قصة يأجوج ومأجوج - الجزء السابع

قصة ذي القرنين
قصة يأجوج ومأجوج 7
ما أن بعثنا بالجزء السابق من مقالتنا هذه إلى الأخ عصام درويش ليساعدنا  (بما لديه من خبرة في آثار مصر العظيمة) في البحث عن المعبدين الخاصين بتلك المرأة التي كانت تملك قومها في سبأ حتى وصلتنا الرسالة التالية منه مرفق معها الرسومات التوضيحية الخاصة بما يظن أنه المكان الذي كانت تتواجد به هذه المرأة مع قومها في سبأ:
...كنت اعد رسالتي اليكم عن تفاصيل الصروح...ولكن الان اري ان اشكركم جدا علي مقالة رائعة رائعة.  فانني اؤمن جدا ان الملكة حتشبسوت هي ملكة سبأ ...والتي حكمت جنوب مصر حتي السودان..وقد سجلت علي جدران معبدها بالاقصر تفاصيل زيارتها لسليمان مما تطابق تماما مع وصف الرحلة في سفر الملوك واسس القصة في القران.
وكم احترت ولمرات عديدة كلما شاهدت معبديها بالبر الغربي..معبد كبير وملحق به اخر صغير مشابه تماما اطلقوا عليه خطأ معبد منتوحتب الا انني اراه ملحق من نفس الزمن وبيد نفس الفنان...وبعدما اكملت مقالتكم الجديدة ذهبت شاردا بفكري في السبب في العثور علي عديد من مومياوات نسائية في المعبد الصغير الملحق؟؟!!! وتشتهر الاقصر واسوان بالسيول الجارفة.
والتاريخ الفرعوني يؤيد نظريتكم  في هروب العماليق الهكسوس بعد معركة داود الي اطراف مصرالجنوبية...وهذا ما ساتعرض له ان شاءالله في رسالة قادمة...الصور المرفقة لمعبدي ملكة سباء...او من ملكتهم ولم يكتبوا اسمها في قوائم الملوك الشرعيين ابدا....دمتم استاذي في صحةوسعادة.
(انتهت الرسالة)
الرسومات








كانت افتراءات السيد عصام تؤكد ما ذهبنا إليه في مقالتنا وهي على النحو التالي كما خطها السيد عصام درويش بيده:
  1. اؤمن جدا ان الملكة حتشبسوت هي ملكة سبأ ...والتي حكمت جنوب مصر حتي السودان..وقد سجلت علي جدران معبدها بالاقصر تفاصيل زيارتها لسليمان
  2. وكم احترت ولمرات عديدة كلما شاهدت معبديها بالبر الغربي..معبد كبير وملحق به اخر صغير مشابه تماما اطلقوا عليه خطاءا معبد منتوحتب الا انني اراه ملحق من نفس الزمن وبيد نفس الفنان.
  3. وبعدما اكملت مقالتكم الجديدة ذهبت شاردا بفكري في السبب في العثور علي عديد من مومياوات نسائية في المعبد الصغير الملحق؟؟!!!
  4. وتشتهر الاقصر واسوان بالسيول الجارفة.
  5. والتاريخ الفرعوني يؤيد نظريتكم  في هروب العماليق الهكسوس بعد معركة داود الى اطراف مصر الجنوبية
  6. الصور المرفقة لمعبدي ملكة سباء...او من ملكتهم ولم يكتبوا اسمها في قوائم الملوك الشرعيين ابدا
وفي اليوم التالي وصلتني من السيد عصام الرسالة الالكترونية الأخرى التالية:
كانت الصروح التي دخلناها في بعض المعابد تقع احيانا في مداخل صالات الاعمدة المفتوحة التي لاسقف لها واحيانا في مداخل الصالات المسقوفة سواء اسقف خشبية او حجرية وفي كل نوافذ سقفية مرصوصة بنسق معين.
وللصروح شكل شبه هرمي عريض من اسفل ويضيق عند القمة عادة ما يكون من جزئين يفصلهما فراغ يسمح بمرور اشعة الشمس بشكل متسق مع حركة دوران الشمس ويتجلي ذلك جيدا في صروح الكرنك العشرة بمدينة الاقصر وكانوا علي اعلي ربوة بالمدينة وقت بنائهم ولكن ترسب طمي الفيضانات قبل بناء السدود جعل علي مر السنين مستوي المدينة اعلي بكثير من مستوي الصروح العشرة.
وللصروح مداخل تصل  الي اعلي مستوي او ارتفاع من خلال سلالم غالبا سهلة وذات دورات ومنحنيات سهلة يتخللها احيانا غرف مربعة بها نوافذ اعتقد ان لها علاقة ما بحركة الشمس ويؤيد ذلك الرموز الشمسية الموجودة حول هذه النوافذ من الداخل.
لا توجد لدينا دلائل قوية علي وظيفة ودور الصروح في تكوين المعبد. خاصة الموجود منها في مداخل الافنية المفتوحة ومداخل المعابد . ولكن الصروح التي تمثل جدران صالات الاعمدة فهي غالبا ماترتبط بالمنظومة الشمسية للنوافذ العلوية للسقف.
وللحديث بقية ان شاء الله تعالي
كم أرفق السيد عصام درويش مع رسالته هذه الصور التوضيحية التالية:




 وبناء عليه، نجد الحاجة أن نركز على ما جاءنا من عند السيد عصام على شكل ملاحظات، هي التالية:
  1. كانت الصروح التي دخلناها في بعض المعابد تقع احيانا في مداخل صالات الاعمدة المفتوحة التي لاسقف لها واحيانا في مداخل الصالات المسقوفة سواء اسقف خشبية او حجرية وفي كل نوافذ سقفية مرصوصة بنسق معين.
  2. وللصروح شكل شبه هرمي عريض من اسفل ويضيق عند القمة عادة ما يكون من جزئين يفصلهما فراغ يسمح بمرور اشعة الشمس بشكل متسق مع حركة دوران الشمس ويتجلي ذلك جيدا في صروح الكرنك العشرة بمدينة الاقصر
  3. وكانوا علي اعلي ربوة بالمدينة وقت بنائهم ولكن ترسب طمي الفيضانات قبل بناء السدود جعل علي مر السنين مستوي المدينة اعلي بكثير من مستوي الصروح العشرة.
  4. وللصروح مداخل تصل  الي اعلي مستوي او ارتفاع من خلال سلالم غالبا سهلة وذات دورات ومنحنيات سهلة يتخللها احيانا غرف مربعة بها نوافذ اعتقد ان لها علاقة ما بحركة الشمس ويؤيد ذلك الرموز الشمسية الموجودة حول هذه النوافذ من الداخل.
  5. لا توجد لدينا دلائل قوية علي وظيفة ودور الصروح في تكوين المعبد. خاصة الموجود منها في مداخل الافنية المفتوحة ومداخل المعابد . ولكن الصروح التي تمثل جدران صالات الاعمدة فهي غالبا ماترتبط بالمنظومة الشمسية للنوافذ العلوية للسقف.
وقد لخّص السيد عصام درويش ما افتريناه في المقالات السابقة حول تلك المنطقة التي ظننا أنا هي سبأ بمفرداته الأثرية في رسالة ثالثة على النحو التالي:
-        المنطقة الواقعة جنوب مصر عند ٦٥٠ كم جنوب الأهرام  حتى حوالي ٩٠٠ كم تسمي طيبة.
-        الترجمة الإنجليزية لسبأ التي هي شيبا، والتي تحولت (في ظننا) إلي طيبا (أو طيبة) إلى العربية على مر الزمن، فكان تحريفا لفظيا كما حصل في حالة يوسف (جوسر أو جوزيف)، للتفصيل انظر سلسة مقالاتنا تحت عنوان قصة يوسف.
-        لا زال الوادي هناك يحمل نفس الاسم حتى الآن وهو يشمل كل المنطقة المحيطة بمعابد حتشبسوت، حيث وجدت فيه مقابر معظم ملوك وملكات ووزراء مصر من ١٥٠٠ق.م حتى ٩٠٠ ق.م تقريبا. ولا زالت الاكتشافات الأثرية جارية لتنبئ بما هو مدفون هناك من كنوز المنطقة الأثرية التي لا شك ستضيف للمادة العلمية
-        حتى عام ٢٠٠٠ تقريبا كانت الجهة الغربية والشرقية من الوادي صحراء جرداء. وكان ما يلفت الانتباه أن النيل لم يغير لون الصحراء في تلك المنطقة، لكن كانت المفاجأة كبيرة جدا عندما وجدنا بعد سنوات قليلة أن تلك الصحراء الجرداء قد عادت لطبيعتها  وأصبحت بقليل من الماء خضراء يانعة، وكأنها عادت لطبيعتها جنتان عن يمين وشمال النيل.
قال تعالى:
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)
هذا والله أعلم.
لذا، نحن نترك الأمر لعلماء الآثار في إعادة النبش في تلك المنطقة وفي جعبتهم هذا الفهم المفترى من عند أنفسنا للمنطقة التي نظن أن ذكرها قد جاء في القرآن الكريم تحت مسمى سبأ، الأمر الذي ربما نخالف فيه كل ما ذهب إليه أهل الدراية من قبلنا.
كما نترك الأمر أيضا لعلماء الدين، لإعادة النبش في موروثاتهم العقائدية عن قصة سبأ في كتاب الله. وفي الوقت ذاته نود أن نؤكد أن هذا لا يُخرِج كلامنا كله عن نطاق أن يكون افتراء من عند أنفسنا، قد يصح وقد لا يصح. لذا نحن نبرأ إلى الله من كل من يتهمنا بالقول بأن فهمنا هذا هو ما هو موجود فعلا في كتاب الله. فكتاب الله هو القول الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أما قولنا فلا يتجاوز أن يكون نتاج فكر بشري قد يصيب وقد يخطئ، فإن أصبنا فذلك من فضل الله علينا وعلى الناس (وقليل من عباد الله الشكور)، وإن أخطأنا فذاك من أنفسنا (فإن أكثر الناس لا يعلمون). والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
ونعود من هناك (أي من سبأ) على الفور - بعد هذا الاستطراد الطويل- إلى قصة يأجوج ومأجوج مرة أخرى لننتقل بحول الله وتوفيقه إلى رحلاته الأخرى التي أتبع في سببا. فقد تحدثنا في الأجزاء السابقة عن رحلته إلى بين السدين (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) كما جاء في الآيات الكريمة التالية:
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)
فكانت هذه رحلته الثالثة والأخيرة التي اتبع فيها سببا. وتحدثنا عن قصة القوم الذين وجدهم دون السدين (وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا) والذين كانوا لا يكادون يفقهون قولا (لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا)، وظننا أنهم قوم من الجن. وكان الدليل الذي ظننا أنه يدعم نظريتنا هذه هو أن الإنس والجن يتطابقون في الفقه (يَفْقَهُونَ) كما نفهم ذلك من قوله تعالى في الآية الكريمة التالية:
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)
نتيجة مفتراة: القلب هو أداة التفقه عند الجن والإنس، وإنْ كان كثير منهم لا يستغلون هذه النعمة الربانية
(دعاء: اللهم رب أعوذ بك من أن تطبع على قلبي، وأعوذ بك أن يكون قلبي قد أقفل. وأسألك أن أكون من الذين لهم قلوب يفقهون بها وأعين يبصرون بها وآذان يسمعون بها – آمين)
ولكن ربما يكمن الفرق بين الإنس والجن في "التفقه"– في ظننا- على النحو التالي: في حين أننا نحن الإنس نفقه القول، فإننا قد لا نفقه الحديث:
أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78)
ولكن الجن هم الذين (نحن نفتري الظن) قد لا يفقهون القول. لذا علينا أن نميز بين فقه القول وفقه الحديث.
نتائج مفتراة من عند أنفسنا:
-        الإنس يفقه القول
-        الجن يفقه القول
-        الجن قد لا يفقه القول
-        الإنس قد لا يفقه الحديث
كما افترينا القول من عند أنفسنا بأن ذا القرنين نفسه كان هو أيضا من الجن، فهو من استطاع من الجن (نحن نظن) أن ينفذ من أقطار السموات:
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)
وظننا أنه قد سُمي بذي القرنين لأنه عاصر قومين مختلفين (أي قرنين)، فكان هو (نحن نظن) الذي مهّد هذه الأرض لأن تكون صالحة للخلافة الإنسانية فيها بعد أن كانت يأجوج ومأجوج تعيث فيها فسادا.
وكان افتراؤنا الأكبر حينئذ هو أن يأجوج ومأجوج هم عالمي الديناصورات، الذين هم كائنات فضائية جاءت غازية الأرض، والذين ظننا أن انقراضهم عن وجه الأرض قد بدأ مع إحداث الردم الذي جعله ذو القرنين نفسه، والذي سدّ طريقهم للوصول إلى الأرض من الفضاء الخارجي، فما استطاعوا المكوث طويلا بعد ذلك لأن تأقلمهم أصبح متعذرا (للتفصيل انظر الأجزاء الأولى من قصة يأجوج ومأجوج). كما ظننا أن آخرهم كان واد النمل التي هي الفصيلة الأخيرة من الديناصورات التي استمر وجودها على الأرض فترة من الزمن، أي حتى زمن حكم سليمان (للتفصيل انظر مقالتنا ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته –  باب النمل).
أما الآن، فسنحاول أن نتعرض للتساؤل التالي: هل كانت يأجوج ومأجوج هي المخلوقات غير الأرضية الوحيدة القادرة على غزو الأرض؟
جواب مفترى: كلا، فنحن نظن أن هناك قومان آخران متواجدين في مكان آخر في الكون قادرين على غزو الأرض. فمن هما؟
رأينا المفترى: إنهما من وجدهما ذو القرنين في رحلته الأولى (عند مغرب الشمس) ومن وجدهما في رحلته الثانية (دون مطلعها):
فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)
افتراء خطير جدا: نحن نظن أن هذا الكون المحيط بنا يسكنه ثلاثة غيرنا وهم:
  1. القوم المتواجدون عند العين الحمئة التي تغرب فيها الشمس
  2. القوم الذين تطلع عليهم الشمس ولم يكن لهم من دونها سترا
  3. يأجوج ومأجوج
ولما كنا قد تحدثنا عن يأجوج ومأجوج، وحاولنا تقديم افتراءات من عند أنفسنا عن خبرهم في الأجزاء السابقة من هذه المقالة، فإن الدور قد حان الآن لنبدأ النبش في ذكر القومين الآخرين وهما:
  1. القوم المتواجدون عند العين الحمئة التي تغرب فيها الشمس
فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
  1. القوم الذين تطلع عليهم الشمس فلم يكن لهم من دونها سترا
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)
ليكون السؤال الرئيس هو: من هما هذا القومان؟
افتراء خطير جدا جدا: نحن نفتري الظن بأن هذين القومين هم من نسميهم في عالم المعرفة الحديثة بـ aliens أو الكائنات الفضائية، وهم الذين يعرّفهم أحد القواميس الأجنبية على أنهم (creatures from a different planet )، أي كائنات من كواكب أخرى.
الافتراء: نحن نتجرأ على افتراء الظن بأن هناك كائنات أخرى (وهي أقوام مثلنا) تعيش على كواكب أخرى يمكن لها أن تصل إلينا، ويمكن لنا أن نصل إليها (كما فعل ذو القرنين مثلا) وهما قومان فقط، يسكن أحدهما عند العين الحمئة التي تغرب فيها الشمس، ويسكن الآخر دون مطلع الشمس، وهم الذين لم يجعل الله لهم من دونها سترا.
تساؤلات
-        أين تتواجد هذه الأقوام؟
-        ما هي طبيعتها؟
-        كيف وصل إليهم ذو القرنين؟
-        هل يمكن لهذه الأقوام أن تصل إلينا؟
-        هل يمكن لنا أن نصل إليها؟
-        ما مقدار الخطر الذي تشكله علينا؟
-        لماذا جاء ذكرها في كتاب الله؟
-        ما السبب أن يكون ذو القرنين هو فقط من وصل إليهم؟
-        الخ.
(دعاء: فالله أسأل أن يعلمني ما لم أكن أعلم، وأن ينفذ مشيئته بإرادته لي الإحاطة بشيء من علمه بإذنه، إنه هو الواسع العليم – آمين)
أما بعد،
لعل أهم الملاحظات التي استوقفتني في قصة ذي القرنين حول القومين اللذين وجدهما في رحلتيه الأولى (عند مغرب الشمس) والثانية (عند مطلع الشمس) هو ردة فعل من كان متواجدا مع ذي القرنين في الرحلتين، فلننظر السياقيين القرآنيين من هذه الزاوية، ثم نحاول التعليق عليهما بعد ذلك بحول الله وتوفيقه
السياق الأول: رحلة ذي القرنين الأولى حتى بلوغه مغرب الشمس
فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
السياق الثاني: رحلة ذي القرنين الثانية حتى بلوغه مطلع الشمس:
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)
لاحظ - عزيزي القارئ – كيف كانت ردة الفعل في كل مرة: فعلى الرغم أن ذا القرنين قد وجد عند مغرب الشمس قوما كما وجد قوما آخرين دون مطلع الشمس، إلا أن ردة فعل من كان مع ذي القرنين كانت مختلفة في كل مرة. فكيف ذلك؟
جواب مفترى: عندما بلغ ذو القرنين مغرب الشمس، طُلِب منه أن يعذب أو أن يتخذ فيهم حسنا:
... قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)
وكانت ردة فعل ذي القرنين على النحو التالي:
قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
نتيجة مفتراة 1: نحن نظن إذن بأن ذي القرنين قد قام فعلا بتعذيب من كان من أولئك القوم ظالما (قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ)، مقرا في الوقت ذاته بأن هؤلاء الظالمين سيردون إلى ربهم ليعذبهم عذابا أشد وأقسى، أي عذابا نكرا (ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا).
نتيجة مفتراة 2: كانت ردة فعل ذي القرنين على من كان من هؤلاء القوم مؤمنا هي أن يقول له من أمره يسرا (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا)، مشيرا من قبل ذلك أن لهم أجرا حسنا عند ربهم (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى).
من هذا الفهم المفترى يمكن أن نقدم الاستنباطات المفتراة التالية:
-        اتبع ذو القرنين سببا (فَأَتْبَعَ سَبَبًا)
-        بلغ مغرب الشمس فوجدها تغرب في عين حمئة (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ)
-        كان من وجدهم ذو القرنين عن مغرب الشمس قوما (وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا)
-        طُلِب من ذي القرنين إنا أن يعذب أو أن يتخذ فيهم حسنا (قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا)
-        كان من بين هؤلاء القوم من هو ظالم ومن هو مؤمن ويعمل صالحا
استحق من كان ظالما عذابا أدنى من ذي القرنين نفسه كما سيرد إلى ربه ليعذبه عذابا نكرا (قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا)
-        استحق من كان مؤمنا يعمل الصالحات قولا حسنا من ذي القرنين كما سيتلقى الجزاء الأحسن من ربه (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا)
-        كان هؤلاء القوم في مرحلة العمل (الحياة الأدنى)، بدليل أنه كان مطلوب منهم أن يؤمنوا وأن يعملوا صالحا
-        كان هؤلاء القوم يعتقدون أنهم سيردون إلى ربهم للجزاء، فمنهم سيعذب عذابا نكرا ومنهم سيجزى الجزاء الأحسن
نتيجة مفتراة خطيرة جدا جدا: نحن نفتري الظن إذن بأن من وجدهم ذو القرنين عند مغرب الشمس هم قوم لازالوا مكلّفين بالعبادة وبالعمل الصالح، وسيردون إلى ربهم ليحاسبهم على إيمانهم وعملهم، فمن كان منهم ظالما فسيلاقي عذاب نكرا، ومن كان مؤمن يعمل صالحا فسيلاقي جزاء الحسنى. وانظر – إن شئت- في السياق القرآني مرة أخرى:
فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
والآن لننتقل لنرى ما الذي حصل في رحلة ذي القرنين الثانية عند مطلع الشمس:
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)
لو دققنا جيدا في هذا السياق القرآني لوجدنا على الفور عدم وجود تواصل بين ذي القرنين من جهة مع هؤلاء القوم من جهة أخرى، كما أننا لا نجد أنه قد طلب من ذي القرنين أن يفعل فيهم شيئا. فجل ما حصل هو إحاطة الخبر بهم (وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا). لتثار التساؤلات التالية على الفور:
-        لماذا لم يُطْلَب من ذي القرنين أن يعذّب أو أن يتخذ في هؤلاء القوم حسنا كما طُلِب منه من ذي قبل في رحلته الأولى عندما بلغ مغرب الشمس؟
-        لماذا لم يحدث تواصل مع هؤلاء القوم؟
-        كيف وجدهم إذا ذو القرنين؟ هل كانوا جميعا ظالمين؟ هل كانوا جميعا مؤمنين؟ أم هل كان فيهم ظالم لنفسه ومؤمن يعمل صالحا؟
-        ولِم لم يعذب ذو القرنين من كان منهم ظالما ولم لم يقل من أمره يسرا لمن كان منهم مؤمنا يعمل صالحا كما فعل مع القوم الآخرين الذين وجدهم في رحلته الأولى عند مغرب الشمس؟
-        الخ
رأينا المفترى الخطير جدا جدا: نحن نظن أن ذا القرنين قد وجد هؤلاء قوما، لكنهم لم يكونوا (نحن نفتري القول) في الحياة الدنيا (الأولى) التي تتطلب الإيمان والعمل الصالح، ولكنهم كانوا قوما في حياتهم الأخرى يحاسبون على أعمالهم عند ربهم.
تلخيص ما سبق
تخيلات مفتراة من عند أنفسنا 1: نحن نتخيل بأن ذا القرنين انطلق في رحلته الأولى في الفضاء الخارجي متبعا سببا إلى مغرب الشمس، وهناك وجد الشمس نفسها تغرب في عين حمئة، كما وجد عندها قوما. وكان هؤلاء القوم في مرحلة العمل، فكان منهم المؤمن وكان منهم من هو ظالم لنفسه، ولكنهم لم يكونوا قد عادوا بعد إلى ربهم ليعذب الظالم منهم عذابا نكرا وليجزي المؤمن منهم جزاء الحسنى:
فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
ولما كان هؤلاء القوم لازالوا في حياتهم الأولى (الدنيا) وهي الحياة التي يطلب فيها من القوم الإيمان بربهم والعمل الصالح، طُلب من ذي القرنين أن يعاقب الظالم منهم وأن يحسن للمؤمن منهم، فكان له ذلك. فقام ذو القرنين بتعذيب من ظلم منهم (قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ) بما يقدر عليه من العذاب، تاركا أمر عذابه الأخروي إلى ربه ليعذبه عذابا نكرا متى ما رد إليه (ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا). وفي الوقت ذاته كان جل ما يستطيع فعله ذو القرنين بمن آمن وعمل صالحا من هؤلاء القوم هو أن يقول له من أمره يسرا (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا) مقرا بأن جزاءه الأوفى سيكون عند ربه عندما سيجزيه جزاء الحسنى (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى).
تخيلات مفتراة من عند أنفسنا 2: ونحن نتخيل بأن ذا القرنين انطلق بعد ذلك في رحلته الثانية في الفضاء الخارجي متبعا سببا إلى مطلع الشمس، وما أن وصل هناك حتى وجد قوما آخرين لم يجعل الله لهم من دون الشمس سترا، لكن هؤلاء القوم لم يكونوا ظالمين ومؤمنين كما القوم الذين وجدهم عند مغرب الشمس. لذا نحن نتجرأ على الظن بأنه لم يُطلب من ذي القرنين هذه المرة أن يعذب أو أن يتخذ فيهم حسنا. وجل ما حصل هو إحاطة الخبر: 
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)
لذا، نحن نتجرأ على الظن مفترينه من عند أنفسنا بأن السبب في ذلك يعود أن هؤلاء القوم لم يكونوا في حياتهم الدنيا (الأولى) التي تتطلب الإيمان والعمل الصالح. ولكنهم قوم انتقلوا إلى الحياة الأخرى (أي حياة الجزاء). فكانوا يلاقون جزاءهم على ما قدّموا لحياتهم الأخرى هذه عندما كانوا في حياتهم الدنيا تلك.
السؤال: ماذا كان جزاؤهم؟
جواب مفترى: إنها النار.
الدليل
لو دققنا في النص لوجدنا أنه يتحدث عن القوم الذين لم يجعل الله لهم من دون الشمس سترا، أليس كذلك؟
حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90)
السؤال: كيف تتخيل – عزيزي القارئ- أولئك القوم الذين لا يكون لهم سترا من الشمس؟
رأينا: نحن نظن أن وجود الستر يكون الهدف منه الوقاية:
          وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ (22)
فالذي يستتر من شيء هو من يحاول أن لا يظهر ذلك الشيء عليه، فالذي يستتر من الناس لا يمكن أن يكونوا عليه شهداء لأنهم لن يظهروا على ما يفعل، ولكن عندما لا يستطيع الإنسان أن يستتر من أعضاءه (سمعه وبصره وجلده)، فهي – لا محالة- من سيشهد عليه عندما ينطقها الله الذي سينطق كل شيء:
          وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21)  
نتيجة مفتراة: مادام أن هؤلاء القوم لم يكن لهم من دون الشمس سترا، فهي إذن تظهر عليهم، وما دام أن الشمس ظاهرة عليهم دون وجود وقاية منها (سترا)، فهم إذا (في ظننا) يُعذّبون بنارها. فهي – نحن نفتري القول- الجحيم الذي يلاقون فيه عذابا نكرا بعدما ردوا إلى ربهم:
وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا (8)   
لاحظ - عزيزي القارئ – كيف تصوّر هذه الآية الكريمة بصريح اللفظ أن العذاب النكرا يحصل بعد المحاسبة (فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا).
ولو دققنا في النص التالي الذي جلبناه سابقا للحديث عن قصة ذي القرنين في رحلته الأولى لوجدنا أن العذاب النكرا سيكون بعد أن يرد من ظلم إلى ربه:
قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87)
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا: نحن نفتري القول بأن العذاب النكرا يحدث بعد المحاسبة (فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا) عندما يرد من ظلم إلى ربه (ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا).
نتيجة خطيرة جدا جدا: نحن نظن أن ذا القرنين قد وجد عند مطلع الشمس القوم الذين ردوا إلى ربهم، فكانوا يعذبون عذابا نكرا، وكانت الشمس هي الأداة التي تطلع عليهم بنارها الملتهبة، فلم يكن لهم من دونها سترا.
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا: كان ما وجده ذو القرنين في رحلته الأولى قوما لازالوا في حياتهم الدنيا (الأولى) يطالبون بالإيمان والعمل الصالح، فعذب منهم من كان ظالما لنفسه تاركا عذابه النكرا إلى ربه عندما يرد إليه. وكان ما وجده ذو القرنين في رحلته الثانية هم قوم ردوا إلى ربهم، فكانوا يتلقون دون مطلع الشمس عذابا نكرا، لأنه لم يكن لهم من دونها سترا. فكان جل ما تحصل لذي القرنين هناك هو الإحاطة بخبرهم فقط (كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا)
افتراءات من عند أنفسنا: نحن نفتري الظن من عند أنفسنا بأن هناك في الفضاء الخارجي قومان، أحدهما لازال في حياته الأولى، مطلوب منه أن يؤمن بربه وأن يعمل صالحا، وهو متواجد عند مغرب الشمس، أما الآخر فهم قوم ردوا إلى ربهم، وهم الآن يتلقون عذابا نكرا جزاء بما صنعوا في حياتهم الأولى، وهؤلاء موجودون عند مطلع الشمس حيث لا يوجد لهم من دونها سترا.
السؤال: مَن مِن هذه الأقوام يستطيع الوصول إلينا؟
رأينا: إنهم القوم الذين لازالوا في "حياتهم الدنيا" (الأولى) يعملون، فهؤلاء هم المخلوقات الفضائية الوحيدة التي يمكن لها أن تصل إلينا أو أن نصل إليها. فلازال هناك متسعا من الوقت لديهم للعمل مادام أنهم لازالوا في حياتهم الأولى (الدنيا) ولم يردوا بعد إلى ربهم. أما القوم المتواجدون دون مطلع الشمس ولم يجعل لهم من دونها سترا، فهم قوم لا يستطيعون الوصول إلينا لأنهم أصبحوا في مرحلة الجزاء ولم يعد بإمكانهم العمل.
سؤال: إذا كان القوم الذين وجدهم ذو القرنين عند مغرب الشمس هم فقط من يستطيعون الوصول إلينا وقد نستطيع نحن الوصول إليهم، فمن سيكون المبادر في ذلك؟ هل سنصل نحن إليهم قبل أن يصلوا هم إلينا أم سيصلون هم إلينا قبل أن نصل نحن إليهم؟
رأينا المفترى: لعلي أكاد أجزم الظن أنهم سيصلون إلينا قبل أن نصل إليهم. ولكن لماذا؟
جواب مفترى: لأن ذا القرنين قد قال للمؤمنين منهم الذين لم يعذبهم من أمره يسر:
وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
فما معنى ذلك؟
رأينا المفترى: لو تدبرنا الأمر في كتاب الله لوجدنا أنه تحقيق المراد:
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)
فلقد كان عند ذي القرنين أمرا، وكان يستطيع تحقيق مراده بسهولة ويسر، وما أن عذّب الذين ظلموا من أولئك القوم حتى كانت الجائزة منه لمن آمن منهم على نحو أن يقول له من أمره يسرا، فقام ذو القرنين (نحن نتخيل) بنقل شيء من أمره (قولا) إلى بعض أولئك القوم، فأصبح بعض مما آتاه الله لذي القرنين متوافرا عندهم:
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)
(دعاء: اللهم رب آتني من كل شيء سببا، وعلمني ما لم أكن أعلم، إنك أنت الواسع العليم)
السؤال: لماذا سمي إذن بذي القرنين؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن السبب ربما يعود إلى هذين القومين، فذو القرنين هو الذي وصل بين القوم الذين وجدهم عند مغرب الشمس فكانوا قرنا، والقوم الذي وجدهم دون مطلع الشمس فكانوا قرنا آخرين. وهما متواجدان على خط واحد في طرفين متناقضين (الغرب والشرق)، ,المسافة بينهما بعيدة، فكان الشكل التالي (برج الثور- Taurus) هو - في ظننا - ما قد يصور مكانيهما بالنسبة لنا:














تساؤلات
-        لماذا نظن بأن القوم المتواجدين عند مغرب الشمس هم قوم لازالوا يعملون ولازالت تلك هي حياتهم الدنيا؟
-        لماذا نظن بأن القوم المتواجدين دون مطلع الشمس هم قوم قد ردوا إلى ربهم؟
-        الخ.
رأينا: لعل هذه التساؤلات تدعونا للبحث في قضية الاتجاهات كما نفهمها من كتاب الله.
الاتجاهات
بداية نحن نفهم أن كتاب الله يصور لنا الكون ويكأنه ينقسم فقط إلى اتجاهين اثنين: الشرق والغرب:
وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)
سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (142)
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)
وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73)
قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (28)
فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ (60)
حَتَّىٰ إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38)
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17)
رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9)
رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5)
فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40)
ولكن بالنسبة للإنسان المتواجد في منطقة ما على سطح الأرض فإن الاتجاهات بالنسبة له تصبح أربعة:
ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)
فكيف يمكن تحديد هذه الاتجاهات؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن الإنسان ينظر بداية إلى الشمس، فتكون تلك الجهة الناظر إليها (أي ما بين يديه) هي الشرق، وتكون الجهة المعاكسة (أي خلفه) هي الغرب، فتصبح الاتجاهات على النحو التالي:
ما بين أيديهم       : :       الشرق
ما خلفهم           ::        الغرب
ويصبح اليمين (اليد اليمنى، الجهة اليمنى) هي باتجاه الجنوب، بينما تكون اليد اليسرى (أي الجهة الأخرى) باتجاه الشمال:
          عن أيمانهم         ::        الجنوب
          عن شمآئلهم        ::        الشمال
ولكن بالنسبة للإله نفسه لا تكون الاتجاهات إلا اثنتين فقط وهما الشرق (ما بين أيديهم) والغرب (ما خلفهم):
يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76)
السؤال: لماذا تكون الاتجاهات بالنسبة للإله هي فقط الشرق والغرب؟
جواب مفترى خطير جدا جدا: لأن الإله نفسه متواجد في الشرق
الدليل
نحن نؤمن يقينا بأن الله سيجيء بنفسه، وسيكون الملك حينها صفا صفا، وسيكون ذلك من أجل الحساب:
          وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)
وسيحدث هذا بعد أن تكون الأرض قد دكت دكا. انظر السياق الأوسع:
          كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)
وسيصاحب ذلك مجيء جهنم. انظر السياق الأوسع:
          كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)
السؤال: من أين سيجيء الإله نفسه؟ من أي اتجاه سيظهر؟ ولماذا سيجيء بجهنم في ذلك اليوم؟ وماذا عن الجنة؟ ألن يجيء بها كذلك؟
جواب مفترى: نحن نظن أن الجنة ستكون على الأرض لذا لن يجيء بها ولكن جهنم (وأظنها الشمس نفسها) هي من سيجيء بها إلى هنا، لتكون مثوى الظالمين.
فكيف سيحصل ذلك؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن الإله نفسه سيجيء من الشرق بدليل أن الأرض نفسها ستشرق بنور ربها بعد أن يكون الناس قيام ينظرون:
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70)
السؤال: كيف سنتخيل المشهد برمته؟
رأينا المفترى: نحن نظن أن المشهد سكون على النحو التالي:
-        سينفخ في الصور فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله:
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ
-        سيأتي الإله في ظلل من الغمام:
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الامُورُ (210)
-        ومادام أن الإله سيأتي، فإن ذلك سيستغرق بعض الوقت حتى يجيء. لأن الإتيان (نحن نظن) لا يحدث على عجل، وإنما على التراخي، فهذه مريم قد أتت قومها بمولودها، وذلك لأنها لم تكن متحمسة جدا أن تصل إليهم بسرعة:
فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)
كما أن أحد الفروق الأخرى بين أن يأتي شي ما و أن يجيء ربما يكمن في الوصول، فإذا ما أتى شيء ما فليس بالضرورة أن يكون قد وصل إلى نهايته بعد:
أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)
فبالرغم أن أمر الله قد أتى إلا أنه لم يصلنا بعد بدليل أننا لا يجب أن نستعجله. ولكن – بالمقابل- عندما يجيء الشيء فإن ذلك يدل – لا شك- على الوصول:
إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40)
فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (82)
وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)
فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8)
فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25)
-        في هذه الأثناء (أي إتيان ربك) سيبدأ الغمام الذي يحجز رؤية المخلوقات للذات الإلهية يزول شيئا فشيئا وهو ما نفهمه من معنى التجلي الإلهي.
-        ما أن يبدأ الإله بالتجلي بزوال الغمام التدريجي حتى تحصل (نتيجة زوال هذا الغمام) الصاعقة كما حصل في حالة بني إسرائيل:
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (55)
وكما حصل في حالة ثمود:
وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ (44)
-        ما أن يزول أول ذاك الغمام حتى تدّك الأرض دكا دكا بالضبط كما حصل في حالة الجبل عندما تجلى الله له بطلب من موسى:
وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)
-        عندها يكون قد صعق من في السموات والأرض، فينفخ في الصور مرة أخرى فإذا هم قيام ينظرون:
ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68)
-        تحدث المفاجأة للناس عندما يجدون أنفسهم ناظرين إلى مصدر النور وهو الشرق، فيوضع الكتاب ويجيء بالنبيين والشهداء ويقضى الأمر:
وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69)
-        عندها تكون الأصوات خاشعة لا تسمع إلا همسا:
يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108)
-        ما أن يتم الحساب حتى يساق الذين كفروا إلى جهنم زمرا (وهم أصحاب الشمال) ويساق الذين آمنوا إلى الجنة زمرا (وهم أصحاب اليمين)
السؤال: ما علاقة هذا كله بقصة يأجوج ومأجوج؟ وكيف يمكن أن نربط افتراءاتنا هذه بقصة ذي القرنين كاملة؟
رأينا: دعنا نتدبر السياق القرآني التالي:
حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)
لاحظ - عزيزي القارئ- كيف تصور لنا هذه الآيات الكريمة بأن فتح يأجوج ومأجوج سيكون مصاحبا لاقتراب الوعد الحق، عندها تكون أبصار الذين كفروا شاخصة، يتحسرون على ظلمهم لأنفسهم، أليس كذلك؟
والآن لنرقب ما قاله ذو القرنين عندما جعل بين القوم الذين وجدهم دون السد من جهة ويأجوج ومأجوج من جهة أخرى ردما:
آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98) وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99)
ألا ترى – عزيزي القارئ- أن ذا القرنين يثبت بأن ذلك الردم سيدّك عندما يجيء الوعد الإلهي (فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء)؟ ألا ترى أنه يثبت بأن ذلك سيحصل عندما ينفخ في الصور ليجمعوا جمعا (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا
إن أكثر ما يهمنا الآن من هذا النقاش هو نهاية ذلك الردم التي ستكون على نحو أن يدّك. ليكون السؤال الذي نطرحه هو: لماذا ستكون نهاية ذلك الردم على تلك الشاكلة (الدّك)؟ وما الذي سيدك ذلك الردم فعلا؟
رأينا المفترى: لو تتبعنا مفردة "الدّك" في السياقات القرآنية لوجدناها مصاحبة على الدوام للتجلي الإلهي. فنحن نظن أن الدّك لا يحدث إلا عند التجلي الإلهي بزوال الغمام:
          كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)
بالضبط كما حصل في حالة الجبل الذي جعله الله دكا عندما تجلى بطلب من موسى:
وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)
نتيجة مفتراة من عند أنفسنا: نحن نتجرأ على افتراء القول بأن الدّك لا يحصل إلا نتيجة التجلي الإلهي، وهذا التجلي الإلهي يحصل في ظننا عندما يبدأ الغمام الذي يحجز رؤية الغير للذات الإلهية بالزوال شيئا فشيئا، فما أن يأتي الله في ظلل من الغمام حتى تشقق السماء:
وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلًا (25)
وعندما تبدأ طبقاته الأولى (لاحظ أنه ظلل من الغمام) بالزوال تحدث الصاعقة التي تدّك كل ما تصيب، ويحصل الموت لكل ما هو حي. وما أن يزول الغمام كله حتى يكون الملك لله وحده، فلا يخفى على الله منهم شيء، لتجزي كل نفس بما كسبت:
رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)
وهنا ينفخ في الصور مرة أخرى، فإذا هم قيام ينظرون:
... ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68)
ليجدوا المفاجأة الأكبر بأن الأرض قد أشرقت بنور ربها:
وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ...
فتبدأ عملية الحساب بوضع الكتاب:
... وَوُضِعَ الْكِتَابُ...
ثم مجيء النبيين والشهداء:
... وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
فتوفى كل نفس ما عملت:
وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ
وما أن ينتهي الحساب حتى يساق الذين كفروا إلى النار زمرا:
وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)
ويساق الذين آمنوا إلى الجنة زمرا:
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)
وانظر إن شئت في السياق كله:
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)
نتيجة مفتراة: نحن نفتري الظن إذا بأن فتح يأجوج ومأجوج سيكون عندما يجعل الله ذلك الردم الذي جعله ذو القرنين دكا (فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء)، وسيحدث ذلك مع التجلي الإلهي عندما يزول الغمام، لذا فإننا نظن مفترين القول من عند أنفسنا بأن فتح يأجوج ومأجوج هي آخر علامات الساعة حصولا:
آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98) وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99)
والله أعلم
فالله وحده نسأل أن يهدينا رشدنا وأن يعلمنا ما لم نكن نعلم، وأن يجعل فضله وحده علينا عظيما. وأعوذ به أن نفتري عليه الكذب أو أن نقول عليه ما ليس لنا بحق، إنه هو السميع العليم – آمين.
المدّكرون:         رشيد الجراح                           عصام درويش               علي محمود سالم الشرمان
بقلم: د. رشيد الجراح
7 أيلول 2014