قصة داوود - الجزء الثامن عشر

 

من هو داوود الجزء الثامن عشر

من هو داوود – الجزء 18

كان أهم ما حاولنا افتراءه في الجزء السابق من هذه المقالة هو ظننا بمرور أي بشر بثلاث مراحل حتى يحصل على شرف التكليف بالرسالة، ألا وهي مرحلة حصوله على الكتاب أولا ثم الحكم ثانيا ثم النبوة ثالثا. وحاولنا استنباط ذلك من فهمنا (ربما المغلوط) لما جاء في قوله تعالى:

مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (3:79)

وظننا بأن المرور بهذه المراحل الثلاث بشكل متسلسل هو الضمانة الحقيقية التي تكفل ألا يقول ذلك البشري للناس كونوا عبادا لي من دون الله، ولكن كونوا ربانيين.

وقد حاولنا الترويج لافترائنا بأن محمدا ما كان استثناء من النبيين، وبالتالي مرّ بهذه المراحل الثلاثة التي ظننا أن كلّ واحدة منها فصلتها سورة كاملة في كتاب الله، على النحو التالي:

-          مرحلة الحصول على الكتاب، فكان أبرز سمات تلك المرحلة مقارعة عالم الجن (التي تجليها سورة الجن التي جاء ترتيبها السورة 72 في المصحف) والاستفادة من خدمات الجن، وخاصة هامان.

-          مرحلة الحصول على الحكم، فكان أبرز سمات تلك المرحلة هي الإعداد الشخصي للنبي الكريم (التي تجليها سورة المزمل التي جاء ترتيبها السورة 73)، بتعلم تفصيل الكتاب قرآنا عربيا غير ذي عوج.

-          مرحلة الحصول على النبوة، فكانت مرحلة التبليغ بالرسالة (التي تجليها سورة المدثر التي جاء ترتيبها السورة 74)

وسنحاول في هذا الجزء تفصيلا أكبر لهذه المراحل الثلاثة حسب منهجنا المعهود، وذلك للنظر بطريقة مختلفة على الأحداث التي كانت في سيرة نبينا المصطفى. لذا، سنتحدث في هذا الجزء من المقالة عن المرحلة الأولى (مرحلة إيتاء الكتاب)، وسنتحدث في الأجزاء التي تليها – إن أذن الله لنا الإحاطة بشيء من علمه - عن المرحلتين التاليتين (الحصول على الحكم ثم النبوة). ونحن نؤكد هنا بأن النقاش التالي ربما يتقاطع مع بعض تفاصيل الموروث من جهة، وسيخالف - لا محالة - كثيرا منه من جهة أخرى. لذا، نحن نطلب من الجميع أن لا يأخذ كلامنا هنا من باب المسلمات القطعية، وإنما هي افتراءات مبنية على تصورات نظن أن الدليل الذي نحاول جلبه في الصفحات التالية يدعمها. (فالله وحده ندعوه أن يعلمنا ما لم نكن نعلم، وأن يهدينا لأقرب من هذا رشدا. ونعوذ به أن نفتري عليه الكذب أو أن نقول عليه ما ليس لنا بحق، إنه هو العليم الحكيم).

أما بعد،

المرحلة الأولى: باب إيتاء الكتاب

نحن نظن – ابتداء- بأن هناك فرقا جوهريا بين الكتاب من جهة والقرآن والإنجيل والتوراة من جهة أخرى. وكان أبرز ما افتريناه منذ أمد بعيد فيما يتعلق بالفرق بين الكتاب من جهة والتوراة والإنجيل والقرآن من جهة أخرى هو صيغة الخطاب في كل واحد منهم. فظننا أنه في حين أن صيغة الخطاب في التوراة والإنجيل والقرآن قد جاءت باللسان البشري، كانت صيغة الخطاب في الكتاب بلسان غير بشري. وقد حاولنا الترويج لفكرة أن واحدة من المهمات الرئيسية لأي نبي رسول أن يقوم بنفسه بتفصيل ما في الكتاب بلسان قومه. وبذلك عمد موسى (نحن نرى) إلى تفصيل الكتاب، فكانت التوراة (نسخة واحدة)؛ وعمد حواريو المسيح عيسى إلى تفصيل الكتاب، فكان الإنجيل (أكثر من نسخة)؛ وعمد محمد إلى تفصيل الكتاب، فكان القرآن (نسخة واحدة). فكان كل رسول يبيّن لقومه بلسانهم ما آتاه الله في الكتاب. وهذا ما نفهمه (ربما مخطئين) من قوله تعالى:

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (14:4)

فتبيان الرسول لما أُنزل إليه من ربه هو عملية تحويل النص من الصيغة غير البشرية إلى الصيغة البشرية التي يتحدث بها لسان قوم ذلك الرسول. لذا، نحن نظن بأن الكتاب الذي يشار إليه في قوله تعالى:

ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2:2)

هو الكتاب الذي صيغة الخطاب فيه ليست بلسان القوم الذي بعث فيهم ذلك الرسول. ليكون السؤال الآن هو: ما أهمية هذا الافتراء في سياق حديثنا عن التواصل مع عالم الجن؟

رأينا المفترى: نحن نعتقد جازمين بأن واحدة من الفروقات الرئيسية بين الجن من جهة والإنس من جهة أخرى هي صيغة الخاطب المتاحة لكل طرف منهما.  فلكل طرف منهما صيغة خطاب يستخدمونها فيما بينهم، ويستخدمها كل طرف لتنفيذ مراده. ليكون السؤال الآن هو: ما هي صيغة خطاب الجن فيما بينهم ومع غيرهم؟

رأينا المفترى: نحن نفتري القول بأن تواجد الجن كان سابقا لتواجد الإنس، مصداقا لقوله تعالى:

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (51:56)

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (15:26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (15:27)

ولو جلبنا السياق القرآني الذي جاءت فيه هذه الآيات الأخيرة، سنجد قصة خلق آدم، وطلب الله من الملائكة السجود له، حاضرة مباشرة. فدعنا نقرأ السياق كله لنحاول تجلية مراد قولنا في هذا الصدد، قال تعالى:

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (15:26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (15:27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (15:28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (15:29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (15:30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (15:31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (15:32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (15:33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (15:34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ (15:35) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (15:36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15:37) إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (15:38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (15:39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (15:40) قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (15:41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (15:42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (15:43)

ونحن نكاد نجزم الظن (ربما مخطئين) بأن الملائكة الذين أُمروا بالسجود لآدم هم طائفة من الجن. لكن الملفت للانتباه هنا هو أن سجود الملائكة لآدم كان بسبب تفضيل الله لهذا المخلوق الجديد عليهم، وذلك بتعليمه الأسماء كلّها:

وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (2:31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2:32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (2:33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (2:34)

لذا، لم يكن الملائكة (كطائفة من الجن) على علم بالأسماء التي علمها الله لآدم يوم أن أمرهم بالسجود لآدم، ليكون السؤال هنا هو: ماذا كانت صيغة الخطاب التي كانت الملائكة (كطائفة من الجن) يعلمونها قبل اطلاعهم على العلم الذي علمه الله لآدم؟ وبكلمات أخرى نحن نسأل: كيف كانت صيغة الخطاب التي تلقتها الملائكة بأمر السجود لآدم؟ هل كانت الجن على علم بصيغة خطاب معينة يتم من خلالها تبادل المعلومة فيما بينهم (ومع الآخرين)؟

الجواب: لو دققنا في السياق ذاته، لوجدنا بأن صيغة الخطاب كانت بالكتمان (وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)، أي لم تكن وسيلة منطوقة لفظا. فالقول يمكن أن يجهر به ويمكن أن يكتم، قال تعالى:

إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (21:110)

وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (20:7)

افتراء مهم جدا: نحن نظن بأنه كما يمكن الجهر بالقول فإنه يمكن كتمانه.

يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (4:42)

السؤال: ما الذي اختلف بين كيفية خطاب الملائكة قبل تعليم آدم الأسماء كلّها وبعد أن أنبأهم آدم بتلك الأسماء؟

جواب مفترى: نحن نظن أنه قد حصل اكتساب صيغة خطاب جديدة غير التي كانت بالكتمان، ألا وهي الإبداء (وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ). فالملائكة الآن تستطيع أن تبدي القول (مَا تُبْدُونَ) وتستطيع أن تكتمه كما كانت من ذي قبل (وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ).

السؤال: ما الذي اختلف في حالة آدم؟

جواب مفترى: نحن نظن أنه قد تم في حالة آدم تحويل الصيغة غير اللفظية (التي كانت الملائكة تعلمها وهي الكتمان) إلى صيغة لفظية (كما أصبح آدم يعلمها وهي الإبداء)، فتم تحويل الصيغة غير اللفظية إلى أصوات منطوقة. انتهى.

نتيجة مفتراة 1: الجن قبل آدم كانوا يتخاطبون بالكتمان (صيغة غير منطوقة)

نتيجة مفتراة 2: الجن بعد آدم كانوا يتخاطبون بالكتمان، وأصبحوا الآن على علم بالصيغة المنطوقة التي اختص الله بها آدم (الإبداء بالاصوات المنطوقة)، وهي التي أنبأهم بها آدم في ذلك الموقف الفارق في حياة ذلك العالم المسمى بعالم الجن.

نتيجة مفتراة 3: آدم قبل المعصية كان يستطيع الخطاب بالإبداء (الأصوات المنطوقة). وأصبح الإنس (ممثلين بآدم) قادرين على النطق:

فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (51:23)

لكن علينا التفريق بين النطق بالحق مقابل النطق بغير الحق (عن الهوى):

مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ (53:2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (53:3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (53:4)

نتيجة مفتراة: النطق لا يكون عن الهوى

ولا شك أن الذي ينطق بالحق (ولا ينطق عن الهوى) يأتيه ذلك من الكتاب مباشرة الذي ينطق بذاته:

هَٰذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (45:29)

وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ ۚ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (23:62)

نتيجة مفتراة: النطق يكون بالحق

ولو دققنا أكثر في السياقات القرآنية الخاصة بالنطق، سنجد أن الجلود مجهّزة لأن تنطق يوم الحساب:

وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا ۖ قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (41:21)

لذا، سنجد أن المكذبين غير قادرين على النطق في ذلك اليوم:

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (77:34) هَٰذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (77:35)

نتيجة مفتراة: النطق لا يشوبه الكذب

السؤال: كيف يمكن أن نفهم طريقة تخاطب الملائكة (الجن) بالكتمان، أي بالصيغة غير المنطوقة؟

رأينا المفترى: إنها الوسوسة

الدليل

لو رجعنا إلى قصة آدم في الجنة (قبل الهبوط)، سنجد التواصل الأول للشيطان (هامان) مع آدم وزوجه على النحو التالي:

فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (7:20)

فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَىٰ (20:120)

لذا، بعد أن أسكن الله آدم وزوجه الجنة، كان الشيطان (هامان) حاضرًا هناك. وكانت طريقة تواصله مع آدم وزوجه قد تمت بالوسوسة. ليكون السؤال الآن هو: إذا كان الشيطان ما يزال يستخدم الوسوسة كوسيلة تخاطب، وإذا كانت وسيلة تخاطب آدم وزوجه في الجنة هي بعلم الأسماء (الصيغة المنطوقة)، فكيف وصلت وسوسة الشيطان لآدم وزوجه؟ لماذا استقبل آدم وزوجه وسوسة الشيطان؟ فهل كان آدم وزوجه يملكان جهاز استقبال لوسوسة الشيطان حتى بعد أن علّمه الله الأسماء كلها؟

رأينا المفترى: نحن نفتري الظن (ربما مخطئين) بأنه على الرغم من أن آدم وزوجه كانا يستخدمان الطريقة اللفظية فيما بينهما في الجنة، إلا أنهما كانا يستطيعان تلقي وسوسة الشيطان وذلك لسبب واحد، ألا هو وجود النفس فيهما. انتهى.

الدليل

سيجد المتدبر للنص القرآني بأن الوسوسة ليست حكرا على الشيطان وإنما هي من نصيب النفس كذلك. فكما الشيطان يوسوس، فإن النفس توسوس كذلك، قال تعالى:

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (50:16)

نتيجة مفتراة من عند أنفسنا: نحن نفتري الظن بأن آلية وسوسة الشيطان هي آلية وسوسة النفس للإنسان؛ إنها ذلك الحوار الداخلي (Innerconflict) الذي يجري بين ذات الإنسان (EGO) ونفسه (SUPEREGO). فعندما يختلي الإنسان بنفسه، لا ينفك أن يحدثها وتحدثه، فيخلق ذلك الحوار الداخلي، ويكأن هناك كينونتان متقابلتان يحاور بعضهم بعضا. ويكون ما يظهر من سلوكيات لفظية وفعليه من ذلك الإنسان نتيجة حتمية لما أفضى إليه ذلك الحوار من قرارات يتعلق بما تم التحاور فيه بين ذات الإنسان ونفسه. لكن يبرز هنا سؤال مهم لابد من طرحه، ألا وهو: ما دور الشيطان فيما يتخذ الإنسان من قرارات، فتتجسد قولا وعملا على أرض الواقع؟ وكيف يمكن لنا أن نميز بين الوسوسة التي تأتي من النفس:

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (50:16)

مقابل الوسوسة التي تأتي من الشيطان:

فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (7:20)

فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَىٰ (20:120)

رأينا المفترى: لو تدبرنا السياقات القرآنية بهذا الصدد، سنجد بأن جلّ ما يستطيع الشيطان عمله هو أن يزين للإنسان  ما يعمل:

فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (6:43)

وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (8:48)

تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (16:63)

وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (27:24)

السؤال: كيف يمكن أن نفهم ذلك بطريقة عملية؟

رأينا المفترى: نحن نظن بأن الإنسان مكوّن – ابتداء- من كينونتين اثنتين، هما ذات الإنسان من جهة ونفسه من جهة أخرى. وهما ما يمكن أن يشار إليهما بالمصلطلحات الفرودية (نسبة لعالم النفس الشهير سيجموند فرويد) بالـ EGO و  SUPEREGO على التوالي. لكن يجدر الإشارة إلى أن الأولى (الذات) هي المكون الطبيعي لوجود الإنسان، لكن الثانية (النفس) هي المكوّن المكتسب لصفاته بعد ولادة الإنسان. وهذه الأخيرة (النفس) هي بالتالي نتاج التنشئة البئية للإنسان، وفيها يكتسب قيم الخير والشر (الصح والخطأ) بناء على قيم المجتمع وأعرافه التي تحيط بالشخص بعد ولادته. ولكن يجدر الإشارة بأن هذه النفس مجهزة ابتداء للفجور وللتقوى، فيمكن إذا تزكية هذه النفس أو تدسيتها من قبل ذات الإنسان، قال تعالى:

وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (91:7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (91:8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (91:9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (91:10)

فالنفس مسواة، أي منقسمة مناصفة بالتساوي (levelling) بين الفجور والتقوى. وقد حاولنا في مقالاتنا تحت عنوان "ما هي الأمانة؟" أن نفصّل بهذا الموضوع، ومن أراد الاستزادة في هذا، يمكنه الرجوع إلى تلك المقالات وإلى غيرها على المدونة. لكن ما يهمنا الآن في هذا الصدد هو تبسيط الفكرة بهدف تجلية حقيقة الإنسان بناء على فهمنا (ربما المغلوط) لبعض آيات الكتاب الحكيم الذي نظن أنها تعالج هذه القضية الوجودية التي أشكلت على علماء البشرية منذ القدم.

أما بعد،

يمكن أن نبدأ النقاش بالافتراء التالي الذي هو - لا شك - من عند أنفسنا: أن الإنسان يتكون من ذات أولا ونفس ثانيا، وفي حين أن ذاته هي جوهره الطبيعي (nature)، فإن نفسه هي مكتسبه البيئي  (nurture)، والشكل التالي يوضح الفكرة التي في مخيالنا:

وأن هذه النفس - كما أسلفنا- مسواة بالإنقسام المتطابق بين الفجور والتقوى، فيصبح الشكل على النحو التالي:

وتكون مهمة الذات هي إكساب تلك النفس المنقسمة بين الفجور والتقوى ما يريد، فقد يزكيها، فيغلّب التقوى على الفجور، وقد يدسّها، فيغلّب الفجور على التقوى:

وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (91:7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (91:8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (91:9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (91:10)

وهنا تتدخل قوة ثالثة لتكون فاعلة في صناعة الإنسان كمكون واحد، ألا وهي قوة الشيطان، الذي لا يتعدى دوره أن يزيّن لتلك للنفس الفجور على حساب التقوى، فيصبح الشكل على النحو التالي:

إن صح هذا التركيب (structure) لشخصية الإنسان، تكون مكونات هذه الشخصية (Elements of personality) ثلاثة: الذات والنفس المنقسمة والشيطان. وتصبح ذات الإنسان هي الوسيط الواقعي الذي يحاول أن يوازن بين شهوات النفس الفاجرة التي يحثه عليها الشيطان ويزينها له، والنفس المتقية التي تمثل صوت الضمير (conscience) الذي يصارع من أجل قيم الحق والاستقامة.

 

السؤال: كيف يمكن أن نفهم تطبيقات هذه الافتراءات من الناحية العملية؟ وكيف يمكن بالتالي أن نميّز بين الوسوسة التي تحدثها النفس مقابل الوسوسة التي تأتي من الشيطان؟

جواب مفترى خطير جدا جدا 1: نحن نفتري الظن من عند أنفسنا بأن الفرق الجوهري بين الذات (EGO) من جهة والنفس (SUPEREGO) من جهة أخرى يتمثل بأن الذات تفعل بينما النفس تعمل. انتهى.

جواب مفترى خطير جدا جدا 2: نحن نفتري الظن بأن الشيطان يزين للنفس ما تعمل ولا يتدخل فيما تفعل الذات. انتهى.

أما بعد،

السؤال الأول: ما أهمية الافتراء الذي نقدمه هنا والذي مفاده أن الذات تفعل بينما النفس تعمل؟

رأينا المفترى: نحن نظن بأنه سيكون لهذا الافتراء على بساطته (وربما غرابته عند الكثيرين) تداعيات جمّة من الناحية العملية في تفسير سلوكيات الإنسان على أرض الواقع. ونحن نتجرأ على الظن بأن النظرية الفرودية في التحليل النفسي (psychoanalytic theory) لم تكن قادرة على تحليل كثير من هذه السلوكيات، خاصة ما يتعلق منها بالتطبيقات العملية التي تجلّي السلوكيات البشرية وكذلك في معالجة الإختلالات في تلك السلوكيات. وسنحاول تاليا طرح القضية بطريقة ربما تكون غريبة للوهلة الأولى، لكننا نظن أنها قد تلقى بعض القبول عند الباحثين في السلوك الإنساني (psychologists) الرغبين في تأطير النظرية الخاصة بالشخصية الإنسانية (personality theory) وعند المعالجين لاختلالات تلك الشخصية (psychatrists) المدونين للتطبيقات العملية التي تساعد في تحليل تلك الشخصية (psychoanalytic theory) ومعالجة اختلالاتها. ونحن نعتقد بأن أهم ما يمكن أن يميز طرحنا هذا (عن الطرح الفرويدي) هو بساطته في التحليل أولا، وفاعليته في التطبيق ثانيا.

أما بعد،

باب الفرق بين الفعل والعمل

نحن نظن بأن جميع السلوكيات الإنسانية تنقسم إلى قسمين رئيسيين، هما ما يقع في باب الفعل مقابل ما يقع في باب العمل. لذا، دعنا نبدأ النقاش هنا بالنبش في افترائنا الذي مفاده أن الذات تفعل، بينما النفس تعمل، طارحين التساؤل التالي: ما الفرق بين المفردتين (وهما مفردة فعل وعمل) على مساحة النص القرآني؟

رأينا المفترى: لقد افترينا في مقالات سابقة لنا بأن الفرق بين الفعل من جهة والعمل من جهة أخرى يتمثل (برأينا ربما المغلوط) بأن الفعل صادر عن ذات الإنسان بينما العمل صادر من نفس الإنسان. فهناك إذا قوتان تتدخلان فيما يصدر عن الإنسان الطبيعي من تصرفات، وهما ذات الإنسان (EGO) ونفس الإنسان (SUPEREGO). ونحن نزعم الظن هنا بأن محرك ما يصدر عن الإنسان من أفعال هي ذات الإنسان، بينما محرك ما يصدر عنه من أعمال هي نفسه. ولا ننسى أن هناك قوة ثالثة يقع تأثيرها على نفس الإنسان فقط، وبالتالي تؤثر على أعماله دون أفعاله، فتحاول تعظيم جانب الفجور في النفس ليتغلب على جانب التقوى فيها. ولو استخدمنا مفردات فرويد ضمن طرحنا هذا لقلنا بأن الذات هي (EGO) والنفس هي (SUPEREGO) وقوة الشيطان هي (ID).فيصبح السيناريو على النحو التالي:

الذات (EGO): تفعل

النفس (SUPEREGO): تعمل

الشيطان (ID): يزين العمل، لكنه لا يتدخل بالفعل  

الدليل: استراحة قصيرة

لمحاولة معرفة كيف يتدخل الشيطان في أعمال الإنسان، لكنه لا يتدخل في أفعال الإنسان، دعنا ندقق في بعض جوانب قصة موسى من هذا المنظور المفترى من عند أنفسنا كما بينتها الآيات الكريمة التالية (حسب فهمنا لها طبها):

وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (28:15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (28:16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (28:17) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ۚ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (28:18) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (28:19)

بعد قراءة الآيات الكريمة بطريقة جديدة، خرجنا بالملاحظات الأولية التالية:

-          هناك حادثة قتل تقع جراء مشاجرة بين عدويين (بني إسرائيل مقابل آل فرعون).

-          موسى يتحمل المسئولية الكاملة لما فعل (قتل الذي من عدوه)

-          موسى يعترف بأنه قد ظلم نفسه جراء ما فعل

-          موسى يطلب المغفرة من الله على ما فعل

-          موسى لم يستثني وجود تدخل الشيطان في الحادثة

ولو ربطنا هذا مع ما جاء في سياقات قرآنية أخرى حول الحادثة، سنجد الملاحظات التالية:

-          أن ما فعله موسى حينئذ يقع في باب الذنب:

قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (26:12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ (26:13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (26:14)

-          وأن ذلك يقع في باب الفعل:

وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (26:19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (26:20)

-          وأن ذلك الفعل قد وقع في مرحلة ضلال موسى (أي قبل بعثته رسولا):

وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (26:19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (26:20)

مشاهد سينمائية متخيلة لتصوير أحداث القصة

دعنا نحاول إهادة تصوير الحادثة الآن على شكل مشاهد سينمائية مقتضبة لا تغيب عن الأذهان في سيرة موسى حينئذ، فتكون في مخيالنا على النحو التالي:

المشهد الأول: التقاط موسى من قبل آل فرعون بعد أن قذفته أمه في التابوت:

فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (28:8)

المشهد الثاني: طلب امرأة فرعون من آل فرعون بأن لا يقتلوه، ليكون قرة عين لها ولبعلها (فرعون):

فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (28:8) وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (28:9)

المشهد الثالث: وجود موسى في أل فرعون وليدا ولبوثه فيهم سنين من عمره:

قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (26:18)

المشهد الرابع: موت امرأة فرعون قبل بعلها فرعون:

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (66:11)

المشهد الخامس: خروج موسى من المدينة بعد موت امرأة فرعون، وذهابه إلى الأرض المقدسة حتى بلغ أشده واستوى، وهناك آتاه الله حكما وعلما:

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (28:14)

المشهد السادس: يموت الفرعون الأكبر الذي ليس له وريث ليتسلم السلطة من بعده، فيدب الخلاف بين الملأ في صراع  محتدم على السلطة، فتصبح المدينة (أي العاصمة السياسية) في غفلة من أهلها. وقد ذكرنا في أكثر من مكان سابق بأن دخول موسى المدينة كان على حين غفلة من أهلها جميعا يمكن أن يفهم (نحن نرى) في حالة واحدة فقط، ألا وهي  حالة موت الفرعون الأكبر الذي تربى موسى في كنفه، وانشغال الملأ من آل فرعون في صراع على السلطة من بعد ذلك الفرعون خاصة أنه لم يكن له وريث (ولد) لتنتقل السلطة إليه بطريقة سهلة وميسرة. فيكون ذلك عبارة عن "فراغ سياسي" لعدم تنصيب الحاكم الفعلي إلى حين. فمادام أن المدينة لا حاكم فعلي لها يعتلي كرسي الحكم، تكون في غفلة حتى يحين تنصيب الحاكم الفعلي.

السؤال: ما الذي حصل في فترة موت الفرعون الأكبر وبقاء المدينة في حالة فراغ سياسي لفترة من الزمن، وانشغال الملأ حينئذ بأمر اعتلاء كرسي الحكم من بعد الفرعون الأكبر؟

تخيلات مفتراة من عند أنفسنا: ما أن مات الفرعون الأكبر الذي كان يذبح أبناء بني إسرائيل (بالموت) ويستحيي نساءهم (بالختان أيضا) حتى أصبح هناك فراغ سياسي:

إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (28:4)

 وذلك لعدم وجود الوريث الشرعي الذي يعتلي العرش من بعده. وهنا (نحن نتخيل) يدب الخلاف في آل فرعون في صراع محتدم على السلطة فيما بينهم، طامع كل طرف منهم أن يكون هو صاحب الحظ في ذلك.

المشهد السابع: في هذه الأثناء (نحن ما زلنا نتخيل) يبدأ بنو إسرائيل محاولتهم الأولى للخروج من الاستعباد مستغلين الخلاف الذي يجري بين الملأ من آل فرعون على السلطة. فينشب الخلاف بين الطرفين (آل فرعون من جهة وبني إسرائيل من جهة أخرى). ويستمر هذا الصراع بين مؤيد للإصلاح من الفريقين ومعارض له.

المشهد الثامن: خلال هذا الصراع الدائر بين الطرفين، يدخل موسى المدينة التي كان خارجا منها من ذي قبل ليقود (نحن نظن) مفاوضات الصلح بين الطرفين، والخروج ببني إسرائيل من أرض مصر والعودة بهم إلى الأرض المقدسة.

المعضلة: عندما عاد موسى ليدخل المدينة ليقود حركة الاصلاح بين الطرفين، كان هناك في كلا الطرفين من كان يريد إصلاحا كما كان هناك من يريد إفسادا في الأرض. ليكون السؤال المفصلي في هذا النقاش هنا هو: من الذي كان يريد الإصلاح من الطرفين؟ ومن الذي كان يريد الإفساد من الطرفين؟

جواب مفترى من عند أنفسنا: نحن نظن بأن الذي كان يريد الإصلاح هو شخص من آل فرعون بينما الذي كان يريد الإفساد هو شخص من قوم موسى. انتهى.

الدليل

لو دققنا فيما حصل عندما دخل موسى المدينة على حين غفلة من أهلها، لوجدنا بأنه كان هناك رجل من شيعة موسى (أي من بني إسرائيل) هو من استغاث موسى لينصره على الذي هو عدوه:

وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (28:15) 

فينبري موسى لنصرته، فيقع في المحضور عندما وكز الذي هو من عدوه، فيقضي عليه، وبالتالي يُقتل ذلك الذي عدو لهما على يد موسى نفسه. ولكن موسى يستذكر أن هذا ما كان ليقع لولا تدخل قوة أخرى في هذه الفتنة، ألا وهو الشيطان، فيعترف موسى قائلا (ٰهَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ). ولكن موسى لا ينفي تحمله المسئولية كاملة بأنه قد ظلم نفسه، فيطلب من الله المغفرة

قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (28:16)

نتيجة مفتراة: موسى هو ذاته الفاعل، موسى يظلم نفسه، فتكون نفسه مفعول بها. يكون للشيطان تدخل في الحادثة

مؤكدا في ذات الوقت أنه لن يكون ظهيرا للمجرمين بعد تلك الحادثة:

 قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (28:17)

السؤال: من المجرمون الذين سينأى موسى بنفسه عنهم بعد هذه الحادثة؟ من يدري؟!

لكن المفارقة العجيبة تتمثل في أنه لو دققنا فيما حصل في صبيحة اليوم التالي، لوجدنا بأن ذلك الرجل نفسه الذي هو من شيعة موسى، والذي استنصره بالأمس، يستصرخه اليوم على رجل آخر من آل فرعون. فما يكون من موسى إلا أن يدرك بأن هذا الرجل الذي هو من شيعته (أي من بني إسرائيل) غوي مبين:

فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ۚ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (28:18)

ومع ذلك تتحصل الإرادة عند موسى لأن يبطش بالذي هو عدو لهما (اي الرجل الذي من آل فرعون) مرة أخرى:

فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا ...

وهنا بالضبط يرتفع صوت الرجل الذي من آل فرعون قائلا لموسى:

... قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (28:19)

وفي هذه اللحظة يتراجع موسى عما كان يريد أن يفعله. فلا يقتل الرجل الذي هو من آل فرعون. وفي هذه الأثناء يأتي رجل من أقصى المدينة يسعى ليحذر موسى من مغبة تآمر الملأ به:

وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (28:20)

إن ما يهمنا طرحه هنا هو ملاحظة بسيطة جدا سيكون لها - برأينا- تبعات جمة في نقاشنا في هذا الموضوع، والملاحظة مفادها أن الشخص الذي كان من شيعة موسى هو رجل ما كان يريد الاصلاح، وإنما هو غوي مبين.

السؤال: لماذا كان الرجل الذي من شيعة موسى غوي مبين؟ ولماذا كان (نحن نظن) يريد إحداث الفساد في الأرض ولا يريد أن يكون من المصلحين؟

رأينا المفترى: نحن نظن بأن السبب يكمن في أنه هو من افتعل حادثتي القتال عن قصد، ولغايات كان الشيطان هو من يحثه عليها، بينما كان الرجل الآخر الذي من آل فرعون - بالمقابل- كان يريد الإصلاح، بدليل ما قاله لموسى في خطابه هذا:

... قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (28:19)

السؤال: لماذا كان الرجل الذي من شيعة موسى لا يريد الإصلاح بينما كان الرجل الذي من آل فرعون ينشد الإصلاح؟

رأينا المفترى الخطير جدا: نحن نفتري الظن بأن الرجل الذي كان من شيعة موسى رجل مفسد في الأرض، وذلك لأنه كان معاد لموسى شخصيا. بينما كان الرجل الذي من آل فرعون يريد الاصلاح لأنه كان يريد الخير بالطرفين.

السؤال: من هما هذان الرجلان اللذان نتحدث عنهما هنا؟

جواب مفترى: كان الرجل الأول هو شخص من شيعة موسى (أي من بني إسرائيل)، لكنه كان معاد لموسى لأنه (نحن نرى) كان يظن أنه هو صاحب الحق في قيادة بني إسرائيل. انتهى.

الدليل

دعنا نبدأ جلب الدليل – عزيزي القارئ- بالصور التخيلية الخاصة بافترائنا الذي مفاده أنه عندما سنحت الفرصة باحتمالية رأب الصدع بين بني إسرائيل من جهة وآل فرعون من جهة أخرى بعد موت الفرعون الأول الذي كان يذبح أبناء طائفة بني إسرائيل ويستحيي نساءهم، كان لابد من خوض مفاوضات بين الطرفين. فكان على موسى العودة إلى المدينة كزعيم لبني إسرائيل، وليقود تلك المفاوضات المزمع عقدها بين الفريقين. ولكن لما كان من شيعة موسى (نحن ما زلنا نتخيل) من لا يسره بأن يكون موسى هو زعيم بني إسرائيل، عمد إلى إفساد العملية السياسية برمتها قبل أن تبدأ، فافتعل حادثة القتال مع شخص مجهول من آل فرعون بالضبط في اللحظة التي دخل فيها موسى المدينة على حين غفلة من أهلها. فحادثة الاقتتال هذه لم تكن (نحن نعتقد جازمين) محض صدفة عابرة، ولكنها كانت عملا مدبرا من قبل هذا الذي من شيعة موسى. لذا، لم يكن ليدع هذا (الشيطان من الإنس) الفرصة لموسى بأن يفكر مليّا بالأمر لحظة دخوله المدينة، ولم يعطه الفرصة للوصول إلى المفاوضين من الطرف الآخر من آل فرعون، فافتعل حادثة الاقتتال على طرف المدينة الذي دخل منه موسى، فاستغاه على الفور، مستفزا الجانب العاطفي عند موسى في حبه لبني إسرائيل، فما يتردد موسى في نصرة الذي من شيعته، ظانا أن الاقتتال بينهم جار، وأن المعتد هو من كان من آل فرعون. وبهذا الفعل، يكون موسى قد وقع في المحضور، وبهذا تكون صفقة المفاوضات السياسية قد فشلت مع موسى شخصيا قبل أن تبدأ. فالمنطق يقول بأنه لن يقبل آل فرعون أن يتفاوضوا اليوم مع رجل قتل رجلا منهم بالأمس. وهذا ما جاءه الرجل من أقصى المدينة ليحذره منه:

وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (28:20)

فالملأ الذين كانوا منقسمين فيما بينهم على السلطة، قد تجمعوا ضد العدو الخارجي (موسى)، تاركين خلافاتهم الجانبية حتى تسوية قضيتهم مع موسى الذي قتل رجلا منهم.

وبهذا العمل تكون خطة هذا الشيطان (الذي هو من شيعة موسى) قد نجحت في اقصاء موسى عن قيادة بني إسرائيل، وفي تولي زمام المفاوضات مع آل فرعون. ولكن موسى لم ينتبه للأمر إلا بعد فوات الأوان، فيدرك أن ما فعله من عمل الشيطان:

وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (28:15) 

ونحن نعلم بأن مهمة الشيطان هو أن ينزغ بين الناس، فيحدث الفتنة التي هي أكبر من القتل:

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (2:217)

والتي هي أيضا أشد من القتل:

وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (2:191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (2:192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ۖ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (2:193)

ولو راقبنا ما قاله موسى نفسه للرجل نفسه الذي من شيعته في اليوم التالي، لوجدنا أنه يصفه بصفات الشيطان نفسه، ألا وهي الغواية:

فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ۚ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (28:18)

نتيجة مفتراة مهمة: في هذه اللحظة يدرك موسى الغواية التي خطط لها هذا الذي من شيعته. فموسى الآن يعلم بأن نوايا هذا الرجل غير سليمة بدليل أنه وصفه بأنه غوي مبين.

ولو دققنا أكثر في الحادثة، لوجدنا بأن هذا الشيطان (من الإنس) لم يكن هدفه أن يقصي موسى عن قيادة بني إسرائيل فحسب، ولكن كان له هدف أكبر من ذلك، يتمثل – برأينا- في أن يقطع المنة الإلهية على موسى مرة أخرى، فلا يكون موسى رسولا من الله لبني إسرائيل. ليكون السؤال الآن: كيف ذلك؟

رأينا المفترى: نحن نظن أن الإجابة على هذا التساؤل تكمن في طرح السؤال التالي: ماذا لو فعلا قتل موسى الرجل الذي من عدوهما في اليوم التالي؟ أي ماذا كان يمكن أن يحصل لموسى لو أنه وقع في القتل مرة أخرى خاصة بعد تذكير الذي هو عدو لهما موسى بأن ذلك سيكون من باب التجبر في الأرض وعدم الإصلاح؟

... قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (28:19)

رأينا المفترى: نحن نفتري الظن بأنه لو أصر موسى على قتل ذلك الرجل في اليوم التالي، لأصبح موسى جبارا في الأرض وما عاد من المصلحين، ولما تحققت له المغفرة الإلهية على ذنبه هذا، ولما كان مؤهلا لأن يكون رسولا لبني إسرائيل بعد ذلك.

تلخيص ما سبق: دعنا عزيزي القارئ نتخيل - إن شئت- ما حصل على النحو التالي: كان في بني إسرائيل رجل يضمر العداوة لموسى، فكان يريد أن يحقق غايتين اثنتين في نفسه: الأولى غاية دنيوية تتمثل في دحر موسى عن قيادة بني إسرائيل، فيخلو له المجال أن يكون هو القائد المؤهل لهذا المنصب بعد التخلص من موسى، والثانية أخروية تتمثل في أن يحجز المنّة الإلهية عن موسى من جديد، وذلك بأن يوقعه في القتل مرة أخرى، فلا يعود موسى مؤهلا للمغفرة الإلهية إن هو قتل مرة أخرى، وبالتالي لن يكون رسولا لبني إسرائيل. وقد دبر هذا الشيطان من الإنس خطته تلك على نحو المجاهرة بالعداوة الصارخة لآل فرعون، وافتعال القتال معهم ليوهم البسطاء من الناس بأنه شخص مكافح منافح عن حقوق العباد المستضعفين. (زي اللي بنعرفهم في التاريخ العربي الحديث – أبطال الخطابات ضد العدو وهم في الحقيقة يقتلون كل من يزاحمهم على الكرسي). وبالفعل نجح في أن يبعد موسى عن مشهد الأحداث عشر حجج عندما اضطر موسى لأن يخرج متوجها إلى مدين بعد أن قتل النفس الأولى. لكن ذلك الشيطان من الإنس لم ينجح في المهمة الثانية وهي ايقاف المنّة الإلهية على موسى بأن يكون رسولا إلى بني إسرائيل، لأن موسى تذكر، فتراجع عندما نبهه ذلك الرجل الذي هو عدو لهما قائلا:

... قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (28:19)

فكانت المنة الإلهية على موسى حاضرة مرة أخرى:

وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ (20:37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ (20:38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ ۚ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي (20:39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَنْ يَكْفُلُهُ ۖ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ۚ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا ۚ فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يَا مُوسَىٰ (20:40)

فالمتدبر لهذا السياق القرآني، يجد بأن المنّة الإلهية على موسى قد حصلت مرتين: الأولى عندما أعاده الله إلى أمه من يد عدو الله فرعون عدما كان طفلا، والثانية عندما نجاه الله من الغم بعد أن قتل نفسا، وحصلت الفتنة بعد ذلك.

ولو دققنا في هذا السياق القرآني جيدا، لوجدنا بأن النجاة من الغم تكون بعد حادثة قتل (وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ). فالغم يحصل نتيجة القتل عندما يظلم الإنسان نفسه بقتل نفس آخرى، ويحدث هذا الصراع الداخلي بين ذات الإنسان (التي ظَلمت) ونفسه التي ظُلمت. ولو دققنا في فكرة "النجاة من الغم"، لما وجدناها قد حصلت إلا مع اثنين من رسل الله وهما موسى:

... وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا ۚ فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يَا مُوسَىٰ (20:40)

وذي النون

وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (21:87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (21:88)

وسنرى التقاطع بين موسى من جهة وذي النون من جهة أخرى في هذا الجانب، ظانين أن الاثنين وقعا في حادثة قتل نفس، وظلم لأنفسهم. (وهذا ما سنتناوله في مبحث آخر إن شاء الله. فالله وحده أدعوه أن يعلمني ما لم أكن أعلم وأن يهديني لأقرب من هذا رشدا، إنه هو العليم الحكيم).  

لكن الذي يهمنا هنا هو التركيز على قصة موسى من هذا الجانب، ومحاولة التعرف على تلك الشخصية من شيعة موسى، أي ذلك الرجل الذي كان يخطط ليمكر بموسى، وبالتالي محاولته إزاحة موسى عن مشهد الأحداث في قيادة بني إسرائيل في الدنيا، وخسرانه المنة الإلهية والثواب في الآخرة. ليكون السؤال هو: من هو ذلك الرجل الذي من شيعة موسى الذي استنصره في الموقفين الخاصين بمحاولة قتل رجل من آل فرعون في كل مرة؟

اليوم الأول:

وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (28:15)

اليوم التالي:

فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ۚ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (28:18)

رأينا المفترى: للاجابة على هذا السؤال علينا أن نتعرف أيضا على الرجل الذي من آل فرعون الذي قتله موسى في اليوم الأول، وذلك الذي أراد موسى أن يقتله في اليوم التالي. فمن هما الرجلان اللذان كان من عدوهما؟

رأينا المفترى: لو دققنا في السياق الذي يتحدث عن حادثة القتل في اليوم الأول:

وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (28:15)

لوجدنا بأن الرجل الأول من آل فرعون الذي قتله موسى، لم يكن من المصلحين، وذلك لأنه لم يكن ليتردد بأن يقتل موسى لو أن موسى لم يقتله. لذا، لا يمكن أن يكون ذلك الرجل من المصلحين. فهو لم يبد أي أشارة تدل على أنه لا يريد القتال، أو أنه راغب في الإصلاح. فلقد كان من دهاء الرجل الذي من شيعة موسى أنه اختار في اليوم الأول عدوا حقيقيا لبني إسرائيل. لذا، عندما دخل موسى المدينة على حين غفلة من أهلها، وجد الصراع قائما بين رجل من شيعته، ورجل من عدوه، فما كان موسى ليتردد في نصرة الذي من شيعته ليقينه بأن الآخر من عدوه. فنحن لا يجب أن نقرأ القصة على سبيل أنها حادثة وقعت مصادفة مع دخول موسى المدينة، بل هي حادثة مدبرة من قبل ذلك الذي من شيعة موسى، ليوقع موسى في الفخ. فاختار قتالا مع رجل هو فعلا عدو لبني إسرائيل.

لكن حتى ينفذ غايته الأخرى، وهي حجز المنة الإلهية على موسى مرة أخرى، كان عليه أن يوقع موسى في قتل متعمد لرجل لا يريد الفساد في الأرض، وإنما يريد الإصلاح فيها. فافتعل حادثة الاقتتال مع رجل آخر من عدوهما (أي من آل فرعون). ولو أقدم موسى على قتل هذا الرجل لكانت نتيجته كما قالها له ذلك الرجل بملء فيه:

فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (28:19)

ولأصبحت السنة الإلهية التي تجليها الآيات الكريمة التالية سارية على موسى نفسه:

مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (5:32)

نتيجة مفتراة: لو أن موسى قتل ذلك الرجل بعد أن أفصح الرجل عن عدم رغبته في قتال موسى، لأصبح موسى جبارا في الأرض وما عاد من المصلحين. ولنجح ذلك الشيطان الغوي المبين (الذي هو من شيعة موسى) في انفاذ خطته التي هي من عمل الشيطان.

السؤال: من هو هذا الرجل الذي كان يريد إصلاحا من آل فرعون؟ ومن هو ذاك الرجل الذي من شيعة موسى وكان غويا مبينا؟

رأينا المفترى: عندما حاولنا البحث في النص القرآني على مساحته عن ذلكما الرجلين، وجدنا السياق القرآني التالي الذي يصور لنا قصتهما، وخاصة موضع الخلاف بينهما، قال تعالى:

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (18:32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (18:33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (18:34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا (18:35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (18:36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (18:37) لَٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (18:38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (18:39) فَعَسَىٰ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (18:40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (18:41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (18:42) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (18:43)

السؤال: من هو داوود؟

 

المدكرون: رشيد سليم الجراح وآخرون

بقلم: د. رشيد الجراح

 

 

 

 

 

 

 

 

هناك 6 تعليقات:

  1. غير معرف18/10/23

    نعوذ بالله أن نقول في كتابه مالم ينزل به سلطانا وما ليس لنا به علم.....الله يقول للملائكة هل هؤلاء الكفار كانوا يعبدوكم قالوا بل كانوا يعبدون الجن...والدكتور رشيد يقول ان الملائكة طائفة من الجن..اعوذ بالله كيف يفتري الذين لا يعلمون الكذب على الله ويحسبون انهم مهتدون..

    ردحذف
  2. غير معرف18/10/23

    قال المدكرون...قل المهلوسون يمكن تكون اقرب للصواب...

    ردحذف
    الردود
    1. غير معرف17/11/23

      هههههههه نعم نعم ....هذا افضل واقرب وصف...

      حذف
  3. غير معرف30/10/23

    فلا تبتئس بما كانوا يعملون
    فلا تبتئس بما كانوا يفعلون
    اتهلكنا بما فعل السفهاء منا
    افتهلكنا بما فعل المبطلون

    ألم تر كيف فعل ربك

    نرجوا من حضرتكم إبراز وإظهار جميع الآيات ليبقى البال مرتاحا لتفسيرك ....دمت بود

    ردحذف
  4. غير معرف17/11/23

    الله يهديك يادكتور رشيد...كما هدى جدتي التي لم تكن تعرف الكتابة ولا القراءة وآمنت وعبدت الله..حتى توفاها الله دون ان تهلوس ولا تفتري...واعلمك ان كلمة افتراء ملتصقة بالكذب فقططططططط...لا يوجد شيء اسمه افتري بمعنى نتوقع او نظن....الافتراء ملنصق بالكذب والبهتان...

    ردحذف
  5. غير معرف27/11/23

    بارك الله فيك دكتور زادك الله علما

    ردحذف