تقدم هذه المقالة تفسيرًا مفصلاً ومختلفًا لقصة يوسف عليه السلام، حيث تفترض أن "العرش" المذكور في القرآن ليس مجرد كرسي للمُلك، بل هو أداة متقدمة للمعرفة والمراقبة الفورية، وهو ما تسميه "علم تأويل الأحاديث". وترى المقالة أن يوسف كان له أبوان: والده يعقوب الذي ورث منه علم تعبير الرؤيا، وأبوه بالتبني في مصر الذي علّمه علم العرش. ويستند التحليل على مقارنات بين شخصيات قرآنية ورد معها ذكر العرش (كملكة سبأ) ومن لم يرد (كفرعون وسليمان).
لقد افترينا القول في الجزء السابق من هذه المقالة بأن رحلة يوسف كانت عبارة عن رحلة لتلقي العلم بتأويل الأحاديث لأن والده يعقوب لم يكن يملك مثل هذا العلم، فترك حياة البداوة التي كان يعيشها بنو إسرائيل حينئذ
ونحن نظن أن جانبا من هذا التصور المفترى من عند أنفسنا قد يحل إشكالية عدم محاولة يوسف البحث عن أهله الذين ولد فيهم بعد أن استوى وبلغ أشده في بيت أهله الذين تربى فيهم، والسبب ربما يعود إلى أن أهله أولئك كانوا من البدو حيث التنقل والترحال. فلم يكن يستطيع أن يعلم أين سيكون خبرهم بعد هذه الأعوام الطويلة.
كما ربما يفسر جانبا آخر من هذا التصور المفترى السبب الذي من أجله انتقل يوسف إلى أرض مصر للعمل فيها، فلربما كان الدافع للانتقال هو أنه انتقل من بلاد لا دين لأهلها (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) إلى بلاد كان أهلها على عقيدة الشرك (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)، فكانت مهمة يوسف تكمن في إيصال ملة آبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب إلى تلك الديار.
نظام "الأرباب" في مصر
فكانت عقيدة أهل مصر تقضي بأن الناس أرباب فوق بعضهم البعض، فالترتيب الطبقي (الهرمي) كان يقضي بأن يكون الملك على قمة ذاك الهرم فهو الرب للجميع في الأرض بالإضافة إلى الإله الذي في السماء، ولكن هذا لا يتوقف عند الملك فقط، فكل فتى له ربه الذي يشتغل عنده، وليس أدل على ذلك – في ظننا- مما قاله يوسف نفسه للذي ظن أنه ناج من صاحبيه السجن:
ولو تدبرنا هذه الآية جيدا لربما استنبطنا أن رب ذلك الرسول كان الملك (ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ)، ولكن الملك لم يكن ربا ليوسف لأن رب يوسف هو العليم بكيد النسوة دون الحاجة أن يتحقق من ذلك (إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ).
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا:
نحن نظن أن الصورة في أرض مصر كانت على نحو وجود الأرباب المتفرقون، حيث يملك كل رب منهم من الصلاحيات بحجم موقعه في طبقات المجتمع الهرمي الذي يعتلي سدته الملك على رأس ذلك الهرم. ونحن نفتري الظن بأن الناس في الطبقة الواحدة ليسوا أربابا لبعضهم البعض حتى وإن ساد بعضهم على بعض، فالمرأة التي راودت يوسف عن نفسه – مثلا- قد ألفت سيدها لدى الباب:
والسبب في ذلك ربما يعود لأنهما كانا – كما افترينا سابقا- من نفس الطبقة الاجتماعية، فهي وهو (من الناحية العقدية) ليسوا أرباب لبعضهم البعض مادام أنه من أهلها (مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا). ولكن الرجل كان هو سيدها لأن مكانته الاجتماعية تقضي بأن يكون هو مسئولا عنها.
ولو راقبنا النص القرآني لربما وجدنا أن يوسف لم يكن ليتقبل الوضع الديني السائد في تلك البلاد، فما اتخذ لنفسه ربا في أرض مصر لأن ربه هو الله الواحد الأحد. ولكن هذا لا ينفي أن يكون يوسف قد تقبل الترتيب الاجتماعي في أرض مصر، فعمل عندهم بالأجر، فكان فتى للمرأة التي راودته عن نفسه.
جواب: دعنا نبدأ قصة يوسف منذ أن أنبأ صاحبيه السجن بتأويل رؤياهما.
أما بعد،
ما أن وصل يوسف من خلال العلم الذي تحصل له من عند أبيه الثاني بأن المحكمة قد قضت ببراءة صاحبه الأول وإثبات التهمة على صاحبه الآخر، وأن الخروج من السجن هو مصير الأول بينما الصلب وأكل الطير من الرأس هو مصير الآخر حتى جاء قوله لهما على نحو (قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ):
فلقد وصل خبر ذلك إلى يوسف وهو في السجن قبل أن يتم تبليغ الحكم لصاحبيه السجن رسميا. ولكن السؤال الذي لا مفر منه هو: كيف علم يوسف بذلك؟
جواب مفترى خطير جدا جدا: إنه العرش، وذاك هو – برأينا- العلم الذي لم يكن موجودا عند أبيه يعقوب وتحصل له في بيت أبيه الثاني وهو الذي اشتراه من مصر، لذا نحن نفتري القول بأن العلم بتأويل الأحاديث الذي تحصل ليوسف في بيت هذا الرجل كما يدل على ذلك صريح اللفظ في الآية الكريمة التالية:
فكانت تلك تمام نعمة الله على يوسف والتي لم تكن ليعقوب وإن كانت لمن جاء قبله وهما إبراهيم وإسحق.
نتيجة مفتراة:
لقد كانت هناك نعمة من نعم الله اختص الله بها إبراهيم وإسحق، ولم يختص بها يعقوب، ثم عادت ليتم الله بها نعمته على يوسف وعلى آل يعقوب من بعد يعقوب نفسه. وتلك النعمة هي العرش.
ولكن الملاحظة التي لا يجب أن يغفل عنها أي قارئ لكتاب الله هي أن يوسف قد توجه بالخطاب إلى أحدهما (وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا)، ليكون السؤال الذي يجب أن يطرح على الفور هو: لم لم يوجه الخطاب إلى كليهما؟ ومن هو أبيه الذي توجه بالخطاب إليه؟ ولماذا؟
رأينا المفترى من عند أنفسنا: نحن نفتري القول بأن أبيه الذي توجه بالخطاب إليه هذه المرة هو والده (أي الذي ولده وهو يعقوب) ولم يتوجه يوسف بالخطاب لأبيه الذي تربى يوسف عنده، وربما يعود السبب في ذلك – في رأينا- إلى أن أبيه هذا لم يكن بحاجة أن يخبره يوسف بهذه المعلومة لأنها معلومة موجودة عنده من ذي قبل. فأباه هذا الذي رباه كان على علم بهذا الأمر من ذي قبل، ولكن والده يعقوب هو الذي لم يكن على علم بذلك، فجاء خطاب يوسف من باب أن يخبر والده يعقوب بما تحصل له من علم في غيابه عنه: إنه العرش الذي رفع أبويه عليه. ولكن كيف ذلك?
جواب: إن هذا السؤال يعيدنا على الفور إلى ما كنا قد افتريناه في مقالة سابقة لنا حول معنى مفردة العرش في النص القرآني. فأفردنا لذلك جزءا في مقالتنا تحت عنوان "مادلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته: باب العرش" ضمن حديثنا حينئذ عن قصة سليمان ووالده داوود. ولعلنا نجد أن الضرورة تستدعي إعادة طرح الخطوط العريضة لتصورنا عن معنى مفردة العرش هنا، ليتم الربط لاحقا بين القصتين بحول الله وتوفيق منه.
باب العرش في قصة يوسف: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا
يثبت القرآن الكريم أن مفردة الْعَرْشِ لم تذكر في النص القرآني إلا في حالات ثلاثة فقط وهي:
ليكون السؤال التالي الذي يجب أن يطرح على الفور هو: لماذا؟ لماذا لم ترد مفردة العرش إلا مصاحبة للذات الإلهية ومع هذه المرأة في سبأ ومع يوسف الصديق في أرض مصر؟
جواب: من أجل محاولتنا الإجابة على هذا السؤال، وجدنا الضرورة تستدعي أولا النبش في معنى مفردة الْعَرْشِ نفسها، لنطرح السؤال التالي على الفور: ما هو الْعَرْشِ؟
أولا، نحن نظن أن لا علاقة بين العرش والملك (أن تكون ملكا) ولكن هناك علاقة بين العرش والتملك؟ فيجب التمييز بين الملك الذي يحكم والمالك الذي يتحكم؟ ولكن كيف ذلك؟
غالباً ما ظن الناس أن لكل مَلِك عرش، فيربطون العرش بالمَلك على الدوام، وهذا ما نظن أنه افتراء كاذب لا أساس له من الصحة، لأننا لم نجد في كتاب الله أن للمَلِك عرش. فسليمان نفسه لم يكن له عرش بالرغم من أن الملك قد تحصل له ولوالده داوود من قبله:
نحن نظن أنه ليس من باب الضرورة أن يكون صاحب العرش ملكا ولكن لابد أن يكون مالكا (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ).
لكن هذا الطرح يدعون أن نثير النقاش حول فرعون نفسه طارحين التساؤل التالي: لِم لَم يرد ذكر الْعَرْشِ عند الحديث عن فرعون مثلاً؟ ألم يكن لفرعون مُلك مصر؟ ألم يكن هو حاكم مصر وسيدها والرب المطاع فيها؟ فلم لا يكون له عرش؟
رأينا: على الرغم أن قصة فرعون قد تكررت عشرات المرات في القرآن الكريم، إلا أن هناك حقيقة ثابتة لا يمكن المجادلة فيها ألا وهي غياب مفردة الْعَرْشِ تماما عند الحديث عن فرعون. فما الذي نستفيده من ذلك؟
رأينا المفترى: ربما يصدق ظننا أن العرش من صفات من يملك (كتلك المرأة التي كانت تملك قومها) ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أن كل من يملك يكون صاحب عرش (كفرعون مثلا)، ولكن لماذا؟
وهذا المنطق ينطبق – في ظننا- على سليمان نفسه الذي كان له ملكا ولم يكن صاحب عرش قبل أن يحضر له الذي عنده علم من الكتاب عرش تلك المرأة قبل مجيئها وقومها إليه:
السؤال: ما الفرق بين من يملك أرضا (كفرعون وسليمان مثلا) ومن يملك شعبا (كتلك المرأة)
جواب مفترى: نحن نظن أن من يملك شعبا يكون مراقبا لجميع تحركاتهم فلا يغيبون عن ناظريه. ولكن يبقى السؤال الأهم هو: كيف يستطيع فعل ذلك؟
العرش كأداة للمراقبة المطلقة
رأينا المفترى: من خلال الْعَرْشِ. ولكن لماذا؟
جواب مفترى مهم جدا جدا سنحتاج له لاحقا: نحن نظن أن صاحب العرش يستطيع أن ينظر في العرش فيرى بأم عينه ما يقوم الناس به من حوله (ضمن نطاق عرشه بالطبع).
ثانيا، إن الرحمن قد استوى على عرشه استواءً، فلقد وردت فكرة استوى الرحمن على العرش سبع مرات في كتابه الكريم، فجاءت تلك العبارة في ستة مواضع من كتاب الله متلازمة مع حرف الانتقال "ثم":
جواب: نحن نظن أن السبب في ذلك يعود إلى وجود العرش.
سادسا، نحن نجد أن للعرش مالك واحد فقط، فالله هو رب العرش العظيم، وقد كان لتلك المرأة عرش عظيم، ويوسف هو من رفع أبويه على العرش، لأنه ببساطه عرشه لوحده.
سابعا، نحن نجد أن وجود العرش يؤدي بالضرورة إلى انعدام الفساد:
عندما يكون هناك عرش تتوافر لصاحبه السيطرة المطلقة فلا يخفى عليه شيء، ولا يحدث شيء دون أن يعلم به، فينتفي بذلك فساد من حوله (أي ملئه) وذلك لأنهم لا يستطيعون التفلت من سيطرة صاحب العرش عليهم.
السؤال: ما هو العرش إذن؟
جواب مفترى: إنه شاشة المراقبة التي لا تدع شيئا يخفى على صاحبها:
نحن نظن أن هذا افتراء خطير جدا من عند أنفسنا قد يساعدنا في فهم ماهية العرش، وخاصة كيفية تحكم (أو لنقل مراقبة) الإله الواحد الأحد، رب العرش العظيم، بالكون كله. فنحن نظن أن العرش هو الذي ينظر الإله فيه ليرى كل ما يدور في الكون فلا يفوته العلم بشيء من ذلك:
فعرش الرحمن هو بناء رباني مرفوع على ثمانية قواعد يمكن تشبيه صورته بصورة جنات الأعناب المعروشة (أي المرفوعة على القواعد)، وهنا يتبادر للذهن سؤال مفاده: لم ثمانية؟
جواب: لأن هناك سبع سموات بعرش واحد فقط. فكيف تكون الصورة إذن؟
جواب: بداية نحن نؤمن أن الله قد خلق سبع سماوات طباقا:
ونفهم ذلك على نحو أن تلك السماوات السبع هي سماوات متطابقة متجاورة وليست متراكبة فوق بعضها البعض (كما يتخيل ذلك الفكر الشعبي). لذا سيصار في نهاية المطاف إلى طي تلك السموات كطي السجل للكتب:
افتراء من عند أنفسنا: لو كان هناك سماء واحدة وعرش واحد لكان العرش يحمله اثنان، فلنتخيل -ولله المثل الأعلى - العرش على شكل طاولة (ولنقل شاشة مراقبة) محمولة على رجلين أو قاعدتين اثنتين.
ولكن عندما يكون هناك سماء أخرى (ثانية) متواجدة إلى جانب السماء الأولى يصبح من يحمل العرش ثلاثة: اثنان للسماء الأولى وواحد جديد في نهاية السماء الثانية (فلا ننسى أنه عرش واحد، لسمائين اثنتين).
ولو زدنا سماء ثالثة لاحتجنا لرابع ليحمل القاعدة الجديدة للعرش الذي سيمتد إلى نهاية السماء الثالثة، لتكون الصورة على نحو كلما زادت سماء جديدة زادت قاعدة جديدة للعرش حتى يبقى عرش واحد وإن تعددت السموات، وهكذا.
وعندما نصل السماء السابعة يكون عدد من يحمل العرش 8 (أي عدد السموات+1، وذلك لأننا احتجنا إلى قاعدتين ليحمل العرش عليهما في السماء الأولى واحتجنا بعد ذلك إلى قاعدة جديدة واحدة مع كل سماء جديدة ليبقى العرش واحدا وإن كثر عدد السموات)، فهي في نهاية المطاف سبع سموات بعرش واحد (وهو بلا شك العرش العظيم). لكن كيف يمكن لنا أن نتصوره.
(للتفصيل انظر: مادلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته: باب العرش).
رأينا المفترى: ما دام أن الله قد آتاه من الملك ومادام أنه كان صاحب عرش، لم يكن – نحن نفتري الظن- ليخفى عن يوسف شيئا من ذلك الملك الذي آتاه الله إياه، بدليل أن من له الملك لا يخفى عليه شيء من ملكه:
تصورات من خيالنا: نحن نظن أن يوسف كان يقوم بالنظر في عرشه، فيرى القادم من الناس بذلك الطعام إلى صاحبيه السجن. فيستطيع بذلك أن ينبئهما بذلك الرزق قبل أن يأتيهما.
وها هو يشير إلى تأويل رؤياه لأبيه بعد أن رفعه على العرش:
السؤال: إلى ماذا كان يشير يوسف لوالده يعقوب وهو مرفوع على العرش عندما استخدم اسم الإشارة هذا (وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ؟
افتراء من عند أنفسنا: لقد أشار يوسف إلى مكان محدد على تلك الطاولة (العرش - الشاشة) الذي رفع أبويه عليها ليري أباه يعقوب على وجه التحديد تأويل الرؤيا كما تظهر على عرش يوسف). ولو تفكرنا في الآية أكثر لوجدنا أن يوسف قد رفع أبويه الاثنين على العرس (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ)، ولكن بالرغم من ذلك فقد وجه الخطاب مباشرة إلى واحد منهما وهو يعقوب (وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ).
السؤال: لماذا؟
جواب مفترى من عند أنفسنا: لأن هذا هو علّم يوسف الذي تعلّمه في بيت أبيه الثاني الذي اشتراه من مصر. فذاك الرجل كان صاحب علم بعرش يوسف فلا يحتاج أن ينظر فيه، ولكن يعقوب هو الذي يحتاج أن يرى ما تحصل لولده يوسف من إتمام نعمة ربه عليه كما أتمها على أبويه من قبل إبراهيم وإسحق، وكما سيكون في ذلك تمام النعمة الإلهية على آل يعقوب من بعده:
افتراء من عند أنفسنا: نحن نظن أن أول ما تعلمه يوسف من والده يعقوب هو كيفية الفتوى (أو لنقل تجاوزا تفسير) الرؤيا. فيوسف هو أول من رأى شيئا، فقصصه مباشرة على والده يعقوب:
السؤال: لماذا نهى يعقوب ولده يوسف أن يقصص رؤياه على إخوته?
جواب: لأن إخوته كانوا يستطيعون الفتوى في الرؤيا، فهم يستطيعون الفتوى بها ومعرفة خبرها. ولو أن يوسف قصص رؤياه على إخوته لاستطاع إخوته أن يئولوا تلك الرؤيا.
سؤال: لماذا؟
جواب: لأن ذلك العلم كان متوافرا في بيت يعقوب. فهو علم قد ورثه من أبويه إبراهيم وإسحق وعلمه لأبنائه ليستمر في بيت النبوة.
السؤال: وأين الدليل على ذلك؟
جواب: لو تفقدنا الآية الكريمة التالية لوجدنا أن أول خبر بالرؤيا قد جاء ذكره في كتاب الله على لسان إبراهيم:
فهذا علم قد ابتداءه إبراهيم نفسه. ولو تفقدنا القرآن كله لما وجدنا خبر ذلك سابقا لإبراهيم في حادثة ذبحه ولده هذه. ولكن لماذا؟
خاتمة ودعاء
جواب: هذا ما سنحاول النبش فيه في الجزء القادم من هذه المقالة سائلين الله وحده أن يعلمنا ما لم نكن نعلم، وأن يهدينا رشدنا، وأن يهدينا إلى نوره الذي أبى إلاّ أن يتمّه ولو كره الكافرون، فلا نفتري عليه الكذب ولا نقول عليه ما ليس لنا بحق، إنه هو العليم الحكيم – آمين.
والله أعلم
دعاء: رب أسألك أن تأذن لي الإحاطة بما لم تأذن لغيري الإحاطة به، وأسألك أن تعلّمني ما لم أكن أعلم، وأعوذ بك أن أفتري عليك الكذب عن علم، إنك أنت السميع المجيب – آمين.
المدّكرون: رشيد سليم الجراح & علي محمود سالم الشرمان
بقلم: د. رشيد الجراح
31 كانون أول 2013
د. رشيد الجراح مركز اللغات جامعة اليرموك
الهوامش
لاحظ الربط في الآية الكريمة بين حياة السجن (حياة يوسف) والبداوة (حياة أهله). وأظن أن الربط يكمن في الانقطاع عن العالم الخارجي، وسنتحدث عن ذلك عندما نحاول أن نحدد المنطقة الجغرافية التي جاء منها إخوة يوسف بأهليهم أجمعين. فنسأل الله أن يأذن لنا الإحاطة بشيء من علمه إنه هو السميع العليم. ↩
لاحظ الربط في الآية الكريمة بين حياة السجن (حياة يوسف) والبداوة (حياة أهله). وأظن أن الربط يكمن في الانقطاع عن العالم الخارجي، وسنتحدث عن ذلك عندما نحاول أن نحدد المنطقة الجغرافية التي جاء منها إخوة يوسف بأهليهم أجمعين. فنسأل الله أن يأذن لنا الإحاطة بشيء من علمه إنه هو السميع العليم. ↩
📖 شروط قراءة المقالات:
❌ المقالة ليست فتوى.
💭 هي رأي فكري شخصي قابل للخطأ والصواب.
📝 يُمنع تلخيصها أو إعادة صياغتها.
📚 يُسمح بالاقتباس مع ذكر المصدر وعدم تحريف المعنى.
⚖️ لا يحق مقاضاة الكاتب بسبب اختلاف الآراء.