نبذة عن المقالة:
فهرس المقالة
- مقدمة: التمييز بين علمي يوسف
- الفرق بين أنواع الرؤيا في القرآن
- افتراضات حول آلية النوم والطائر
- تحليل رؤيا الملك: السنابل والسنبلات
- خاتمة وتساؤلات للمقالة القادمة
مقدمة: التمييز بين علمي يوسف
انتهينا في الجزء السابق من هذه المقالة إلى افتراء القول من عند أنفسنا أنه قد توافر ليوسف نوعان من العلم وهما:
- العلم الذي تحصل له من أبيه يعقوب وهو علم الفتوى في الرؤيا
- العلم الذي تحصل له من أبيه الذي تربى في بيته وهو علم تأويل الأحاديث
وكانا هذان هما أبويه اللذين رفعهما على العرش معا:
(سورة يوسف)
ولكن واحدًا منهم فقط هو من وجه إليه يوسف الخطاب بعد أن رفع كليهما على العرش، انظر تتمة الآية السابقة:
(سورة يوسف)
وزعمنا الظن بأن اسم الإشارة هَذَا في قوله (وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ) هو – نحن نفتري القول- إشارة من يوسف بيده إلى مكان محدد وهو ذلك العرش (أي الشاشة) التي يبين من خلالها أمر ما هو كائن. فلقد رفع يوسف أبويه عليها ليرى أبوه يعقوب على وجه التحديد تأويل الرؤيا كما تظهر على عرش يوسف.
رأينا المفترى: كما افترينا القول بأن العرش هو العِلْم الذي تعلّمه يوسف في بيت أبيه الثاني الذي اشتراه من مصر. فذاك الرجل كان صاحب علم بالعرش، فلم يكن يحتاج يوسف أن يريه إياه. ولكن يعقوب هو الذي يحتاج أن يرى ما تحصل لولده يوسف من إتمام نعمة ربه عليه كما أتمها على أبويه من قبل إبراهيم وإسحق، وكما سيكون في ذلك تمام النعمة الإلهية على آل يعقوب من بعده:
(سورة يوسف)
فكان ذلك – في رأينا- هو علم تأويل الأحاديث الذي تعلمه يوسف بعيدا عن والده يعقوب في بيت ذلك الرجل الذي اشتراه من مصر :
(سورة يوسف)
كما افترينا القول بأن العلم الذي تلقاه يوسف في بيت أبيه الأول يعقوب كان هو علم الفتوى بالرؤيا:
(سورة يوسف)
وقد سقنا الدليل على ذلك من مشاهدة مفادها بأن ذلك العلم كان متوافرا في بيت يعقوب من ذي قبل. فيوسف هو أول من رأى شيئا، فقصصه مباشرة على والده يعقوب:
(سورة يوسف)
ونحن نعتقد جازمين بأن يعقوب كان على دراية بالفتوى في الرؤيا، وذلك على أقل تقدير لسببين اثنين:
- أن يوسف لم يتردد أن يقصص رؤياه على والده طالبا خبرها، فلو لم يكن يعقوب على دراية بذلك لما لجأ إليه يوسف من باب من يريد معرفة الفتوى بها
- والأهم من ذلك بأن رد يعقوب يشير بما لا يدع مجالا للشك بمعرفته (وأبنائِهِ جميعًا) بالفتوى فيها، فيعقوب هو من حذّر ولده من أن يقصص رؤياه هذه على إخوته لأن العاقبة ستكون وخيمة:
(سورة يوسف)
فلو لم يكن يعقوب على يقين بأن إخوة يوسف قادرين على الفتوى بتلك الرؤيا لما اضطر أن ينبّهه إلى خطر قصّها على إخوته. إن تحذير يعقوب ليوسف يؤكد – ربما بما لا يدع مجالا للشك- بأن إخوة يوسف كانوا قادرين على الفتوى في الرؤيا.
وقد كان أخطر ما افتريناه من قول في نهاية ذلك الجزء من المقالة هو أن ذلك العلم (الفتوى بالرؤيا) قد كان متوافرا في بيت يعقوب لأنه علم قد ورثه من أبويه إبراهيم وإسحق وقام بتعليمه لأبنائه من بعده ليستمر ذلك العلم في بيت النبوة. وقد كان الدليل الذي سقناه على هذا الافتراء الخطير مستنبطا (وربما نكون مخطئين) من فهمنا لما جاء في الآية الكريمة التالية التي تبيّن – كما نفهمها- أن أول خبر بالرؤيا جاء ذكره في كتاب الله قد جاء على لسان إبراهيم نفسه:
(سورة الصافات)
ولو تفقدنا القرآن كلّه لما وجدنا خبر ذلك سابقا لإبراهيم في حادثة ذبحه ولده هذه.
وقد دعانا هذا الظن إلى طرح التساؤل التالي: لماذا ابتدأ الحديث عن الرؤيا في كتاب الله عند إبراهيم نفسه؟ وما الذي رءاه إبراهيم فعلا؟ وكيف أقدم نبي الله وخليله إبراهيم على ذبح ولده لمجرد أنه قد رأى ذلك في المنام؟ الخ.
هذا ما سنحاول النبش فيه سائلين الله وحده أن يهدينا إلى الحق الذي نقول فلا نفتري عليه الكذب، وندعوه وحده أن ينفذ قوله بمشيئته وإرادته لنا الإحاطة بشيء من علمه لا ينبغي لغيرنا إنه هو الواسع العليم.
أما بعد
الفرق بين أنواع الرؤيا في القرآن
الرؤيا في المنام: رؤيا الحق
جواب مفترى من عند أنفسنا: لو دققنا في الآية الكريمة التالية:
(سورة الزمر)
لربما جاز لنا أن نفتري القول بأن نفس إبراهيم ونفس محمد كانتا متوفيتين عندما رأيا ما رأياه في المنام بدليل أن الله يتوفي الأنفس في منامها (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا).
الرؤيا خارج المنام: أضغاث الأحلام والحاجة للفتوى
ولكن – بالمقابل- لو تدبرنا حديث الرؤيا في كل القرآن الكريم غير هاتين الحادثتين، لما وجدنا أن ذلك يحصل في المنام. فهذا يوسف يخبر والده يعقوب بما رءاه حيث لا نجد أن ذلك قد حصل في المنام:
(سورة يوسف)
وها هو صاحبيه السجن يرون رؤيتيهما ولكن ذلك لم يكن في المنام:
(سورة يوسف)
وهذا الملك يرى رؤيته الشهيرة ولكنها لم تكن في المنام:
(سورة يوسف)
وفي هذه الحالات جميعا لم تكن الأمور تحصل على أرض الواقع بالحرفية التي تمت فيها الرؤيا، فكانت بحاجة في هذه الحالات جميعا إلى فتوى أو إلى تأويل.
جواب مفترى: نحن نظن أن السبب في ذلك يعود إلى أن يوسف يستطيع (بما آتاه الله من علم بذلك) أن يزيل ما كان يشوب تلك الرؤيا من الأضغاث، فعادت واضحة كما لو كانت قد تمت رؤيتها في المنام كما كان الحال في قصة ذبح إبراهيم لابنه أو في قصة رؤية محمد لجيش الأعداء في منامه.
جواب مفترى: نحن نظن أن الرؤيا التي يراها الإنسان تنقسم إلى نوعين:
- الرؤيا التي يراها الإنسان في منامه كما في ذبح إبراهيم لأبنه أو في رؤيا محمد جيش الأعداء. وفي هذه الحالة تأتي مفردة الرؤيا مصاحبة لمفردة المنام:
يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ
إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً
- الرؤيا التي يراها الإنسان في غير منامه كما في رؤيا يوسف نفسه أو في رؤيا صاحبيه السجن أو في رؤيا الملك، وهنا تغيب مفردة المنام تماما من الخطاب:
يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ
قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ
وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ
جواب مفترى: نحن نظن أن للنوم آلية محددة لابد من فهمهما قبل التسرع إلى تقديم استنباطات خطيرة كتلك التي ننوي أن نقحم أنفسنا فيها. لكن الذي يمكن أن يبرر فعلتنا هذه هو أننا نحاول أن نتفكر بالأمر دون أن نجزم بحقيقته. فما ستخطه أيدينا من قول لا يعدو أن يكون أكثر من كلام مفترى من عند أنفسنا لا نطلب من القارئ الكريم أن يصدّقه ما لم يجد أن الدليل من كتاب الله يثبته. لذا يجب التريث قبل الاقتناع، وعلى كل من يقرأ هذه السطور أن يأخذها بحذر شديد وأن ينظر إليها بعين الناقد المتفحص وليس بعين القارئ المقلد. ونحن لا نعدم الأمل أن ندعو الله وحده أن يهدينا رشدنا وأن ينفذ مشيئته لنا الإحاطة بشيء من علمه لا ينبغي لغيرنا إنه هو السميع المجيب – آمين.
أما بعد
افتراضات حول آلية النوم والطائر
تعرضنا في مقالة سابقة لنا تحت عنوان "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه" إلى تقديم جملة من الافتراءات الخاصة بآلية النوم، ولا نجد ضيرا أن نعيد خطوطها العريضة هنا لما لها – في ظننا- من ترابط مباشر مع قصة رؤيا المنام في كتاب الله كما نظن أننا نفهمه.
لقد كان الحديث حينئذ منصبا على الآية الكريمة التالية:
(سورة الإسراء)
وقد كانت التساؤلات التي أثرناها حينئذ هي :
- ما هو الطائر الذي ألزمنا الله إياه في أعناقنا؟ و
- لماذا ألزمنا الله إياه؟ أو ما هي الوظيفة التي يقوم بها هذا الطائر؟
نظرية الطائر وعلاقته بالنفس
وقد حاولنا تسويق افتراء من عند أنفسنا مفاده أن ذلك الطائر هو الموكّل بحمل نفس الإنسان من عنقه ليذهب بها عند الله والعودة بالنفس من هناك إلى الإنسان مرة أخرى في كل مرة يخلد فيها الإنسان إلى النوم. فالله هو من يتوفى الأنفس في منامها في عملية تشبه وفاة النفس بالموت. ولكن الفرق بين الحالتين هو أن الله يمسك النفس التي توفيت بالموت ولكنه يرسل التي توفيت بالمنام إلى أجل مسمى كما نفهم ذلك من الآية الكريمة التالية:
(سورة الزمر)
وهذا يدعونا إلى الاعتقاد الجازم بأن نفس الإنسان تخرج منه لتذهب عند ربها كلما خلد صاحبها إلى النوم وتعود إليه كلما استيقظ من نومه.
كما افترينا القول بأن هناك من وكلّه الله من خلقه ليتواجد على الدوام في عنق الإنسان لينقل نفسه من وإلى جسد الإنسان وهو ذلك الطائر الذي ألزمنا الله إياه في أعناقنا كما نفهم ذلك من الآية الكريمة التالية:
(سورة الإسراء)
(للتفصيل في هذا الموضوع انظر مقالتنا: وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه)
تخيلات من عند أنفسنا: نحن نتخيل أن هناك طائرا ألزمه الله في أعناقنا يقوم بمهمة أوكله الله بها وهي حمل نفس الإنسان ليذهب بها إلى ربها في كل وفاة للإنسان سواء بالموت أو بالنوم، ولكن في حين أن الوفاة بالموت تنهي مهمة ذلك الطائر وللأبد، تبقى مهمة ذلك الطائر مستمرة عندما تكون الوفاة بالنوم، فعندما يخلد الإنسان إلى النوم يقوم ذلك الطائر بحمل نفس الإنسان الذي أخلد بها إلى النوم ويطير بها ليضعها عند ربها، وحتى يستيقظ الإنسان من نومه فلا بد أن يعود ذلك الطائر بتلك النفس إلى صاحبها، ويبقى ذلك الطائر ملازما لعنق الإنسان لا يتزحزح من هناك حتى يعود إلى الإنسان إلى نومه مرة أخرى، وهكذا.
تفسير ظاهرة الأحلام بناءً على رحلة الطائر
تبعات هذا الظن المفترى من عند أنفسنا: ربما يفسر مثل طرحنا هذا قضية ما يراه الإنسان في نومه (أي الأحلام التي تحصل في المنام، والتي غالباً ما أعيت علماء النفس الذين وضعوا النظريات العلمية لتفسيرها). فسنحاول هنا أن نسقط فهمنا للنص القرآني على هذه الظاهرة، ولكن قبل القيام بذلك نجد لزاماً التأكيد – كما فعلنا على الدوام- بأن ما نقوله لا يعدو أن يكون أكثر من افتراءات من عند أنفسنا، فهي بلا شك ليست موجودة في كتاب الله، بل هي ما نظن نحن أن الدليل القرآني يصدقها. لذا فالباب مفتوح على مصراعيه للتحقق مما نقول سواء بالإثبات أو النفي، ونحن على استعداد للتخلي عن أفكارنا وطرحها كلها في سلة المهملات إن بان الدليل العقائدي الذي يدحضها.
أما بعد،
قصة الأحلام؟
- لماذا يحلم الإنسان في نومه؟
- لماذا يرى الإنسان في نومه ما يراه في حقيقته وما لا يراه في حقيقته؟
- لماذا لا تكون الأحلام مركزة واضحة؟ لماذا تتداخل الصور والأحداث في الأحلام؟
- كيف ينام الإنسان أصلاً؟
- لماذا يقلق الإنسان فلا يستطيع النوم أحياناً؟
- لماذا يغط النائم أحيانا في سبات عميق فترقد حركته في سريره تماما فيشعر من حوله أنه مرتاح في نومه؟
- لماذا يبقى أحيانا أخرى يتقلب في فراشه حتى يشعر من حوله بأنه غير مرتاح في نومه؟
- لماذا تحدث مع الإنسان سقطات النوم؟
- الخ
افتراءات من عند أنفسنا
نحن نتخيل أن كل ذلك يحدث بسبب رحلة الطائر عندما يحمل نفس الإنسان ذهاباً وإياباً في وفاة الإنسان في نومه، ولكن كيف؟
جواب مفترى: عندما يحمل ذلك الطائر نفس الإنسان المتوفى بالنوم فإنه يطير بها مباشرة ليودعها عند بارئها، وفي خلال تلك الرحلة الطويلة جداً بمسافتها، القصيرة جداً بزمنها، تكون نفس الإنسان حاضرة يقظة، فترى من المناظر والمشاهد ما هو مألوف لها وما هو غير مألوف، ولما كانت رحلة ذلك الطائر لا تذهب بنفس الإنسان وتعود بها في طريق واحد في كل مرة ، وإنما تذهب في اتجاهات مختلفة وتسلك مسارات متعددة (ربما بسبب الازدحام المروري)، يرى الإنسان من خلال نفسه المحلقة في جو السماء وهو نائم أشياء مختلفة ويستطلع أحداث متعددة في آن واحد. ولما كانت الرحلة سريعة جداً (محكومة لا شك بسرعة ذلك الطائر)، ولما كان التحليق عالياً (بسبب الارتفاع بالنفس)، لا تستطيع نفس الإنسان أن تركز على حدث واحد في كل مرة أو أن ترى جميع تفاصيله بوضوح تام، فتتداخل الصور والأحداث، ويصعب أحياناً على الإنسان أن يجمعها معاً أو أن يجد بينها رابط واضح متى أفاق من نومه بعد عودة نفسه إلى عنقه.
ولو راقبت طريقة نوم الإنسان لوجدنا أن فعل الذهاب في النوم يحدث بسرعة فائقة جداً، صحيح أنك ربما تأخذ وقت طويل لتنام ولكن فعل الذهاب بالنوم لا يحدث تدريجياً، وإنما يحدث مرة واحدة، فإما أن تنام أو أن لا تنام، وذلك لأن الطائر – في رأينا- سريع جداً في نقله لتلك النفس إلى بارئها، وهذا ما يحدث أيضاً عند اليقظة من النوم، فالطائر يعود في سرعة فائقة حتى لا تكاد تشعر بها.
وترى النائم أحيانا يغط في سبات عميق يكاد لا يفيق منه إلا رغما عنه، وتراه أحيانا أخرى دائم التقلب في فراشه، ونحن نفتري الظن بأن ذلك يحدث لمجرد أن يتحرك ذلك الطائر بالنفس، فمادام أن الطائر لم يضع النفس في مستودعها عند بارئها يبقى يتحرك يمينا وشمالا، ويبقى الإنسان النائم يتقلب تبعا لحركة ذلك الطائر بتلك النفس، وما أن يحط ذلك الطائر تلك النفس في منتهاها وترقد حركته حتى يرقد الإنسان في سريره تماما وكأنه قد توفي بالموت. فغالب ما يغط بعض الأطفال في سبات عميق حتى يسبب ذلك في بعض الأحيان قلقًا عند الأم التي تحاول أن توقظ طفلها لتتأكد بأنه لازال حيا وليس ميتا. إن مراد القول هو أن حركة الإنسان في سريره أو سكونه فيه تعتمد تماما – نحن نفتري القول- على حركة ذلك الطائر الذي حمل نفسه ليودعها عند بارئها.
ثم، ألم يحصل لك – عزيزي القارئ- ولو مرة واحدة أن حاولت النوم وما أن غفوت حتى شعرت أنك تهوي في مكان سحيق؟ أو أنك تسقط من مكان مرتفع؟ ألم تستيقظ على الفور فزعا مرعوبا؟ فلماذا؟
رأينا: ربما يحدث هذا لأن حركة إقلاع ذلك الطائر بالنفس التي حملها لم تكن موفقة. فعندما حمل ذلك الطائر تلك النفس الموكّل بها وطار بها ليأخذها عند ربها، لم يفلح أن يقلع بها إقلاعا طبيعيا كما يحدث في الغالب، لذا حصل ويكأنه يسقط من أعلى فعاد بنفس الإنسان إليه ولكن بطريقة فيها شيء من الجهد هذه المرة، وهو ما أظن أنه يسبب للإنسان الشعور بالضيق في تلك الحالة، فيصحو الإنسان وكأن نفسه مخنوقة.
(للتفصيل انظر مقالتنا وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه)
أما ما يهمنا أكثر من هذا الطرح هنا هو التمييز بين نوعين من النوم وهما:
- عندما تكون نفس الإنسان متوفاة عند ربها، أي عندما يصل ذلك الطائر الحامل لتلك النفس إلى المحطة الأخيرة التي يستودعها فيها عند ربها.
- عندما تكون نفس الإنسان لازالت محلقة يحملها ذلك الطائر في جو السماء في رحلة الذهاب والعودة
ونحن نكاد نجزم القول (ربما مخطئين) أن النوم الحقيقي هو عندما تكون تلك النفس قد وصلت إلى ربها فتوفها الله بنفسه:
(سورة الزمر)
ولكن عندما تكون نفس الإنسان لازالت محمولة من قبل ذلك الطائر في رحلة الذهاب والعودة فإن الإنسان لا يكون في حالة نوم لأن الله لم يتوفى تلك الأنفس بعد، فالله يتوفى الأنفس عندما يصل بها الطائر إلى محطتها النهائية. ويمكن تشبيه ذلك (ولله المثل الأعلى) بالقطار الذي يحمل بضاعة ليوصلها إلى نهاية الطريق ليستلمها صاحبها (أي يتوفاها) بنفسه، فمادامت البضاعة لازالت في القطار فإنها لا تكون قد توفيت، ولا يمكن أن يحدث لها وفاة إلا عندما يتسلمها صاحبها ويتأكد بأنها قد وصلت كاملة وسليمة.
وهنا يجب أن نميز بين ما يراه النائم في الحالة الأولى (عندما تكون نفسه مستقرة عند ربها الذي توفاها) وما يراه عندما تكون نفسه لازالت محلقة في جو السماء سواء في رحلة الذهاب أو العودة. فما الفرق؟
رأينا المفترى: عندما يرى النائم شيئا في منامه (أي عندما تكون نفسه عند ربها الذي توفاها) فإن كل ما يراه يكون على الحقيقة، وهذه ما يمكن أن نطلق عليها مفهوم رؤيا المنام بالمفردات القرآنية (أو الرؤيا الحق بمفرداتنا) كما حصل في حالة إبراهيم الذي رأى في المنام أنه يذبح ولده، فعمد إلى تطبيقها على أرض الواقع كما رءاها في منامه:
(سورة الصافات)
وكما حصل في رؤيا محمد جيش الأعداء قليلا في منامه:
(سورة الأنفال)
فحصل ذلك على أرض الواقع بحرفيته عندما التقى الجمعان:
(سورة الأنفال)
ولكن عندما يرى النائم أشياء متداخلة في منامه يصعب عليه إسقاطها على أرض الواقع كما رءاها، فإن ذلك يحصل – نحن نفتري الظن- عندما تكون النفس لازالت محلقة في جو السماء يحملها ذلك الطائر في رحلة الذهاب والعودة، وهنا تتداخل الصور والمناظر والأحاديث، فيصعب على الشخص أن يميز الغث فيها من السمين فلا تكون أكثر من أضغاث أحلام، وهذا بالضبط ما أراد ملأ الملك – نحن نفتري القول- أن يقولوه للملك عندما طلب منهم الفتوى برؤياه:
(سورة يوسف)
(سورة يوسف)
فنحن نفتري القول بأن الأضغاث (مفرد ضغث) هي المتشابهات المتداخلات التي ربما يصعب فصلها عن بعضها البعض. فلقد اتهم كثير من الناس ما جاءتهم به رسلهم على أنه من باب أضغاث الأحلام:
(سورة الأنبياء)
ونحن نظن أن السبب في ذلك ربما يعود إلى عدم قدرتهم على تمييز (وبالتالي عدم قدرتهم على فهم) ما جاءت رسل الله أقوامهم به من الخطاب. فكان جل ما يطلبون هو آية يرونها بأم أعينهم (فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ). فالذي لا يستطيع أن يفهم الآية المتلوة (أي المسموعة) فهو بحاجة إلى آية مرئية (أي آية مبصرة).
فهم يسمعون ما يُتلى عليهم وكأنه أضغاث أحلام تشابكت خيوط بعضها ببعض فأصبح من المتعذر عليهم تفكيكها لفهم ماهيتها.
تحليل رؤيا الملك: السنابل والسنبلات
وهذا بالضبط – نحن نظن- ما كانت عليه حالة ملأ الملك الذين لم يستطيعوا أن يفتوه فيما قصه عليهم من خبر رؤياه:
(سورة يوسف)
فجاء جوابهم على النحو التالي:
(سورة يوسف)
فالصورة التي نقلت إليهم على لسان الملك الذي قص عليهم رؤياه تحوي في ثناياها كثير من المفردات المتداخلة والمتشابهة، فهناك البقرات السمان والبقرات العجاف (إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ) حيث فعل الأكل. وهناك – بالمقابل- السنبلات الخضر والأخر اليابسات يخلو من فعل الأكل (وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ)، فكيف بهم سيسقطوا كل ذلك على أرض الواقع؟
رأينا: بالرغم أن ما رءاه الملك كان رؤيا إلا أنها لم تكن رؤيا منام لأنها لو كانت رؤيا في المنام لقال الملك حينها شيئاً كهذا:
وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى (في المنام) ....
وعندها لن يكون مضطرا للبحث عن من يؤول له تلك الرؤيا، وذلك لأنها ستكون رؤيا حق تنطبق على أرض الواقع كما شاهدها في منامه. لذا فإن تلك الرؤيا لم تحصل عندما كانت نفس الملك نائمة متوفاة عند الله، ولكن الذي رءاه حصل – برأينا- في خلال رحلة الطائر الذي كان لازال محلقا بنفس الملك في جو السماء في رحلة الذهاب والعودة. ولو دققنا أكثر في الصورة التي رسمها الملك لوجدنا أن فيها مشهدين مختلفين وهما:
- مشهد سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف (إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ)
- مشهد سبع سنبلات أخر وأخر يابسات (وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ)
جواب مفترى: نحن نعتقد أن الملك لم يراهما معا في الوقت ذاته ولكنه رءا أحدهما يحصل قبل الآخر بدليل التتابع في الآية الكريمة نفسها. فالملك يرى أولا مشهد البقرات السمان اللاتي يأكلهن السبع العجاف ثم يرى بعد ذلك مشهد السنبلات الخضر والأخر اليابسات. فما استطاع أن يركب المشهد الثاني (السنبلات) على المشهد الأول (البقرات). فتداخلات المشاهد بعضها ببعض حتى أصبحت من باب الأضغاث التي وصفها له الملأ من حوله:
(سورة يوسف)
جواب: لقد كان يوسف قادرا على فصل المشاهد عن بعضها البعض، ومن ثم تركيبها مع بعضها البعض من جديد. فكيف فعل يوسف ذلك؟
الفرق الدلالي بين "السنابل" و"السنبلات"
رأينا المفترى
أولا، كانت الزراعة هي موضوع الرئيس فيما رءاه الملك بدليل أن يوسف قد بدأ فتواه لتلك الرؤيا على النحو التالي:
قَالَ تَزْرَعُونَ
ثانيا، كانت الفترة الزمنية هي سَبْعَ سِنِينَ وكان ذلك مستنبطا – برأينا- من وجود البقر، فجاءت فتواه على النحو التالي:
سَبْعَ سِنِينَ
ثالثا، كانت العملية ستكون دَأَبًا لوجود السنبلات:
دَأَبًا
رابعا، كانت الوفرة موجودة في البقرات السمان:
(سورة يوسف)
خامسا، كانت عملية أكل ما تركوه في سنبله واضحة من أكل البقرات (السنين) بعضها البعض:
(سورة يوسف)
الدليل
تحليل المفردات: الفرق بين السنابل والسنبلات
لو دققنا في رؤيا الملك لوجدناه يتحدث عن سبع سُنبُلاَتٍ:
(سورة يوسف)
رأينا المفترى: عندما تنبت حبة واحدة سبع سنابل (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ) فإن ذلك يشير بكل تأكيد إلى الكمية وليس إلى النوع وذلك لأن ما تنبته الحبة الواحدة سيكون نوعا واحدا، فحبة القمح ستنبت سبع سنابل من القمح، وحبة الشعير ستنبت سبع سنابل جميعها سنابل شعير، وهكذا. فتتضاعف الكمية أضعافا كثيرة ولا يختلف النوع.
لكن بالمقابل عندما تحدث الملك عن ما رءاه لم يكن يشير – نحن نظن- إلى نوع واحد من السنابل وإلا لجاء قوله على نحو:
وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ (وسبع سنابل خضر وأخر يابسات)
ولكن لما جاء اللفظ على نحو أن الذي رءاه الملك كان سُنبُلاَتٍ (وليس سنابل) فإن ذلك يعود - في ظننا- على النوع وليس على الكمية. فالكمية محددة بمفردة سبع، ولكن النوع يأتي من مفردة سُنبُلاَتٍ:
(سورة يوسف)
افتراض المحاصيل السبعة في مصر
رأينا المفترى: ما كان من يوسف إلا أن يفتيهم بأن المشكلة التي ستنشأ ستطال جميع أنواع المحاصيل التي تنبت في أرض مصر والتي عددها سبعة محاصيل (سُنبُلاَتٍ)، لذا نحن نتجرأ على القول بأن عبارة وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ تشير إلى مجموع المحاصيل الحقلية التي سيطالها الجفاف في كل سنة (أي بقرة) ولا علاقة لها بالفترة الزمنية لتصبح الصورة على النحو التالي: سيصيب الجفاف سبع محاصيل حقلية في كل سنة، وهي المحاصيل نفسها التي ستتأثر بذلك، ونحن نظن أنها جميع المحاصيل التي تنبت في أرض مصر حينئذ.
رأينا: كلا، فلابد أن لكل محصول من هذه المحاصيل مكانه من الأرض لينبت فيه، فبعضها يحتاج إلى أرض غزيرة الأمطار وبعضها يحتاج إلى أرض أقل غزارة، وبعضها يعتمد على الري من مياه الأنهار، وهكذا. لذا فإن تلك المحاصيل السبعة تتوزع جغرافيا في عرض البلاد وطولها، فالملك يكون بذلك قد رءا أرض مصر كلها وقد طالها الجفاف ومن ثم القحط: إنها الأرض التي تزرع بها هذه المحاصيل السبعة (سُنبُلاَتٍ) جميعها.
جواب مفترى: إنها ما يمكن أن نستنبطه من الآية الكريمة التالية:
(سورة الكهف)
تخيلات من عند أنفسنا: عندما حدّث الملك من حوله بأنه قد رءا سبع سنبلات خضر وأخر يابسات، فهو قد أشار بذلك – في ظننا- إلى جميع المحاصيل الزراعية التي ستتأثر بالجفاف الذي سيصيب بلاده كلها. فما كان ذلك ليخفى على شخص قد آتاه الله من العلم ما يكفي لأن يكون عليما كيوسف الصديق.
حل يوسف: الجمع بين الفتوى وعلم العرش
تخيلات من عند أنفسنا:
يوسف يقرأ من خلال رؤيا الملك أن الجفاف سيصيب جميع المحاصيل الزراعية المتوافرة في أرض مصر وهي سبعة، فيقوم على الفور بالتبرع بأن يقدم لهم الحل الأمثل للخروج من تلك الأزمة بأقل التكاليف وأنجعها، فجاء جوابه على النحو التالي:
قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ ﴿٤٧﴾
(سورة يوسف)فهو إذن يطلب منهم أن يذروا كل ما يحصدوه في سنبله إلا ما يأكلوه منه في كل عام، أي أن يحاولوا أن يدّخروا إلى وقت حاجتهم قدر ما يستطيعون مما يحصدوه (فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ) وأن يقللوا من استهلاكهم منه قدر المستطاع.
رأينا المفترى من عند أنفسنا: نحن نظن أن خبر العام لم يأت من رؤيا الملك ولكن من عند يوسف نفسه؟
سؤال: ومن أين جاء يوسف بذلك؟
جواب: من العرش.
تخيلات من عند أنفسنا: ما أن وصل ليوسف خبر رؤيا الملك حتى استطاع أن يفتي للناس خبر تلك الرؤيا، فأزال منها الأضغاث وأسقطها على أرض الواقع كما حصلت فعلا، ولم يتوقف عند ذلك بل ذهب إلى عرشه لينظر فيه ما ستئول إليه الأمور بعد تلك السنين من القحط، وما أن وجد خبر تلك السنين في ذلك العرش حتى نظر ليرى ما سيحصل بعد ذلك من أحداث، فكان الخبر على النحو التالي:
ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴿٤٩﴾
(سورة يوسف)فرأى يوسف الناس وقد أغيثوا، لأن الله هو من ينزل الغيث بعد أن يقنط الناس:
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴿٢٨﴾
(سورة الشورى)إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿٣٤﴾
(سورة لقمان)اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿٢٠﴾
(سورة الحديد)كما رءا الناس وهم يعصرون:
ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴿٤٩﴾
(سورة يوسف)ونحن نظن مفترين القول من عند أنفسنا أن هذا ما شاهده يوسف بأم عينه عندما نظر في العرش الذي كان عنده.
خاتمة وتساؤلات للمقالة القادمة
جواب: إن هذا السؤال يدعونا على الفور إلى إعادة النبش في تفاصيل قصة يوسف نفسها من هذا المنظور، طارحين التساؤلات التالية:
- من هو رب صاحبه السجن الذي طلب يوسف أن يذكر عنده؟
- من هو الملك؟
- لماذا آثر يوسف أساسا السجن؟ لم لم يطلب من ربه أن ينجيه من كيد النسوة بطريقة أخرى؟
- ماذا كان يفعل يوسف في داخل السجن؟
- كيف علم يوسف بخبر رؤيا الملك؟
- من هو الشخص الذي جاء يوسف في سجنه يحمل رؤيا الملك ويطلب الفتوى فيها؟
- من هو رسول الملك الذي جاء ليخرج يوسف من السجن؟
- لماذا طلب الملك أن يستخلص يوسف لنفسه؟ وكيف سيتم ذلك؟
- الخ.
هذا ما سنحاول النبش فيه في الجزء القادم من هذه المقالة سائلين الله وحده أن يعلمنا ما لم نكن نعلم، وأن يهدينا رشدنا، وأن يهدينا إلى نوره الذي أبى إلاّ أن يتمّه ولو كره الكافرون، فلا نفتري عليه الكذب ولا نقول عليه ما ليس لنا بحق، إنه هو العليم الحكيم – آمين.
والله أعلم
دعاء: رب أسألك أن تأذن لي الإحاطة بما لم تأذن لغيري الإحاطة به من علمك، فأسألك أن تعلّمني ما لم أكن أعلم، وأعوذ بك أن أفتري عليك الكذب عن علم، إنك أنت السميع المجيب – آمين.
المدّكرون: رشيد سليم الجراح و علي محمود سالم الشرمان
بقلم: د. رشيد الجراح
27 كانون ثاني 2014
د. رشيد الجراح مركز اللغات
جامعة اليرموك