وقربا قربانا , وكان قابيل يفخر عليه فيقول : أنا أحق بها منك , هي أختي , وأنا أكبر منك , وأنا وصي والدي ; فلما قربا , قرب هابيل جذعة سمينة , وقرب قابيل حزمة سنبل , فوجد فيها سنبلة عظيمة , ففركها فأكلها , فنزلت النار فأكلت قربان هابيل , وتركت قربان قابيل , فغضب وقال : لأقتلنك حتى لا تنكح أختي , فقال هابيل { إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين } 5 27 : 28 إلى قوله : { فطوعت له نفسه قتل أخيه } س 5 30 فطلبه ليقتله , فراغ الغلام منه في رءوس الجبال ; وأتاه يوما من الأيام , وهو يرعى غنمه في جبل , وهو نائم , فرفع صخرة , فشدخ بها رأسه , فمات , وتركه بالعراء , ولا يعلم كيف يدفن , فبعث الله غرابين أخوين فاقتتلا , فقتل أحدهما صاحبه , فحفر له , ثم حثا عليه ; فلما رآه قال : { يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي } 5 31 فهو قول الله تبارك وتعالى : { فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه } 5 31 فرجع آدم فوجد ابنه قد قتل أخاه , فذلك حين يقول : { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال } ... إلى آخر الآية . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما قاله الذين قالوا : إنه عني بالأمانة في هذا الموضع : جميع معاني الأمانات في الدين , وأمانات الناس , وذلك أن الله لم يخص بقوله : { عرضنا الأمانة } بعض معاني الأمانات لما وصفنا. وبنحو قولنا قال أهل التأويل في معنى قول الله : { إنه كان ظلوما جهولا } . ذكر من قال ذلك : 21906 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي { إنه كان ظلوما جهولا } يعني قابيل حين حمل أمانة آدم لم يحفظ له أهله. 21907 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا أبو أحمد الزبيري , قال : ثنا سفيان , عن رجل , عن الضحاك , في قوله : { وحملها الإنسان } قال آدم { إنه كان ظلوما جهولا } قال : ظلوما لنفسه , جهولا فيما احتمل فيما بينه وبين ربه . 21908 -حدثنا علي , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس { إنه كان ظلوما جهولا } غر بأمر الله . 21909 -حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة { إنه كان ظلوما جهولا } قال : ظلوما لها , يعني للأمانة , جهولا عن حقها

فهم إذن يظنون بأن حالة الإنسان من الظلم والجهل هي نتيجة لحمله الأمانة (انظر ما وضعنا تحته خط في الاقتباس السابق). وهذا ما نظن نحن بخطئه.

رأينا البديل: نحن نريد من القاري الكريم أن يعكس الصورة في ذهنه ليتفكر بالأمر على النحو المعاكس وهو أن الإنسان كان ظلوما جهولا قبل أن يحمل الأمانة وأن ذلك هو ما دفعه إلى حملها بدليل مفردة كان في النص القرآني:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)

فنحن نفهم الآية الكريمة على نحو أن حالة الإنسان المتمثلة بالظلم والجهل كانت سابقة (وهي السبب) الذي دفعه إلى حمل الأمانة.


التميز بين العهد والأمانة.

نحن نظن أن الله قد عهد إلى آدم من قبل أن يتقدم آدم إلى حمل الأمانة، وقد حصل هذا العهد قيل أن يأمر الله الملائكة بالسجود لآدم. وانظر إن شئت في السياق التالي:

وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116)

السؤال: ما هو العهد الذي كان من الله إلى آدم؟

رأينا: إنه العلم (علم الأسماء كلها):

وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31)

عندها لم يكن آدم ناسيا، ولم يكن ظالما، والأهم من ذلك كله لم يكن جاهلا. فهل يعقل أن آدم قد تقدم لحمل الأمانة في تلك اللحظة؟

رأينا، كلا وألف كلا.

السؤال: فمتى إذن تقدم آدم لحمل الأمانة؟

رأينا: كان ذلك بعد أن نسي العهد الأول، فأصبح إنسانا (من النسيان) جاهلا (لأنه فقد العلم الذي جاءه من ربه)، وبعد أن نزل عند رغبة الشيطان بالأكل من الشجرة فأصبح ظالما لنفسه ولغيره. فكان ظلوما، والآن اقرأ – عزيزي القارئ- الآية الكريمة نفسها من هذا الجانب المفترى من عند أنفسنا

 إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)

السؤال: لماذا تقدم آدم (الإنسان) في هذه اللحظة إلى حمل الأمانة؟

جواب: نحن نظن أنه بالإضافة إلى النسيان والجهل والظلم الذي ابتلي به آدم، حصلت هناك جملة من التغيرات لآدم وزوجه أبرزها نزع اللباس عنهما لتبدى لهما سوآتهما:

يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (27)

فأصبح آدم (الإنسان) يعيبه كثير من صفات النقص، نذكر منها

-          لم يعد ذا عزم  

وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا   (115) 

-           أصبح خلقه ضعيفا، وهنا على وهن:

يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا  (28)

وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)

-          الإنسان خلق في كبد

لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ(4)  

-          أصبح الإنسان أكثر شيء جدلا

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا(54) 

-          الإنسان كفور

وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ  (9)

وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ 15) 

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ   (48)

-          الإنسان خصيم مبين

خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ  (4)

-          الإنسان عجول

وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا(11)  

خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ  (37)

-          الإنسان هلوع

إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) 

-          الإنسان لربه كنود

إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ  (6)

-          الإنسان يئوس قنوط

لَّا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) 

وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا  (83)

-          الإنسان ظلوم

وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ   (34) 

-          الإنسان قتور

قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنفَاقِ وَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا(100) 

فماذا يمكنه (من أصبحت هذه صفاته) أن يفعل الآن؟

رأينا المفترى الخطير جدا: مادام أن صفاته قد أصبحت على تلك الشاكلة، لم يكن يستطيع آدم (الإنسان) العودة إلى الجنة التي هبط منها، وما عاد باستطاعته الحصول مرة أخرى على العلم الذي نسيه، فما عاد يستطيع أن يكون هو رب الأرض (أي الخليفة) الذي يحكم فيها بالحق. فقدْ فقدَ كل المؤهلات التي كانت تمكنه بأن يكون هو رب الأرض الذي لا ينازعه في ذلك أحد، لأن الجميع كان سيأتمرون بأمره وينتهون بنهيه لو أنه لم يخسر تلك الهبة الإلهية، فكيف سيستطيع تعويض ما فات؟

افتراء خطير جدا جدا: هنا تقدم آدم (الإنسان) بنفسه لحمل الأمانة التي أبت السموات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن منها.

السؤال: لماذا تقدم آدم (الإنسان) إلى حمل الأمانة بنفسه؟ وما علاقة هذا بذاك؟

جواب مفترى: لكي يستطيع العودة إلى الجنة التي فقدها، ولكي يحصل مرة أخرى على العلم الذي خسره، ليعود فيكون خليفة الله في الأرض (الجنة)، يأتمر كل ما فيها بأمره وينتهي بنهيه.

السؤال: لكن كيف سيحصل على ذلك؟

جواب: لكي يتمكن من ذلك (أي العودة إلى الجنة التي فقدها)، كان لابد عليه من أن يتخلص من كل صفات النقص التي اعترته والتي ذكرناها أعلاه كالظلم والجهل والعجلة والكبد والقتور، الخ.

السؤال: وكيف يستطيع التخلص من هذه الشوائب التي طرأت عليه؟

جواب: لابد من وسيلة أو لنقل أداة محددة تمكنه من فعل ذلك.

السؤال: وماذا يمكن أن تكون تلك الأداة؟

رأينا المفترى: إنها الأمانة

افتراء خطير جدا: عندما وجد الإنسان (آدم) حالته المزرية التي تتمثل بالنسيان والجهل والظلم بعد الوقوع في المعصية، لم يكن لديه بديل عن العودة إلى ربه ليساعده للخروج مما هو فيه. فاستغفر ربه على هذا الظلم الذي وقع فيه، عندها وجد ربا رحيما يجتبيه ويهديه. أنظر موقع هذه المنة الإلهية في السياق القرآني:

فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)

نتيجة مهمة: نحن نظن أن هذا الاجتباء الإلهي لآدم وهذه الهداية قد جاءت بعد الوقوع في المعصية وقبل الهبوط من الجنة.

السؤال: لماذا؟ وبكلمات أكثر دقة نحن نسأل: إذا كان الله قد اجتبى آدم وهداه بعد الوقوع في المعصية بدليل وجود أداة الانتقال الزمني (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى)، فلم أهبطه من الجنة؟ ما الحاجة للهبوط من الجنة مادام أن الله قد اجتباه بعد وقوعه في المعصية؟

جواب: لنقرأ هذه الآيات الكريمة في سياقها الأوسع:

فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)

نتيجة مهمة جدا: لو تدبرنا هذه الآيات الكريمة لوجدنا أن الهداية هي لمن هبط من الجنة. فما دام آدم في الجنة فهو لا يحتاج إلى هداية من ربه، ولكنه أصبح بحاجة إلى هذه الهداية عندما خسرها. لنخرج من خلال ذلك بالافتراء التالي: من كان في الجنة فهو لا يحتاج إلى هداية من ربه ولكن من هبط من الجنة فهو بحاجة إلى تلك الهداية.

الاجتباء

نحن نظن أن الاجتباء يحمل في ثناياه أمرين اثنين وهما (1) التوبة و (2) الهداية. فالتوبة وحدها لا تكفي أن يحصل فعل الاجتباء والهداية وحدها لا تكفل ذلك، وانظر ما حل بآدم نفسه بعد الوقوع في المعصية:

ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)

ونحن نفهم الآية الكريمة على نحو أن الله هو من أجتبى آدم (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ)، وكان ذلك بأن تاب عليه وهداه (فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى).

الدليل

أولا، هناك فصل واضح بين الهداية والاجتباء

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)

شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ (13)

وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (87)

ثانيا، غالبا ما يكون الاجتباء من نصيب الرسل:

مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)

ويكون ذلك بمشيئة الرسول الباحث عن الاجتباء بنفسه كما حصل من إبراهيم:

            شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121)

وقد يحصل هذا الاجتباء بعد وقوع كارثة محتمة كحالة صاحب الحوت الذي اجتباه ربه بعد ما أخرجه من الكرب:

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)

وقد يكون هناك منافسه للشخص الباحث عن الاجتباء كما في حالة يوسف وإخوته:

وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)

وأخيرا، نحن نظن أن الاجتباء فعل لا يقدر عليه البشر، فهو فعل خاص بالإله نفسه، فحتى محمد نفسه لا يستطيع أن يجتبي:

وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)

ولو تدبرنا جميع صيغ فعل الاجتباء لوجدنا أن الله هو من يقوم بذلك.

السؤال: كيف يحدث الله الاجتباء لمن يشاء من عباده؟

جواب: لابد أن يقدم له ما يثبت ذلك.

السؤال: كيف حصل الاجتباء الإلهي لآدم بعد وقوعه في المعصية؟

فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)

جواب: لو أعملنا التفكر في الآية الكريمة التالية لوجدنا أن هداية آدم قد تمت بعد أن تلقى آدم من ربه كلمات:

فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)

السؤال: إذا كانت هداية آدم قد تمت بأن تلقى من ربه كلمات، فكيف حصل الاجتباء الإلهي لآدم؟

جواب: نحن نظن أن هذا قد تم بنفس الطريقة التي تم بها الاجتباء الإلهي لرسله:

مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)

ويكون ذلك – نحن نفتري القول – بتقديم الآيات له:

وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)

التي يكون الرسول ملزم فيها بإتباع ما يوحى إليه.

نتيجة مهمة جدا جدا: الاجتباء يتم بالوحي، ولكن الهداية قد لا تحتاج إلى الوحي

فعندما اجتبى الله إبراهيم، فقد أصبح رسولا بما يوحي إليه ربه:

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121)

وكذلك حصل مع صاحب الحوت:

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)

وكذلك حصل مع يوسف:

وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)

نتيجة مهمة جدا: مادام أن الله قد اجتبى آدم فقد أصبح الوحي يتنزل عليه

الدليل

لو راقبنا حياة آدم في الجنة قبل الوقوع في المعصية لوجدنا أن الخطاب الإلهي معه كان مباشرا:

قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33)

وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35)

وحصل ذلك حتى بعد الوقوع في المعصية وهم لازالوا متواجدين فيها ولكن ذلك تم بطريقة النداء:

فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22)

ولكن ما هبط آدم وزوجه من الجنة حتى انقطع الخطاب الإلهي معهما تماما، فما عاد آدم يستطيع التواصل الإلهي المباشر، وهنا كان بحاجة إلى طريقة ليتواصل مع ربه بها، فكيف سيحصل ذلك؟

جواب: هذا ما نظن أنه الاجتباء، أي التواصل مع الإله بواسطة الوحي

السؤال: لماذا لم يستطع آدم أن يبقى على تواصل مباشر مع ربه بعد الهبوط من الجنة؟

جواب: لأنه فقد الأداة، أي أداة التواصل المباشر مع ربه؟

السؤال: وما هي تلك الأداة؟

رأينا المفترى: إنها ما كان الله قد عهده إلى آدم من قبل. إنه علم الأسماء (أو اللغة الإلهية) التي تمكنه من مخاطبة ربه مباشرة

السؤال: وكيف فقدها؟

جواب: بالنسيان:

وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)

نتيجة مفتراة مهمة جدا: لقد فقد آدم العهد (وهو الأداة التي كانت تمكنه من التواصل المباشر مع ربه)

السؤال: كيف سيستطيع آدم أن يمد جسر التواصل مع ربه من جديد؟

جواب: قضت مشيئة الله بأن لا يترك آدم، فمد معه جسر تواصل جديد ولكن هذه المرة بطريقة الاجتباء (أي الوحي)، وهذا هو أسلوب التواصل مع الإله بطريقة غير مباشرة.

تخيلات: ما أن حصل الاجتباء الإلهي لآدم حتى طلب آدم من ربه أن يعطيه ما يمكن أن يساعده في الخروج مما هو فيه من الجهل والظلم والنسيان. فعرض آدم على ربه حمل الأمانة:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)

فحمل آدم الإنسان الأمانة، ولكن كان حمل آدم للأمانة – نحن نظن- مشروطا. فنحن نظن أن الله قد قبل أن يحمل آدم الأمانة لكن بشرط واحد.

السؤال: ما هو ذلك الشرط؟ ربما سيسأل صاحبنا مستغربا.

جواب: نحن نظن أن الشرط هو ما يمكن أن نستنبطه من صريح اللفظ في الآية الكريمة التالية:

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)

رأينا المفترى: مادام أن القاعدة الإلهية هي الأمر الإلهي بأن تؤدى الأمانات إلى أهلها، فإننا نظن أن الأمانة التي حملها الإنسان لابد أن تكون مشروطة بذلك : أن يؤديها من يحملها لأهلها في نهاية المطاف. فمن أخذ أمانة فلابد أن يؤديها لأهلها.

السؤال: إذا كان آدم قد أخذ الأمانة (كحاجة مستردة) من عند أهلها، فمن هم أهلها؟ وما هي الأمانة التي أمرنا الله بردها إلى أهلها؟

جواب: أليس الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة؟

وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)  

تخيلات: نحن نتخيل أن الإله كان عنده أمانة، فخلق السموات والأرض والجبال وعرضها عليهن ليحملنها، فأبين وأشفقن منها. بقيت الأمانة معلقة، لا يحملها أحد.

خلق الله آدم ليكون خليفته في الأرض (وليس لحمل الأمانة)، فحصل أن وقع آدم في المعصية، فتبدلت حاله وساءت أوضاعه، فأصبح إنسانا ظلوما جهولا يتمتع بكثير من صفات النقص،

انقطع الاتصال المباشر لآدم مع ربه بمجرد أن هبط وزوجه من الجنة.

وجد آدم نفسه في هذا المكان المقفر الموحش، وقد اعترته عيوب كثيرة بسبب نزع الشيطان عنهما لباسهما. كان لابد لآدم من وسيله تساعده على التخلص من تلك النواقص، لجأ آدم إلى ربه، فاستغفره مقرا بظلمه الذي وقع فيه. مادام أن آدم قد رجع إلى ربه مخلصا الرجاء، كان الكرم الإلهي عليه بالاجتباء، بالتوبة والهداية، ولكن حبل التواصل المباشر كان قد انقطع، فمد الله آدم بجسر جديد من التواصل بطريقة غير مباشرة، فكان الاجتباء، وكان الوحي.  

كان الهدف من ذلك الوحي هو أن يعود آد إلى ربه بالطريقة السليمة حتى يصبح مؤهلا من جديد للرجوع إلى الجنة التي فقدها بعد أن يتخلص من كل العيوب التي اعترته. فكيف سيصل إلى مبتغاه؟

جواب: تقدم آدم بالعرض أن يحمل الأمانة التي أبت السموات والأرض أن يحملنها وأشفقن منها.

جاءه الكرم الإلهي بأن حمّله الله تلك الأمانة لكي تساعده إلى العودة إلى سابق عهده قبل المعصية ومن ثم الرجوع إلى الجنة التي فقدها. -كان من المفترض بآدم أن يحافظ على تلك الأمانة حتى يؤديها إلى أهلها:

 إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)

السؤال: ما هي الأمانة التي يمكن أن تساعد آدم على التخلص مما هو فيه من عيب ونقص؟

جواب: إنها النفس التي يتوفاها الله بالموت والحياة:

اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42)

وهي التي ألهمها الله فجورها وتقواها:

وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)

السؤال: كيف يمكن لتلك الأمانة (النفس الملهمة فجورها وتقواها) أن تساعد الإنسان على التخلص مما هو فيه من النقص؟

جواب: نحن نجد الجواب في تتمة الآيات السابقة:

قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)

افتراء خطير من عند أنفسنا: نحن نظن أن النفس التي حملها الله للإنسان كأمانة هي ما يمكّن الإنسان من الذهاب باتجاه التقوى أو باتجاه الفجور. فإذا ما اختار الإنسان أن يزكي نفسه فإن التقوى هو المحصلة، وأما إن أراد أن يذهب باتجاه أن يدسيها، فإن الفجور لا محالة واقع.

والآن أنظر في النص القرآني الذي يتحدث عن الاجتباء الرباني لآدم بعد الوقوع في المعصية في سياقه الأوسع:

ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)

نتيجة: لقد حمل آدم الآن ما يمكنه من إتباع الهدى والإعراض عن ذكر ربه، فأصبح مخيرا فيما يفعل لا شأن لخالقه به سوى مراقبته، لحسابه على ما قدم لنفسه:

وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3)

وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ (39)

ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ (52)

السؤال: ما هي الأداة التي تمكن الإنسان من أن يكسب شيئا، صالحا كان أم طالحا؟

جواب: إنها النفس:

الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)

وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (22)

كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)

السؤال: لماذا جرت الأمور بتلك الطريقة؟ لماذا كانت تلك النفس ملهمة الفجور والتقوى؟ لِم لَم يلهم الله تلك النفس التقوى وكفى؟ فلماذا ألهمها الفجور مع التقوى؟ فما الذي يستفيده الإله عندما ألهم تلك النفس الفجور بالإضافة إلى إلهامه إياها التقوى؟ ألن يكون في ذلك حرج لنا؟ ما كان يضر الإله لو أن أنفسنا كانت كلها ملهمة التقوى؟

إن هذه التساؤلات تعيدنا على الفور إلى طرح التساؤل الأكبر: لماذا خلق الله الخلق جميعا؟

جواب: للعبادة، أليس كذلك؟

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)

لكن هذا الجواب يثير التساؤل الأخطر وهو: لماذا يريد الله منا أن نعبده؟ ألن يكفيه أنه رب كل شي؟

قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)

ألن يكفيه أن كل شيء يسبح بحمده؟

تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)

إذن، لنطرح التساؤلات التي تخصنا نحن بني آدم، فنذكر منها:

-          لماذا خلق الله آدم؟

-          لماذا استخلفه في الأرض؟

-          لماذا أخرجه من الجنة وقد كان مستخلفا فيها؟

-          لماذا سيكافئ الله الإنسان بالثواب والعقاب؟

-          ما يضر الإله لو أنه لم يخلقنا أصلا؟

-          ما الذي سيكسبه الإله من معاقبتنا؟

-          فهل تضره معاصينا؟

-          وهل تنفعه طاعتنا؟

-          ما الذي يجري؟

-          من يدري؟!!!

أليست هذه هي الأسئلة الوجودية التي أعيت العقل البشري؟ فهل لنا نحن الحق أن نتفكر بها كما تفكر بها غيرنا؟

رأينا: تعالوا بنا نخرّص حول هذه الإجابات من هذا المنظور الذي نطرحه والذي نظن أنه غير مسبوق، ولننتظر لنرى ما ستؤول إليه الأمور في نهاية المطاف

باب الفرق بين العبادة والتسبيح

لو دققنا في الآية الكريمة التالية لوجدنا أن السموات والأرض من فيهن جميعا يسبحن بحمد الله، وإن من شيء إلا يسبح بحمده:

تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)

افتراء خطير (1): لو حاولنا ربط ذلك بموضوع الأمانة لربما جاز لنا أن نفتري القول بأن من يسبح بحمد الله (كالسموات والأرض ومن فيهن) فهو لا يحمل الأمانة، فبالرغم أن السموات والأرض والجبال قد أبين حمل الأمانة وأشفقن منها إلا أن هذا الرفض لم يمنعهن من التسبيح. ولو دققنا أكثر لوجدنا أن تسبيحهم هو تسبيح بحمد الله.

افتراء خطير (2) بناء على ذلك فإننا سنفتري الظن من عند أنفسنا بأن من يسبح بحمد ربه فقط، ولا يخرج عن ذلك أبدا، فهو لا يحمل نفسا قد ألهمت فجورها وتقواها، فهو يحمل نفسا قد سويت كلها تقوى، لذا فهي مسيرة قد أتت الله طائعين:

ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)

ولو دققنا أكثر لوجدنا أن كل هذه الأشياء التي تسبح بحمد ربها فقط هي أيضا تسجد لله:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء (18)

ولكن المتفحص لهذه الآية الكريمة يجد الفرق جليل بين هذه الأشياء التي تسبح وتسجد (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ) وبين الإنسان الذي قد يسجد وقد لا يسجد (وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ).

السؤال: ما الذي يمكن أن نستنبطه من ذلك؟

نتيجة مفتراة: نحن نظن أن من يسبح بحمد الله فقط ومن يسجد لله فقط فهو مسير، ولكن للإنس والجن قصة أخرى. إنها العبادة.

افتراء خطير (3) من يعبد الله فهو مخير وليس مسير

نتيجة مفتراة (4): مادام أن من يعبد الله فهو مخير، إذن لابد أن يكون قد حمل تلك الأمانة، أي النفس التي ألهمها الله فجورها وتقواها.

نتيجة مفتراة (5): هناك فرق بين تسبيح الله (طوعا - تسييرا) وبين من يعبد الله (تخييرا). فمن يسبح الله فقط لا يستطيع أن يعصيه، لذا ينتفي بهذا حق المسائلة، فهو غير مسئول عن ما يصدر عنه لأن ذلك محتوم الطريقة والمصير، والأهم من ذلك أنه يسبح بحمد الله فلا يكسب سوءا. أما من يعبد الله، فهو مخير غير محتوم الطريقة والمصير، وهو قادر على كسب السوء.

السؤال: وما الفرق؟

جواب: تخيل أنك قمت بصناعة سيارة ما، وقد قمت ببرمجتها بطريقة ما، وهي تعمل بتلك الآلية التي بُرمجت عليها، فهل تتوقع منها أكثر مما وضعته أنت فيها؟ وهل تتوقع أن يصدر عنها ما يخالف البرنامج الذي صممته بنفسك ووضعته فيها لتعمل على أساسه؟

جواب: كلا.

سؤال: إذا كان كذلك، هل ستحاسب تلك الآلة على أفعالها المبرمجة مسبقا؟

جواب: كلا.

السؤال: وهل تكافئها على ذلك؟

جواب: كلا.

السؤال: فما فضل تلك السيارة؟ والأهم من ذلك ماذا استفدت أنت صانع السيارة من ذلك؟

الجواب: لا شيء.

نتيجة خطيرة جدا جدا: مادامت تلك السيارة تسير حسب البرنامج الموضوع فيها مسبقا، فلا تستطيع أن تحيد عنه، فهي بذلك غير مفيدة لصانعها في شيء جديد، فصانعها لا يستفيد منها كما أنها – في الوقت ذاته- لا تضره شيئا.

لكن – بالمقابل – تخيل أنك قمت بصناعة سيارة، وقمت بوضع البرنامج فيها الذي يؤهلها أن تقوم هي بما تريد من تلقاء نفسها، ولا تستطيع أنت (صانعها) أن تتنبأ بحركاتها وأفعالها في كل مرة، وقمت أنت بمراقبتها من بعيد لترقب ما ستفعل تلك الآلة، ألن يكون هذا تصميما أكثر خطورة من سابقه؟ وإذا ما قامت تلك السيارة بعمل تجاوز الحدود وأدى إلى إحداث الخراب، ألن تقوم بمعاقبتها؟ هل ستتركها تعيث فسادا في كل ما هو حولها؟ وإذا قامت بإحداث الإصلاح فيما حولها، ألن تحاول أن تكافئها وتعزز ما قامت به؟ والأهم من ذلك كله، ألن تستفيد أنت صانعها منها؟

رأينا: نحن نفهم – مفترين الظن من عند أنفسنا- سيناريو التسبيح والعبادة بهذه المشابهة، فالذي يسبح بحمد ربه هو كما الآلة المصممة والمبرمجة مسبقا التي لا تستطيع أن تخرج عن سيطرة صانعها. فهي لا تضره في شيء ولا تفيده في شيء مادام أن الأمور محسومة مسبقا. أما الذي يعبد ربه (الجن والإنس) فهو غير مبرمج مسبقا، يتحكم بذاته، ويستطيع برمجة نفسه، ويمكن له أن يخرج عن إرادة خالقه (للتفصيل انظر مقالتنا تحت عنوان: مقالة في التسيير والتخيير)

السؤال: ما دخل الإله بذلك؟

رأينا: جاء خلق الجن والإنس من أجل العبادة فقط، لذا كان الجن والإنس هما المخلوقان الوحيدان اللذان يعبدان ويسبح كثير منهم ولكن ليس جميعهم، في يحن أن الأشياء الأخرى كالسموات والأرض ومن فيهن يسبحون بحمد ربهم فقط ولا يعبدونه.

السؤال: أيهما أفضل التسبيح أم العبادة؟

جواب: لا شك أن العبادة أفضل من التسبيح لأن العبادة جاءت بالاختيار بينما جاء التسبيح بالتسيير

السؤال: لماذا يريدنا الله أن نعبده؟ لم لم يخلقنا كباقي ما في السموات والأرض لنكون مسبحين بحمده فقط؟

جواب خطير جدا جدا ربما لم يسبقنا أحد إلى القول بمثله: لأن عبادتنا تنفع الإله نفسه. وهل هناك قول أخطر من ذلك؟

الدليل

لو تدبرنا السياقات القرآنية ذات العلاقة على مساحة النص القرآني لوجدنا شيئا غاية في الغرابة نظن أن سادتنا العلماء أهل الدراية لم يتنبهوا له، ألا وهو أن ما يقابل الضر هو المنفعة. وانظر – إن شئت- في الآيات الكريمة التالية:

وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ (102)

قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)

وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)

وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (106)

قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66)

يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12)

وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55)

أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73)

والآن لنتفقد السياقات القرآنية الخاصة بالإله نفسه، لنجد على الفور أن الإله ينفي احتمالية أن نضره في شيء. واقرأ – إن شئت- قوله تعالى:

وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (144)

إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)

فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)

نتيجة مهمة جدا جدا: نحن لا نستطيع أن نضر الإله، أليس كذلك؟

السؤال المربك المفاجئ: إذا كان الله قد نفى احتمالية أن نضره في شيء، فهل هناك سياق قرآني واحد ينفي فيه الإله احتمالية أن ننفعه في شيء؟

جواب خطير: كلا، نحن لم نجد في النص القرآني آية كريمة واحدة تدلنا بأننا لن ننفع الله في شيء

السؤال: لماذا لم ينفي الله احتمالية أن ننفعه كما نفى احتمالية أن نضره؟

نتيجة مفتراة خطيرة جدا جدا: نحن الذين نعبد الله من الجن والإنس خلقنا – نحن نفتري القول من عند أنفسنا- من أجل منفعة تصل الإله منا. وبخلاف ذلك يصبح الخلق – نحن نظن- عبثا:

أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115)

السؤال: ما المنفعة التي ينالها الله من عبادتنا إياه إذن؟

جواب: نحن نظن أن المنفعة التي ينالها الله منا هي ما جاء في قوله تعالى:

لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)

نتيجة خطيرة جدا جدا: نحن نفتري الظن بأن الله خلقنا (نحن معشر الجن والإنس) من أجل العبادة وذلك حتى ينال الله منا التقوى، مادام أن الله هو نفسه أهل التقوى:

وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)

ولو أعملنا التفكير في الغاية من جميع عباداتنا (أي الشعائر التي نقوم بها) لوجدنا أن المحصلة النهائية هي التقوى:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63)

وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)

وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)

وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171)

ولو تفقدنا الأمر الإلهي "اتَّقُوا اللَّهَ" في النص القرآني لوجدناه متوافرا كثيرا جدا:

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)

الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)

وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ۚ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)

وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)

نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)

وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ۚ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ۗ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ۚ وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا ۖ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)

وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ۚ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102)

وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ۚ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)

يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4)

وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (57)

وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ (88)

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ۖ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)

قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100)

ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108)

إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ۖ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112)

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (1)

فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (69)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)

وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ (78)

وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69)

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108)

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (110)

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (126)

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131)

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (144)

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150)

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163)

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70)

وَلَمَّا جَاءَ عِيسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9)

مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)

وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)

فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا (1)

أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10)

وجاءت صيغة "اتقوا ربكم" في سياقات أخرى:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (1)

قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (1)

وجاء خطابا خاصا بالنبي نفسه بأن يتقي الله:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)

وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37)

وجاء أمرا لكل إنسان حتى الكافر منهم:

وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)


. نتيجة مهمة جدا جدا: جاء خلق الله الجن والإنس من أجل عبادته حتى ينال الله منا التقوى من جراء عبادتنا إياه.

تساؤلات:

- ما هي التقوى؟

- كيف ينالها الله منا؟

- ولماذا يريدها الله منا؟

هذا ما سنحاول النبش فيه لاحقا بحول الله وتوفيقه، سائلين الله وحده أن يهدينا إلى نوره الذي أبى إلا أن يتمه ولو كره الكافرون الذين ما انفكوا يوما عن محاولة أن يطفئوا نور الله بأفواههم. ولكن لما كانت عقيدتنا أن الله هو من أبى إلا أن يتم نوره فإننا لا نعدم الرجاء أن يهدينا الله إليه، وأن يعلمنا ما لم نكن نعلم وأن ينفذ مشيئته وإرادته لنا الإحاطة بشيء من علمه لا ينبغي لغيرنا، إنه هو الواسع العليم – آمين.

المدّكرون             رشيد سليم الجراح                          محمد عبدالعزيز السيسي                  علي محمود سالم الشرمان

بقلم د. رشيد الجراح

17 حزيران 2014