هل فعلاً كذب الشيطان على آدم؟ (2)




هل فعلاً كذب الشيطان على آدم2؟

قدّمنا في نهاية مقالة سابقة لنا تحت عنوان "هل فعلاً كذب الشيطان على آدم1؟" الافتراء بأن هناك طريقتان للتكاثر وهما:
1.  طريقة الخلافة التي اختارها الله لآدم وذريته من بعده:
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ


2.  وطريقة الخلود التي اختارها الشيطان لآدم وذريته:
  فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ
وزعمنا الظن أن آدم وزوجه نُهيا عن الأكل من الشجرة حتى لا يكونا من الخالدين:
فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20)
وحاولنا التفصيل كيف آثر آدم النزول عند رغبة الشيطان فاختار الطريقة الثانية التي وصفت بالقرآن الكريم بالشقاء:
  فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ
وزعمنا الظن أنه لو بقي آدم يعيش في الجنة يتكاثر على مبدأ الخلافة لما حصل الشقاء له:
  إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (119)
وحاولنا التبرير لذلك بكيفية اختلاف الخلق في كلا الطريقتين، فزعمنا الظن أنه لمّا استطاع الشيطان أن ينزع عن آدم وزوجه لباسهما ليريهما سوآتهما، بدأت منذ تلك اللحظة عملية التزاوج الجنسي بين الذكر والأنثى وعملية التكاثر بالولادة:
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)
وحاولنا ربط ذلك ببعض الآيات الكريمة التي ترد في كتاب الله وربما تُظهِر للوهلة الأولى بعض التضارب الظاهري بين ما تقدمه كل آية منفصلة، والآيات الكريمة يمكن تقسيمها إلى مجموعتين:
1.  في المجموعة الأولى نجد أن الله قد خلق الخلق جميعاً مرة واحدة، فصورهم، وأودعهم في ظهور آبائهم (آدم)، وأشهدهم على أنفسهم بأنه ربهم، وشهدوا بأنفسهم على ذلك، وأسجد الملائكة لآدم:
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ  (11)
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ (172)
أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67)


2.  أما في المجموعة الثانية نجد أن الإنسان قد خرج من بطن أمه إلى هذه الحياة لا يعلم شيئاً:
وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
وقد كان محرك البحث لدينا سؤال تثيره هذه الآيات الكريمة عندما تُقدّم مجتمعة، سؤال مفاده: كيف يمكن أن نفهم أنّ الله خلقنا وأشهدنا على أنفسنا بأنه ربنا (وقد شهدنا على ذلك) وطلب منا أن نتذكر كل ذلك كما تشير الآيات في المجموعة الأولى وفي الوقت ذاته تشير الآية الكريمة في المجموعة الثانية أن الله قد أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئاً؟ فأين ذهب كل ذلك العلم؟
للخروج من هذا التناقض الظاهري الذي ربما قد يقع في أذهان البعض (مثلنا)، فقد قدّمنا الافتراء التالي الذي هو بلا شك من عند أنفسنا:
الافتراء: نحن نزعم الظن أن انتقال الإنسان من ظهر والده (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) واستقراره في بطن أمه (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ) فترة من الزمن (تسعة أشهر) في ظلمات ثلاث (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۚ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ) كانت السبب الذي أدى بذلك المخلوق أن ينسى عهده الأول مع ربه ليخرج من بطن أمه لا يعلم شيئاً بعد أن كان الله قد علمه يوم أن خلَقه خلْقه الأول:
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ  (11)
وبعد أن كان الله قد نبّهنا في ذلك الموقف من مغبة أن ننسى هذا العهد الأول في يوم القيامة:
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ (172)
فما كانت النتيجة أكثر من أن نخرج من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئاً. وكان ذلك تحولا في طريقة خلق الإنسان، فبعد أن كان بشراً أصبح إنسيا.
وقد زعمنا القول أنه لو لم يمر ذلك المخلوق بتلك التجربة، وخرج إلى الحياة بطريقة الخلافة (بشراً) التي كان الله قد اختارها لآدم وذريته في البداية، لما نسي العهد الذي قطعه على نفسه أمام ربه يوم خلقه الأول. ولكن كيف؟
سنحاول في هذه المقالة تقديم إجابتنا على هذا التساؤل سائلين الله تعالى أن يعلمنا الحق فلا نفتري عليه الكذب، إنه نعم المولى ونعم المجيب.
أما بعد،
تطور الخلق: رحلة من البشرية إلى الإنسانية
افتراء من عند أنفسنا: نحن نزعم القول أنه في حين أن الله قد اختار أن يكون آدم وذريته بشراً، آثر آدم (مدفوعاً بمكيدة الشيطان) أن تكون ذريته أناسي، فنحن نفتري الظن أن الذي خلق من تراب هو بلا شك بشر ولكن الذي خلق من نطفة، فعلقة، الخ. فقد أصبح إنساناً، ولكن ما الفرق؟
للإجابة على هذا التساؤل لابد أولاً من التعرض بشيء من التفصيل لبعض المفردات المتقاربة التي ترد في كتاب الله خاصة مفردة الناس ومفردة الأناسي ومقارنة ذلك بمفردة البشر، لنطرح بعدها جملة من التساؤلات منها:
-  ما الفرق بين الناس والأناسي؟
-  ما الفرق بين الناس والبشر؟
-  ما الفرق بين الأناسي والبشر؟
سؤال: ما الفرق بين البشر من جهة والناس والأناسي من جهة أخرى؟
جواب: سنحاول الإجابة على هذا السؤال بطرح سؤال آخر غاية في الغرابة وهو: هل عيسى بن مريم من الناس؟
رأينا: كلا، عيسى بن مريم ليس من الناس. (أرجو أن لا تقتبس هذه العبارة خارج سياقها والانتظار لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور بسبب مثل هذا الافتراء الذي نطرحه نحن في نقاشنا هذا).
سؤال: إذا كان عيسى بن مريم ليس من الناس كما تزعم، فمن هو إذاً؟ وأين الدليل على ما تزعم؟
جواب مفترى: نحن نظن أن عيسى بن مريم كان بشراً ولم يكن إنسيا (من الناس).
الدليل
نطلب من القارئ الكريم قراءة الآية الكريمة التالية جيداً وتدبرها من هذا الجانب ليتم ربط ما جاء فيها مع حقيقة خلق عيسى بن مريم:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
ما الذي يمكن أن نستنبطه – عزيزي القارئ- من هذه الآية الكريمة فيما يخص الناس؟
نتيجة كبيرة جداً: الناس مخلوقون من ذكر وأنثى، أليس كذلك؟
  يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ
وما الذي يمكن أن نستنبطه – عزيزي القارئ- من هذه الآية فيما يخص عيسى بن مريم؟ فهل خُلِقَ عيسى بن مريم من ذكر وأنثى؟ هل يستطيع يؤمن بالفكر الديني الإسلامي أن يزعم أن عيسى بن مريم قد خلق من ذكر وأنثى؟
نتيجة كبيرة جداً سيكون لها تداعياتها الخطيرة لاحقاً: مادام أن عيسى بن مريم لم يخلق من ذكر وأنثى فهو إذاً ليس من الناس.
ويمكن أن نؤكد صحة ما نزعم عندما نتدبر الآية الكريمة الأخرى التالية التي تصور مراحل خلق الإنسان من هذا الجانب:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)
فالناس – كما تبين الآية الكريمة- قد بدأ خلقهم من التراب، وهكذا كان خلق عيسى بن مريم (خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ)، ولكن المفارقة تكمن في أن عيسى بن مريم لم يمر بمراحل النطفة (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) والعلقة (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) والمضغة (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ)، فكيف تم خلق عيسى بن مريم؟ (وسنحاول التعرض لهذا الزعم في مقالات منفصلة خاصة بخلق عيسى بن مريم بحول الله وتوفيقه، فنسال الله أن تنفذ مشيئته لنا الإحاطة بشيء من علمه إنه هو السميع المجيب).

لو تدبرنا الآية الكريمة التالية التي تتحدث عن خلق عيسى بن مريم لوجدنا أن عيسى بن مريم لم يكن يوما نطفة، ولكن جل الذي حصل، فقد كان على النحو التالي:
... خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ
ولو تدبرنا هذه الآية الكريمة نفسها في سياقها الأوسع لوجدنا العجب العجاب، والدقة التي لا يمكن أن تصدر إلاّ من حكيم خبير:
  إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ
نعم، لم تحدث عملية الخلق بتلك الطريقة إلاّ لعيسى بن مريم ولآدم من قبله، لذا جاء الربط محكماً بين هذين المخلوقين بقضية طبيعة الخلق. وهذا ما يدعونا إلى تقديم الافتراء التالي:
افتراء من عند أنفسنا: آدم وعيسى بن مريم لم يكونا من الناس لأن طريقة خلقهم لم تمر بمرحلة النطفة فالعلقة فالمضغة، الخ. وكانت طريقة خلقهم قد مرت بمرحلتين فقط وهما:
1.  من تراب " خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ"
2.  كن فيكون " ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ"
ولو حاولنا مقارنة ذلك بما يحصل في طريقة خلق بقية الناس، لوجدنا الآية الكريمة التالية تصور الاختلاف بشكل لا لبس فيه:
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
لتكون مراحل خلق الناس جميعاً على النحو التالي:
  1. من تراب "مِّن تُرَابٍ"
  2. ثم من نطفة "ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ "
  3. ثم من علقة "ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ"
نتيجة كبيرة جداً: هناك من خَلْق الله من مرّ خلقه بمرحلتين فقط (كآدم وعيسى بن مريم) وهناك من مرّ خلقه بأكثر من مرحلتين "كل الناس".
سؤال: فما الفرق بين المجموعتين؟
جواب: نحن نفتري الظن أن من مرّ خلقه بمرحلتين (كآدم وعيسى بن مريم) هم من كانوا بشرا ولم يكونوا من الناس، ولكن من مرّ بأكثر من تلك المرحلتين (فقد كان من البشر ولكنه انتقل إلى مرحلة الأناسي)
لذا نحن نتشابه مع آدم وعيسى بن مريم في مرحلة البشرية مادام أننا قد خلقنا أصلاً من تراب:
  وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ
ولكننا نختلف عنهم في الإنسانية، ففي حين أننا نحن دخلنا في مرحلة الإنسانية (النطفة فالعلقة)، لم يدخل آدم وعيسى بن مريم في تلك المرحلة وبقوا بشراً (كن فيكون)، وقد جاء ذلك صريحاً عند إخبار الله الملائكة بخلق آدم:
  وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ  الحجر  28  إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ  ص 71
وجاء ذلك صريحاً في قصة خلق عيسى بن مريم:
  فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّ  مريم 17
سؤال: من يكون من البشر؟
جواب: من خلق من تراب:
  وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ
سؤال: من يكون من الناس؟
جواب: من كان له أب وأم:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)
نتيجة مفتراة خطيرة جداً: لمّا خلق الله الخلق جميعاً وأودعهم في ظهور أبائهم (آدم) ثم تناقلوا بعدها في ظهور آبائهم لم يكن عيسى بن مريم من بينهم، فهو المخلوق الوحيد الذي لم يكن في ظهر أب له. لذا جاء التشابه والمقارنة بين عيسى من جهة وآدم من جهة أخرى:
  إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)
لذا كان عيسى بن مريم بشراً ولم يصبح يوماً من الناس. وسنحاول أن نبيّن تبعات ذلك على طريقة حياة عيسى بن مريم العملية، خاصة في الطعام والشراب والحياة والوفاة والزواج وغيرها لاحقاً. ولكننا لا زلنا بحاجة أن نسهب قليلاً في التفريق بين البشر والأناسي في طبيعة الخلق وآلية الخلق.

الفرق بين البشر والأناسي
طريقة خلق البشر
تمر طريقة خلق البشر بمرحلتين فقط وهما:
1.  التراب
2.  كن فيكون
فلو بقي الخلق يتكاثرون بهذه الطريقة، لبقوا بشراً، ولما – نحن نفتري الظن- نسوا العهد الذي قطعوه على أنفسهم يوم أن خلقهم الله خلقهم الأول:
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ
وذلك ما نقصد بالتكاثر بطريقة الخلافة، فالله أراد لآدم وذريته أن يكونوا خلفاء، ولو لم يتمكن الشيطان من أن ينزع عن آدم وزوجه لباسهما لبقى التكاثر في الجنة يتم بطريقة الخلافة، ولكانت النتيجة أن بقي الخلق يتكاثرون كبشر فقط (انظر الجزء السابق من هذه المقالة هل فعلا كذب الشيطان على آدم؟ الجزء الأول).
آلية خلق البشر
لما كانت طريقة خلق البشر (كآدم وعيسى) تمت بطريقة الخلافة البشرية (من تراب ثم كن فيكون) كانت الآلية تتمثل في النفخ، فجاء النفخ جلياً في خلق آدم:
  فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ
وكذلك كان النفخ حاضراً في خلق عيسى بن مريم: 
وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ
وربما لهذا السبب يحدث النفخ في الصور يوم يعود الناس إلى ربهم بعد الموت:
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ ۚ قَوْلُهُ الْحَقُّ ۚ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ
فيخرج الناس من التراب  بشراً "بكن فيكون"، فتذهب الأنساب بينهم، فلا يعود هناك والد ولا ولد، ولكن الجميع بشر منتشر:
  فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ

طريقة خلق الأناسي
تمر طريقة خلق الأناسي مراحل ثلاث:
  1. التراب: " مِّن تُرَابٍ"
  2. النطفة: " مِن نُّطْفَةٍ"
  3. العلقة: "ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ"
فلما استطاع الشيطان أن ينزع عن آدم وزوجه لباسهما، اختلفت طريقة الخلق، فانتقلت من طور البشرية (خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) إلى طور الإنسانية (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ)، وأصبحت طريقة التكاثر هي الخلد أو الوراثة (وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ)، وأصبح ذلك المخلوق إنساناً لأنه – نحن نفتري القول- نسي العهد الذي قطعه على نفسه أمام ربه، فأخرجهم ربهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئاً:
وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
وزودنا بوسائط المعرفة (السمع والبصر والأفئدة) لنشكر ربنا، وربما لنستخدمها علنا نتذكر ذلك العهد الذي قطعناه على أنفسنا:
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ
آلية خلق الأناسي
لما كانت طريقة خلق الأناسي كافة قد انتقلت من طريقة الخلافة البشرية إلى طريقة الخلد الإنسانية، أصبح هناك اختلاف في الآلية، فلم يعد النفخ ممكنا وحل محله التزاوج الجنسي (الجماع). فأصبح هناك والد وهناك ولد:
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)
نتيجة مفتراة: لابد من التمييز بين المخلوقات التي هي بشرية خالصة (كعيسى بن مريم) والمخلوقات التي لم تعد بشرية خالصة بل كانت بشرية وأصبحت إنسانية (فهي بشرية إنسانية معاً).
سؤال: من هم المخلوقات التي كانت بشرية وأصبحت إنسانية؟ هل هم الناس أم الأناسي؟

الفرق بين الناس والأناسي
لابد من التأكيد على أن منهجيتنا تتسم على الدوام بضرورة التفريق بين الألفاظ مهما كانت متقاربة، فنحن نؤمن بضرورة التوقف عند الألفاظ دون تجويز ولا تغيير، فاللفظ مقصود بذاته لا يمكن أن يسد محله لفظ آخر مهما عظم التشابه بينهما، وسنحاول التمثيل على ذلك بالتوقف قليلاً عند مفردتي الناس والأناسي اللتان تردان في كتاب الله، وغالباً ما أشكل على العامة من مثلي التمييز بينهما، خاصة في قوله تعالى في الآيات الكريمة التالية من سورة الفرقان:
وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50)
فما الفرق بين مفردة الأناسي التي ترد في الآية 49 ومفردة الناس التي ترد في الآية 50؟
جواب: تدل الآيات الكريمة بأن الماء الذي ينزل من السماء تشربه الأناسي  (وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا) ولكن الكفر عمل يقوم به الناس (فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا)، فما الفرق إذن بين الأناسي والناس؟
رأينا: نحن نظن أن مفردة الأناسي تعني كل من خُلِق من ذكر وأنثى بغض النظر عن جنسه (مذكراً كان أم مؤنثاً أو حتى من غير أولي الإربة) وبغض النظر عن عمره، ولكن مفردة الناس تعود فقط – نحن نفتري القول- على الذين بلغوا سن التكليف من الذكور (أي الذكور البالغين المكلفين بالعبادة)
الدليل
تعرضنا في أكثر من مقالة سابقة لنا لقسط كبير من هذه الجزئية، ومع ذلك فنحن نرى الحاجة هنا ملحة لإعادة بعض الخطوط العريضة خاصة ذات الصلة بمعنى مفردة الناس التي تعرضنا لها سابقاً لنقارن ذلك بما يمكننا أن نخرج به من استنباطات جديدة حول مفردة الأناسي، ومن ثم إسقاط ذلك على المقارنة بين البشر من جهة والناس والأناسي من جهة والبشر من جهة أخرى.
أما بعد،
غالباً ما فرّقت لغات الأرض الألفاظ بناء الجنس، فيأتي الحديث مفرقا بين المذكر والمؤنث خاصة عندما ترد لفظة خاصة بالمذكر وأخرى مقابلة لها تشير إلى المؤنث كما في الآية الكريمة التالية:
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)
لتخرج الصورة على الشكل التالي:
مذكر مؤنث
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ
وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ
وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ
وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ
وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ
وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ

وهنا نتوقف لنسأل: هل يظهر التفريق بين المذكر والمؤنث في اللغة (أي لغة) دائماً على هذا النحو من التقابل الثنائي بين لفظ المذكر ولفظ المؤنث؟
حقيقة لغوية: لا يمكن أن نجد في أي لغة في الدنيا هذا التقابل متوافر لكل مفردة من مفرداتها، فأنا لا أعرف ما مذكر كلمة "نملة" في العربية، ولا أعرف مذكر كلمة شجرة (هذا إن كانت كلمة شجرة أصلاً مؤنث)، ولا أعرف مذكر كلمة طاولة ولا مؤنث كلمة كرسي، وهكذا. ولتوضيح الفكرة التي نجهد أنفسنا للوصول إليها دعنا نطرح مثلاً السؤال التالي: ما مؤنث مفردة "الكافرين"؟ فهل لمفردة الكافرين – مثلاً- مفردة مقابلة لها تستخدم لتدل على المؤنث كما الحال بالنسبة للمفردات الواردة في الجدول السابق؟
مذكر مؤنث
كافرين ؟
جواب: لو تفقدنا القرآن الكريم لما وجدنا أن مفردة الكافرين ينطبق عليها ما ينطبق على مفردة المؤمنين أو الصائمين أو القانتين أو الخاشعين كما ورد في الجدول الأول السابق. فليس هناك في كتاب الله مفردة مثل "الكافرات" كما الحال بالنسبة للمؤمنات والصائمات والمتصدقات وغيرها.
سؤال: فما مؤنث مفردة الكافرين (حسب النص القرآني)؟
رأينا: نحن نزعم الظن أن مؤنث مفردة الكافرين هي مفردة "الكوافر" كما جاء في الآية الكريمة التالية:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)
لتصبح الصورة على النحو التالي:
مذكر مؤنث
كافرين كوافر
إن مثل هذه الحالات تدفعنا إلى التفكر مليّاً بالألفاظ قبل إصدار الأحكام التي لا شك ستعاني من التشوهات متى كانت مبنية على أفهام غير سليمة يدعمها الدليل القاطع من كتاب الله. والمفردة التي نود أن نخوض فيها هنا من جانب التذكير والتأنيث هي مفردة الناس في محاولة منا لتفريقها عن مفردة الأناسي، فالمفردتان (الناس والأناسي) وردتا في الآيات الكريمة التي ذكرناها سابقاً ونعيدها هنا مرة أخرى للتركيز عليها من هذا المنظور:
  لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49)
وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50)
وقد زعمنا القول أن مفردة الناس تخص الذكور فقط بينما مفردة الأناسي فتخص الذكور والإناث معاً، ولكن قبل المضي قدماً للخوض في جانب التذكير والتأنيث للمفردتين، دعنا نطرح سؤالاً آخر يخص المفردتين، والسؤال هو: ما مفرد كلمة أناسي وما مفرد كلمة الناس؟
جواب: قد لا نختلف كثيراً في أن مفردتي الناس والأناسي تدلان على الجمع، أليس كذلك؟ فما المفرد لكل واحدة من هذه الألفاظ؟
رأينا: نحن نعتقد أن كلمة "الإنسان" هي مفرد كلمة الناس، بينما تفرد كلمة الأناسي – نحن نظن- على "إنسيا" كما في الجدول التالي:
المفرد الجمع
إنسان الناس
إنسيا الأناسي
الدليل
دعنا نقرأ الآيات الكريمة التالية التي تتحدث عن خلق الإنسان للتدليل على صحة زعمنا هذا:
  وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ  الحجر (26)
  وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ  المؤمنون (12)
الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8)  السجدة
  خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ  الرحمن (14)
ونقارن ذلك بالآيات الكريمة التي تتحدث عن خلق الناس:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ  الحج (5)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)
إن الحقيقة الصارخة التي نجدها في كتاب الله في هذا الصدد تتمثل في أنه عندما يأتي الحديث عن الخلق من طين ترد مفردة الإنسان فقط، أما عندما يأتي الحديث عن الخلق من طين فمن نطفة فمن علقة (أي الخلق من ذكر وأنثى) فترد مفردة الإنسان ومفردة الناس، لماذا؟
الإنسان (1) خلق من طين ثم كن فيكون خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ
الإنسان (2) خلق من نطفة ثم من علقه إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا
الناس خلقوا من طين ثم من نطفة ثم من علقة يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ

افتراء من عند أنفسنا: نعم، إننا نظن أن القول أن الإنسان خلق من طين هي عودة على إنسان خلق من طين فكان بشراً كحالة أدم وحالة عيسى بن مريم (وهم البشر):
  وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ  (20)
أما سلالة آدم من بعدة فقد بدأ خلقهم من طين، ولكن ذلك الخلق تحول ليصبح بعد ذلك  من سلالة من ماء مهين (وهم الناس: ومفردها أيضاً إنسان). ويظهر هذا التحول جلياً في قوله تعالى:
الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ (8)  السجدة
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13)  المؤمنون
لا شك عندنا أن هذه الآيات الكريمة التي تتحدث بشكل جلي أن خلق الإنسان من طين تثير لدينا تساؤلات كبيرة بخصوص زوج آدم (أو ما يعرف الناس باسم حواء)، فلندقق بالآية الكريمة جيداً ثم لنطرح التساؤلات حول خلق حواء، زوج آدم:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ
تساؤلات: هل خلقت حواء فعلاً من تراب؟ وهل خلقت من نطفة فعلقة فمضغة؟
رأينا: لقد حاولنا في مقالات سابقة لنا أن نثبت زعمنا بأن حواء (وجنس النساء كلهن) ليسوا من الناس أصلاً؟
الدليل
ربما لا يعرف الكثيرون أن مفردة الناس تدل أصلاً على المذكر، وتمت تعديتها لتشمل المذكر والمؤنث (أي الرجال والنساء) في كلامنا نحن أهل اللغة العربية، فأنت عندما تتحدث عن الناس في كلامك، فإنك – دون أدنى شك- تقصد الذكور والإناث معاً، والمتلقي عندما يسمع مفردة الناس يظن أن الحديث يشمل الذكور والإناث معاً، أليس كذلك؟ ولكن السؤال الذي لم نرى أن لا مناص من طرحه في أكثر من موقع لما له من تداعيات خطيرة على العقيدة هو: هل هذه التعدية صحيحة من منظور القرآن الكريم؟ هل مفردة الناس تشمل الذكور والإناث في النص القرآني؟
جواب: لقد افترينا القول في مقالات سابقة لنا أن مفردة الناس في النص القرآني لا تشمل الإناث إطلاقاً، وهي مفردة تخص البالغين المكلفين من الذكور فقط، فالنساء حسب النص القرآني – نحن نزعم الظن- ليسوا من الناس، ولكن أين الدليل على هذا الزعم؟
الدليل
نحن نرى أن هناك آيات كريمة كثيرة في كتاب الله ربما يمكن استنباط هذا الرأي منها، والقارئ الكريم مدعو لمراجعة ما جاء في مقالاتنا تحت عنوان: ثلاثية المرأة، ونكتفي هنا بتناول بعض الأدلة على عجل، قال تعالى:
زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ  آل عمران (14)
تدبر –عزيزي القارئ – مفردات الآية الكريمة جيداً، فالله سبحانه يقول "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ"، أليس كذلك؟ فمن هم الناس الذين زين لهم حب الشهوات؟ هل هم الذكور والإناث معاً؟ أم هل هم الذكور فقط؟
إن تتمة الآية الكريمة تبين لنا بما لا يدع مجالاً للشك أو التأويل أن المقصود هم الذكور فقط؟ فالله سبحانه يقول:
  زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ ...
فكيف إذاً يستقيم المعنى أن تكون المرأة شهوة للمرأة؟ فإذا كانت المرأة من الناس، فهناك مجال من التأويل أن تكون المرأة شهوة للمرأة، (كأن يصبح معنى الآية الكريمة "زين للنساء حب الشهوات من النساء") وهو ما لا يمكن أن يتقبله الفكر الإسلامي.
للخروج من هذا المأزق، نقول أن مفردة الناس لا تشمل الإناث، وعندها لا تكون النساء شهوة للنساء، وإنما النساء شهوة للناس (أي الذكور)، ولكن ذلك لا يشمل- بلا شك- الذكور جميعاً، وإنما الذكور الذين أصبحت النساء شهوة لهم، وهم بالتأكيد من بلغ الحلم، لذا نجد الدقة المتناهية في الآية الكريمة لتبين أن الشهوات للناس تشمل النساء وكذلك البنين، فالأطفال ليسوا كذلك من الناس، فالذكر يصبح من الناس متى بلغ الحلم، لذا نفهم أنّ خطاب التكليف من الله جاء موجهاً دائماً للناس، ونحن نعلم أن الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم غير مكلفين وغير معنيين بالخطاب الرباني عندما يأتي موجهاً على صيغة "يا أيها الناس":
  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ  البقرة (21)
(للتفصيل في هذا الموضوع انظر مقالاتنا السابقة في ثلاثية المرأة, جدلية الذكر والأنثى، زواج المتعة وتعدد الزوجات)
نتيجة: الناس هم البالغون من الرجال الذين أصبحت النساء شهوة لهم
سؤال: ماذا عن النساء والأطفال؟
جواب: هم جزء من الأناسي وليس الناس
سؤال: من هم الأناسي؟
جواب: هم الرجال والنساء والأطفال وهو ما يقابله في اللغة الانجليزية مثلاً مفردة people، ولكن ليس هناك في اللغة الانجليزية مفردة مشابهة لمفردة الناس الخاصة بالبالغين المكلفين من الرجال *.
سؤال: هل هناك مفردة في العربية وردت في النص القرآني تجمع الذكور والإناث معاً؟
جواب: نعم، هناك مفردة الأناسي، فالأناسي هم مجموع الذكور والإناث، ومفردها "إنسيا" وليس إنسان
الدليل:
عندما طلب زكريا آية من ربه لتكون دليلاً على حقيقة حمل زوجته وقد بلغ من الكبر عتيا، جاء قول الحق ليمنع زكريا عن الكلام مع "الناس":
قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ۖ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ۗ وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41)
قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ۚ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)
بينما عندما عادت مريم تحمل طفلها وقد وضعته بطريقة يصعب على من كان متواجداً من ذكر وأنثى تصديق تلك القصة جاء قول الحق ليمنعها عن أن تكلم "إنسيا":
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26)
ونحن نظن أنه في الوقت الذي كانت مشكلة زكريا تكمن في مقارعة الرجال (الناس)، كانت مشكلة مريم تخص الجميع من الذكور والإناث، الصبيان والبالغين على حد سواء.

وبعد هذا الشرح المطول للتفريق بين مفردتي الناس والأناسي، دعنا نعود إلى الآيتين الكريمتين السابقتين اللتان تظهران التباين في الاستخدام بين مفردة الناس ومفردة الأناسي:
وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48)
 لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49)
 وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50)
ففي حين أن الماء الذي أنزل من السماء يشربه الأناسي (الذكور والإناث البالغين وغير البالغين) إلا أن الكفر (عكس الإيمان) هو عمل يقوم به الناس (من بلغ سن التكليف من الذكور).
ولكن ما الذي يهمنا من هذا النقاش؟
إن ما يهمنا في هذا النقاش هو طبيعة الخلق وآليته، فلننظر إلى الآيات الكريمة التي تخص خلق زوج آدم حواء ما دام أننا افترينا القول أن النساء (كحواء) ليسوا من الناس أصلاً:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)
ولننظر إلى الآيات الكريمة التالية التي تتحدث عن خلق النساء بشكل عام:
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)
فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)
ألا تدل هذه الآيات الكريمة –بشكل لا لبس فيه- أن النساء قد خلقن من النفس (وليس من الطين كحالة البشر)؟ والحالة كذلك نحن لن نتوقف عن الزعم بأن النساء ليسوا من الناس وهم ليسوا من البشر كذلك.
نتائج كبيرة وخطيرة جداً
-  تم خلق آدم وعيسى بن مريم كبشر (من تراب ثم كن فيكون)
-  تم خلق النساء من أنفسنا
-  تم خلق الناس من تراب (فكانوا بشرا) وتحول خلقهم ليصبح من نطفة ثم من علقة (فكانوا أناسا)
والجدول التالي يبين تصورنا (الخاطئ بلا شك) لطبيعة الخلق:
آدم وعيسى بن مريم (بشراً) من تراب ثم كن فيكون
الناس (الذكور) (كانوا بشراً من طين أصبحوا أناسا من سلالة من ماء مهين من تراب ثم من نطفة ثم من علقة
النساء (لم يكونوا بشرا فخلقوا من أنفسنا وأصبحوا من الأناسي من سلالة من ماء مهين) من أنفسنا

إن هذه الافتراءات ستنقلنا إلى سلسلة مقالات جديدة تخص خلق عيسى بن مريم. فنسأل الله تعالى أن يأذن الإحاطة بشيء من علمه، فلا نفتري عليه الكذب، إنه نعم المولى ونعم المجيب.

9 آب  2012

وللحديث بقية
المدّكرون:  رشيد سليم الجراح
  علي محمود سالم الشرمان



* سؤال: مادام أن مفردة الناس تعني الرجال، فلم نحتاج إليها إذن؟ لم لا يكون هناك مفردة الرجال وكفى؟
جواب: لأن الرجال حسب النص القرآني على نوعين : هناك الرجال وهناك الرجال غير أولي الأربة:
وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ